You are here

قراءة كتاب إحداثيات الإنسان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إحداثيات الإنسان

إحداثيات الإنسان

رواية "إحداثيات الإنسان"؛ من الصعب اختصار ما تحاول هذه الرواية قوله، وهذا يعود إلى طبيعة أحداثها وخيالاتها التي تدور في السجن، بفضائه الوجودي الأوسع، ليس الزنزانة كموقع، بل كرقعة لا يمكن النظر إليها إلاّ من خلال علاقات "طوبولوجية" كثيرة ومتشابكة - مقادارية

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 6
من صفاته الجبن، لدرجة أنه إذا صَوَّتت مصارين بطنه في الليل يخلع قلبه الخوف.يدعي التصوف ويتزلَّف مكاشفي النوراني الذي
سُئل يوماً عن حقيقة تصوف المأمور فقال: إنه مؤمن عادي، لا جدال في أنه لو صَلَّى الوتر أكثر مما هو مُقَرَّر فسوف يشعر بالتميُّز
الفوري على باقي المصلّين
طُوله في قامة جذع شيطان مقطوع.دخل المسجد ذات مرة وشرع يتحدث عن حقيقة التصوف.فلم يجد أحد فقهاء الدراويش إلا الجشاء
التحتاني كتعقيب يليق بما قاله المأمور، فأطلقه مستفيضاً، ثم أعقبه بضحك مجاذيب الجشاء التحتاني والمفرقع أكثر وجاهة منه.
قابله السنجك بسعال لم يأخذ مداه بعد، إذْ لم يتخلَّص من المادة اللزجة التي تجذبه إلى داخل الحلق.تطايب الرجلان.وإنْ كان السنجك
لم يكن يسأل المأمور عن أحواله بقدر ما كان يتبرَّم منه؛ لتأتي إجابته للمأمور بضخامة وتَسَعَ أكثر من شخص: سيئون، سيئون جداً.إلا
أن المرض الكثير يجعلنا نستنتج أننا كنا ذات مرة أصِحَّاء.
خَفَضَ المأمور حاجبيه على نحو تدريجي ما جعل عينيه تغوران بصورة أعمق في محجريهما، مُدّعياً الغموض بهذه الحركة.
لن يفرغ فم الإنسان من التمني إلا إذا ملأه ترابُ القبر ودوده، يؤدي المأمور عبارته هذي بحنق وملء عينيه بلاهته التي تفشل دائماً في
أن تصير له الغموض،..
عندما يقول المأمور كلاماً من جنس المقولة السالفة يلوح في عينيه الاكتشاف والوقوف على أرض جديدة.هو أوضح رجل قابله
السنجك في حياته، كما إنَّ ادعاءه للغموض يشرحه أكثر.ربما لذلك شَرَدَ من فم السنجك ضحكٌ كالطيف، ليسأل بينما هو يتنحنح كي
تنقطع تلك المادة اللزجة،..
ما الأمر بالضبط؟،..
ليعيد المأمور ترتيب ملامح وجهه ليضعها في قالب فزورة جديدة ومتضجرة،..
هؤلاء المساجين يا السنجك.. أوفف.. لا نكاد نجيب مطالب أفواههم حتى تأتينا مطالب دبورهم،..
صمت المأمور لفترة ثم صرخ بهستريا يستحيل معها رَبْط ما سيقوله بالذي سبقه: مالها هذه الحمَّامات؟
السنجك لئيم لدرجة أن يخلع أحاسيسه بالبساطة ذاتها التي يخلع بها حذاءه، فقد خَلَع فوراً شعوره بالرثاء تجاه المأمور،..
بالذمة يا مأمور هل تَبَقَّت أصلاً حمَّامات لتسأل مالها؟،..
والمأمور ليس بوسعه أن يتمادى في مكابرته، فالروائح العفنة تبلغهما في ذلك المكتب.رائحة المخلّفات الهشَّة وهي تطفو على مياه
المجاري المسدودة، المياه التي أصبحت شِبْه طين تغطيه طبقة من زيت الخروع، تحتلَّها البقع الصفراء والبنفسجية وإلى آخر طيف
الخراء الذي تُلوِّنه الديدان،..
يتسحَّب المأمور بعيداً،..
ماذا أفعل أكثر من التسول؟ إي والله هذه مسؤولية من؟،..
قطع السنجك الإجابة للمأمور كالتذكرة المثقَّبة الكعب وناوله،..

Pages