You are here

قراءة كتاب البحر والسم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البحر والسم

البحر والسم

رواية "البحر والسم" للروائي الياباني شوساكو إندو؛ في سلسلة من الروايات الخفيفة، التي يغلب المرح على معظمها، يقدم إندو مجموعة من الشخوص، هي بوضوح شخصيات مسيحية، بمعنى أنها تعكس جوانب شتى في شخصية المسيح، وتجسد حبه· هذه الشخصيات أبعد ما تكون عن القوة أو البطو

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
مقدمة المترجم عن الانجليزية
 
ليس الروائي الياباني شوساكو إندو بالغريب على القارئ العربي، فقد سبق لنا أن تصدّينا لتعريف القارئ به في أكثر من دورية عربية واحدة، ثم عدنا في مرحلة تالية فقدمنا له ترجمتنا لأشهر أعماله، وهو رواية الصمت، وها نحن نعود لنلتقي به في عمله الماثل بين يدي القارىء: البحر والسم·
 
في تقديمنا للترجمة العربية لرواية الصمت، قمنا بمحاولة للتعريف الشامل بعالم إندو الروائي، وستتولى مقدمة المترجم عن اليابانية لهذا العمل التعريف بأبعاد رواية البحر والسم ومكانها في الإطار الكلي من أدب إندو، لكننا هنا نؤثر التشديد على مفهوم واحد نرى فيه جوهر أعمال إندو، وهو ما سبق للقاص الياباني نفسه أن أسماه مستنقع اليابان·
 
في رواية الصمت يتخذ المستنقع بعداً دينياً، فيغدو رمزاً لعجز اليابان عن تقبل مفهوم الألوهية واستيعابه على نحو ما تطرحه الديانة المسيحية، وفي فقرة محورية من العمل يقال للبطل صراحة إن ما ألحق الهزيمة به لم يكن خصومه، ولا إرادته هو نفسه، وإنما مستنقع اليابان، فكل الجذور التي تغرس فيه تتحلل، تذوي، تموت·
 
هذا البعد ذاته يتكرر في مسرحية البلاد الذهبية التي قدم فيها إندو تصوراً موازياً لما قدمه في رواية الصمت· في هذه المسرحية يقول مسؤول ياباني لبطل الصمت نفسه: لكن المستنقع له أيضاً جوانبه الطيبة، وليتك تسلم نفسك لدفئه المريح، إن تعاليم المسيح تشبه اللهب، وهي شأن اللهب تضرم النار في الانسان، لكن الدفء الخدر لليابان يبعث النعاس في الأطراف·
 
ومفهوم المستنقع، الذي يشبّه إندو في إطاره اليابان بمستنقع هائل، يمتص كل ما يأتي من خارجه، فيغيره ويحيله إلى جزء من ذاته، يأخذ في البحر والسم بُعداً أخلاقياً، هو في الواقع امتداد للبعد الديني الموجود في الصمت· ونحن نرى المستنقع عند أكثر مستوياته براءة في المريض الفضولي، الذي يصحبنا في مطلع هذا العمل· إنه موظف بسيط، يسعى إلى نوع عادي من السعادة، كما يحدثنا هو، ولا ينشد إلاّ طفلاً، وداراً صغيرة في الضواحي، وعملاً متواضعاً، وصحة وارفة الظلال، أو كما يقول هو: قليل من السعادة العادية· لكن هذا المطلب وذلك النوع من السعادة هو بالضبط ما ينشده أولئك الذين سنصادفهم تحت عنوان المتهمـون، الذين قاموا بعملية تشريح الأسرى الأحياء، هكذا فإن إندو في الواقع يفترض ضمناً أن الفارق الوحيد بين المريض الفضولي البريء والقائمين بتشريح الأحياء، والملايين الذين يشبهون المريض الفضولي لا يعدو أن يكون فارقاً في الظروف·
 
لا يترك إندو موضوعة المستنقع عند هذا الحد، لكنه يمضي في تطويرها عبر سلسلة من الروايات والقصص الأخرى، لم يقدر لها حتى الآن أن تترجم عن اليابانية، ولعل أبرز هذه القصص الرجل الأصفر، وفيها يقول أحد الشخوص عن نفسه: إن رجلاً أصفر مثلي لم يعايش قط شيئاً عميقاً ومتطرفاً كالوعي بالخطيئة، الذي تعايشونه أنتم معشر الرجال البيض، وكل ما نعرفه هو إعياء، إعياء عميق، تعب غائم في لون جلدي يغوص بعيداً، ثقيلاً، واهناً·

Pages