You are here

قراءة كتاب آلام ظهر حادة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
آلام ظهر حادة

آلام ظهر حادة

رواية آلام ظهر حادة، للكاتب السوداني عبد الغني كرم الله؛ الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت؛ نقرأ منها:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
 كنت أشك في عقل بني آدم، هل يرى في جلدي المدبوغ أي أثر من حبيبته؟، كما أني نلت من التقديس والاهتمام ما أثار غيرة كل الأحذية بالدار، فأنا الوحيد الذي كنت أستمتع بنعمة وسحر السير مع حذاء ضامر الذيل، حلو الخطو، إيقاعه يفعل بي وبسيدي الأفاعيل· إن بني آدم ينظرون لحبيبتي بصورة حقيرة، وعادية، إنهم آثمون، فهم لا يرون ما أرى، ولا يحسون بما أحس، وبما يجري في جلدي الحزين، وحقاًالمكان أشد الظلمة يقع تحت المصباح، تحت الأرجل·
 
وهكذا تدفق نهر الحياة، عيشا رغيدا، ومن شدة حرصه عليّ جلبني لغرفة نومه، صرت عضواً من جسد الغرفة الجميلة، فقد كان يحس بمقتنياته وكأنها قطط أليفة، وسريعا ما ألفت الغرفة، وتعرفت على سكانها من الكتب والتلفزيون والدولاب والمجلات الملونة، ومذياع صغير، دائما ما يبث موسيقى كلاسيكية، وتماثيل لأبقار وحمير وسلحفاة، ولوحات كلاسيكية وصور حزينة لنساء طاعنات في السن، وكتابمذكرات حذاء سقراط وحكم من شعوب قديمة كتبت بخط الثلث، لفت نظري منهاإن امتطيت حذاء من الحديد، ثم طلبت الحقيقة، فإنك ستغدو حافياً قبل أن تبلغ حماها فرثيت للحذاء الجلدي الذي ستمتطيه الأرجل التي تسعى في طلب الحقيقة· ياترى في أي أفق بعيد تقع، في الأرض !!، أم بعد غروب شمس الحياة !!، أم في موقع غامض يحسه الإنسان بداخله !!، وحقاً اللهم أرني الأشياء كما يراها آدم وبنوه !!· وقد حفز سكني في غرفة النوم، أخواتي من الأحذية في استدراجي للحديث عما يدور فيها، ولكني لم أبح بكلمة، مثل السفنجة، والتي لم تترك له جنباً ينام عليه بما حكته لنا بما يدور في الحمام، حتى الشامة والتي تقع في موضع حساس، يكاد لا يراها لولا المرآة، لم تسلم بإخبارنا بها، وقد كدنا أن نقع على قفانا من الضحك حين قلدته وهو في خلوة الحمام· كم هو سجين بني آدم من قبل إخوته، فالحمام خلوة لحريته الفريدة، من الملابس وفضول الناس، وقد صدقت ما قالته السفنجة لأنه كان يرفع صوت الموسيقى عاليا ثم يدخل الحمام· قد تكون هناك صداقة بين التعري والرقص، ولكني، وحتى أعزيهم عن مصيرنا الباكي، حكيت ما قرأتهمذكرات حذاء سقراط، وقد ذكر جدي، حذاء سقراط، بأنه دفن مع سقراط، لأنه لازمه حتى تجرع السم، حين تنكر له الخلان، وبأن رجل سقراط كانت دافئة وحميمة، وحين تحشر بداخله يشعر وكأنها جنين لطيف بداخله· كان جدي يحس وكأنه فستان يلتف حول جسم فتاه فاتك القوام، وكأن الرجل قضيب يلج احشاءه المتعبة بالسير· كان حلو الخطو، متزن المشي، لا يؤذي أطراف حذائه، ويحدد للرجل قبل الخطو موضعها، وكان حسن المعشر، فلم يتعرض جدي في حياته الطويلة لشوكة حادة أو روث كريه·

Pages