كتاب "علم النفس والمخابرات"؛ تهدف المحاولة البحثية بصورة محددة دراسة العالم السري لتطبيقات علم النفس الكبرى في مجال المخابرات· وأنه لأمر مشروع بالإدلاء بشهادة عن حسن أو سوء توظيف علم النفس· إن البحث في هذا المجال الغامض أو السري قد يثير تساؤل البعض: ما هي ع
You are here
قراءة كتاب علم النفس والمخابرات
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 8
وفي ألمانيا ، تمت دراسة علم النفس المناسب والذي يتطابق مع المشاريع الاستعمارية مباشرة بعد انفصال علم النفس عن الفلسفة عام 9 7 8 1· ولقد ركزت بعض الأبحاث السيكولوجية المبكرة على توظيف الإمبراطورية الألمانية لعلم النفس وخاصة علم نفس الأعراق البشرية (بروبست ، 6 9 9 1) · وعندما انتقدت سياسة ألمانيا في المستعمرات ، حاول السكرتير الاستعماري للدولة إحداث إصلاح من خلال استخدام وسائل محافظة أكثر من الوسائل المدمرة (قروندر ، 5 8 9 1) ، وتبعا لذلك تم اعتبار العلوم ، وخاصة علم النفس أدوات صالحة للتحكم لا يستطيع الفرد عمل أي شيء من غير أن يدرس خصوصية اللغات في المستعمرات ، أو يدرس سيكولوجية السكان المحليين (ديرنبيرج ، 2 1 9 1) · وقد أريد لعلم نفس أعراق الشعوب أن يكون جزءا من مناهج المعهد الاستعماري في هامبورج الذي تم تأسيسه عام 8 0 9 1 والذي يقوم بتدريب رجال الخدمة المدنية ورجال الأعمال الذين يعملون في المستعمرات (هاملتون ، 1 1 9 1) ·
واستخدم مفهوما علم النفس الشعبي ، وعلم نفس الأعراق البشرية تكرارا ومرارا في هذه الفترة الزمنية ، ومجال اهتمام هذين العلمين هو علم النفس و علم الأعراق · وكلهما تأسسا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، وهي فترة متزامنة مع بداية الاستعمار · وهناك عالمان ساهما مساهمة كبيرة في تطوير علم الأعراق البشرية هما فونت وثورنديك· واعتبرت مساهمة فونت في علم نفس الأعراق بأنها تمثل خلفية معرفية هامة تساعد رجال الخدمة المدنية في فهم أفضل لعقلية السكان المحليين في المستعمرات · أما علم نفس الأعراق البشرية الذي أسسه ثورنديك فإنه يهتم بدراسة العلاقات الوظيفية بين الفرد وإطاره الثقافي الاجتماعي، واعتمد ذلك العلم على منهج الملاحظة والمسوح التي أجريت في الثقافات الأجنبية (المستعمرات) · وتبعا لذلك فقد تم تطوير مجموعة كبيرة من المقاييس النفسية في معهد برلين لعلم النفس التطبيقي لاستخدامها في دراسة الشعوب البدائية·
ولقد صمم مشروع دراسة الشعوب البدائية أساسا لأغراض البحث التي يقوم بها المكتشفون في المستعمرات وكذلك بالنسبة للمبشرين والمعلمين ورجال الخدمة المدنية والأطباء الذين يعملون في المستعمرات· وشمل مقياس الشعوب البدائية مجالات واسعة من الوظائف السيكولوجية مثل الإدراك ، والذكاء ، والعلاقات الاجتماعية ، والقيم وغيرها· وتبعا لذلك فقد تم توظيف علم النفس كأداة فعالة لتوظيف طاقة العمال في المستعمرات وقاد ذلك التوظيف إلى الاستفادة من قوة كل عرق بشري حسب قدرته وهذه هي المنظومة الجديدة التي أدخلها الاقتصاد الأوربي من خلال التحكم في عضلات السكان المحليين في المستعمرات (بروبست ، 6 9 9 1) · وصورة السكان المحليين في المخيال الغربي هي صورة الإنسان الكسول الذي يحتاج لعملية تعزيز أكبر لتفجير طاقته لعضلية · وتعبر دراسة العطاس (7 7 9 1، سعيد ، 7 9 9 1) الممتازة عن : أسطورة الأصلاني الكسول : وهي دراسة لصورة الماليزيين ، والفلبينيين ، والجاويين من القرن السادس عشر إلى القرن العشرين ووظيفتها في عقائد الرأسمالية الاستعمارية وهي تعبر عن صورة الانسان في المخيال الغربي·
وبإمكان كل عالم نفس أن يلاحظ الآن أن هناك علمين للنفس في ألمانيا انعكسا في معملين متقابلين : معمل حديث أنشأ في مدينة لايبزج عام 9 7 8 1 في السنة التي انفصل فيها علم النفس عن الفلسفة واختص هذا المعمل بالمساهمة الأولى لفونت في علم النفس التجريبي أو علم النفس البحت · وأرجو ألا يفهم بشكل خاطئ إذا قلت أن هذا المعمل ارتبط بالإنسان الغربي أو الإنسان في أوربا أو الانسان المتحضر · وربما يتوجب علي أن أضيف بأن هناك معملا آخر لعلم النفس الشعبي ، أو علم النفس الفلكلوري ، أو علم نفس أعراق الشعوب وكان في المعهد الاستعماري في هامبورج الذي أنشئ عام 8 0 9 1· واختص بالمساهمة الأخيرة لفونت في علم النفس الشعبي ، التي تم توظيفها بفعالية لخدمة الأهداف الاستعمارية · واختص هذا المعهد بالشعوب البدائية في المجتمعات غير الغربية · وساهم علم النفس مساهمة كبيرة في إشعال وقود الاستعمار وفيما بعد الامبريالية أوالتلاعب التحكمي كما يعبر ادوارد سعيد· ويفهم من ذلك بأن علم النفس كانت بواعثه استعمارية منذ مرحلة تاريخية مبكرة· ويمكن التساؤل هل أن علم النفس مهد لتدعيم الاستعمار؟ أم أن الاستعمار مهد لتدعيم علم النفس؟ فيا ترى أيهما السبب؟ وأيهما العرض؟ ومهما كانت الإجابة فإن فونت ليس هو أول من قام ببناء معمل لعلم النفس في تاريخ علم النفس كافة فحسب إنما هو أول من سن مخالب حادة لعلم النفس·