الدر المنثور من تراث أهل البيت والصحابة:
You are here
قراءة كتاب الدر المنثور من تراث أهل البيت والصحابة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

الدر المنثور من تراث أهل البيت والصحابة
الصفحة رقم: 2
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته واهتدى بهديه إلى يوم الدين.. وبعد
فإن هذا البحث التجميعي المتواضع، هو محاولة هادفة لوضع عدد من الروايات المنيرة المختارة التي حاولنا جمعها من الكتب الأصيلة والمعتبرة من كتب الشيعة الإمامية، بين يدي القارئ الكريم، لتشكل في مجموعها، صورة فنية رائعة للود والأخوة والعلاقات الطيبة التي كانت تحكم الجيل النبوي الشريف وعلى رأسهم أهل البيت وكبار الصحابة، وتم التركيز في اختيار الروايات على العلاقة بين الخلفاء الراشدين وأحفادهم من جهة والبيت النبوي الشريف من جهة أخرى. وقبل الاسترسال في أثر هذه الروايات الطيبة وأمثالها، نود أن نؤكد حقيقة مهمة في النظرة إلى التسنن والتـشيع الأصيل، والتي قـد تعـبر عـن وجـهة نظـر الكثـير مـن العلمـاء والمفكرين الإسلاميين اليوم، ونخص منهم بالدرجة الأولى دعاة الوحدة والتقريب الربّاني، إذ أن جوهر التسنن والتشيع في حقيقة الأمر واحد، وانهما فرعا الشجرة المباركة، شجرة الإسلام العظيم، وانهما وجهان لعملة واحدة، وان الخلاف بينهما – في الأصل – شكلي ومصطنع، كما إننا يمكننا القول دون مجازفة أو تردد، أن جلّ الخلاف قد ظهر بعد منتصف القرن الثالث الهجري، ثم تأصل في العهد البويهي العباسي، ثم استحكم في العصور المتأخرة، وبالذات بعد تبني المكفّرات والأفكار الطائفية المغالية ونشرها في مطلع العصر الصفوي، وانتشار الاضطهاد الديني والصراع الطائفي بين الصفويين والعثمانيين في القرون الأخيرة. لذا فأننا كلّما توغلنا في القدم والعودة إلى عصور الإسلام الأولى وقرون الخيرية في عصر النبوة وما تلاه، نجد التطابق والتماثل بين التشيع العلوي الأصيل والتسنن النبوي الأصيل. لذا فانه من البديهي للباحث أن يجد أنه ليس من الصعب جمع الروايات المنيرة والأخبار المباركة كلما رجعنا إلى المصادر الإسلامية الأصيلة والقديمة التي سبقت الصراع الطائفي بين المسلمين في عصور الانحطاط والطائفية، وإننا نستطيع القول بأن هذه الروايات المختارة التي تم جمعها من الكتب الإمامية المعروفة، هي أقباس منيرة من تراث الآل والأصحاب، لا ندري كيف غفل عنها بعض المسلمين فابتعدوا عن عقيدة حب الآل والأصحاب وعن منهج القرآن الكريم في المحبة والأخوة والتعايش البنّاء الذي يريده اللّه لعباده، ومع ذلك فقد اتضح لكل ذي لب من المسلمين المؤمنين أن حبل الكذب قصير، ودور الغلو محدود في صناعة الحياة الطيبة بين الناس، بعد الدور المشبوه للبعض في إثارة الحقد والخصومة الطائفية بين أتباع المذاهب الإسلامية، فتصدى العديد من الكتاب والمؤرخين والعلماء لكشف اللثام عن ذلك الدر المكنون من تراث الآل والأصحاب في التراث الإسلامي، وسيلمس القارئ في تلك الروايات المنيرة التي يشهد بها علماء الإمامية سواء المعتدلون منهم أم المتشددون- وحتى المتأخرين منهم - ما تقرّ به عينه، ويؤكد له عمق الصلة بين أهل البيت لاسيما أئمتهم والخلفاء الراشدين وغيرهم من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان، مما يدفعنا -اضطرارا- لإعادة النظر في روايات التكفير والتحريف والسب والطعن وروايات الغلو والتأليه والشطح والانحراف والتراث الأسطوري والخرافي التي تعج بها كتب الغلاة والمتعصبين وأشباههم، ويدفعنا للمحاولة الجادة لاستبعاد ذلك الركام الأسود الذي يدعو إلى سب الصحابة وافتراض العداوة بين أركان جيل النبوة، واحتقار تاريخنا المجيد والمضي في شطط الغلو والخصومة بين المسلمين، لذلك كان هذا المنهج القرآني في عرض الصورة المشرقة لمجتمع الآل والأصحاب ومن تبعهم بإحسان يرتبط ارتباطاً جدلياً بمنهج التصحيح والتقريب وإعادة النظر في التراث الإسلامي الذي يشتمل على روايات مدسوسة وبدع ومنكرات مفضوحة وضعت لهدم الدين والعقيدة ونشر الفرقة والتناحر بين المسلمين وتبرير منهج الصراع والقتل والتكفير، بجانب الروايات المضيئة التي يألفها الحس الإسلامي المؤمن والذوق الإنساني السليم، وتتفق تماما مع روح القرآن الكريم والهدي النبوي الشريف، ويمكننا- علماء ودعاة ومثقفون وقراء مؤمنون- الاستعانة في تشخيص التراث المدسوس ومحاولة استبعاده-بعد التوكل على الله سبحانه- بعلم الجرح والتعديل وتراجم الرجال لدى الفريقين، لتحديد الروايات الساقطة ووفق المنهج العلمي أيضاً، فتتظافر حين ذاك النظرة القرآنية والعلمية لدراسة النصوص والروايات مع النظرة الإيمانية والأخلاقية التي تنسجم مع الذوق الإسلامي والقرآني لاستخراج التراث المنير والدر المنثور في ذلك البحر الزاخر من تراثنا العظيم( )..
قال تعالى:
فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض( ).
نسأله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، خدمة لديننا الحنيف، وتوحيداً للصفوف والجهود..
واللّه الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
1 المحرم 1419هـ