You are here

قراءة كتاب آخر المطاف سيرة وذكريات

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
آخر المطاف سيرة وذكريات

آخر المطاف سيرة وذكريات

آخر المطاف

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
المؤلف:
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 5
وفي هذه السنة وقع حادث هز الشعب العراقي وهو مقتل الملك الشاب (غازي), ولازلت أذكر ذلك اليوم ونحن جلوس في الصف, ويدرسنا المعلم ماجد محمد خالد القيسي (رحمه الله) أخو الدكتور عبد الرحمن القيسي وزير التربية أيام حكم عبد الرحمن عارف, وهو استاذ جامعي مرموق, وصاحب ميول عربية اسلامية, فجاء طالب أكبر سنا منا اسمه سعد الله البيار, الذي أصبح فيما بعد ضابط شرطة في المرور, ومدير شرطة المرور في بغداد, فأخبر المعلم ماجداً بنبأ مقتل الملك غازي, ولما عمّ الخبر المدرسة خرج المعلمون والطلاب في مظاهرة عفوية إلى الشارع, وخرجت جماهير الرمادي كلها وهي تبكي وتندب, وتهتف بشعارات كثيرة, أذكر منها هذا الشعار (مات الاسد) ويعنون الملك فيصل الأول (وابن الاسد) ويعنون الملك غازي (ظل الشبل يحمينا) ويعنون الملك فيصل الثاني الذي لم يكن عمره يتجاوز الرابعة. وقد عمت الأحزان جميع أنحاء العراق بل امتدت إلى دول الجوار ولاسيما سورية.
 
نشأتُ يتيما وأحطت برعاية والدتي وأضطررت أن أعمل وأنا طالب, ومارست أعمالا كثيرة على الرغم من صغر سني, فقد مررنا بأيام صعبة, فكنت أستيقظ قبل الشمس وأذهب إلى مخبزالجرك(الكعك), وآخذ منه كمية أحملها في طبق على رأسي وأتجول في المقاهي والحارات, وكان صاحب المخبز يعطينا 10% مما نبيع, واشتغلت عامل بناء ولاسيما في العطل الصيفية, واشتغلت في بيع المرطبات ويومها كان هناك شراب يسمى (السيفون), ولا أدري ما تعني هذه اللفظة, يعبأ بقناني تشبه قناني الببسي الآن, وكنت في بعض الأحيان أبيع بعض الحاجات المنزلية الخفيفة, وأحملها في زنبيل كبير وأتجول في الحارات, وكنا نسكن في غرفة مع أسرة معروفة في الرمادي, وفي مرة من المرات لم تستطع والدتي أن تدفع إيجار الغرفة, وكان مبلغ سبعمائة وخمسين فلسا ,فأخذت صاحبة البيت بدل ذلك قدراً من قدورنا, وكانت والدتي وجدتي لأمي تملكان دارا في وسط الرمادي, وهي دار واسعة بالنسبة إلى بيوت الرمادي, ويأخذون إيجار هذه الدار, وكان ستة دنانير وهو مبلغ كبير يتقاسمنه بينهما, ولما إضطر بيت جدي لأمي إلى الإنتقال من الريف إلى الرمادي, بعد أن فقد جدي بصره, وأصبح لا يستطيع أن يعمل فسكنا جميعا في بيت واحد, وكنا نتقاسم الايجار بيت جدي وأخوالي ونحن, وفي بعض الأحيان يصيب كل منا ربع دينار فقط, ومجموع إيجار البيت دينار واحد و كانت المعيشة سهلة على الرغم من الفقر الذي يعاني منه أغلب أبناء الشعب, وكانت الموارد ضعيفة والأسعار متدنية, فراتب المعلم أقل من عشرين ديناراً, وراتب الشرطي ستة دنانير, وإذا كان الشرطي من صنف الخيالة يدفع لحصانه راتب قدره سبعة دنانير شهريا, تكلفة رعاية وعلف الحصان وهو اكثر من راتبه .وفي سنة 1941 حدثت ثورة رشيد عالي الكيلاني والعقداء الأربعة وتمركز جزء من الجيش العراقي في بساتين الرمادي, فأقلعت طائرات من مطار الحبانية, وقصفت مدينة الرمادي وأوقعت ضحايا قليلة وأصابت محطة البنزين فشبت بها النار كما هاجمت المحلات التجارية, فأضطرأهل الرمادي إلى النزوح إما إلى الريف أوإلى مدينة هيت فتوجهنا مع مجموعة من أسر أقربائنا صوب هيت, ومكثنا هناك شهراً ثم عدنا إلى الرمادي .

Pages