مررت خلال حياتي منذ أن كنت طفلاً في الثلاثينات من القرن الماضي وحتى يومنا هذا، بأحداث وحروب وظروف قاهرة ومعاناة عشتها وواكبتها فرأيت من واجبي تجاه وطني وشعبي أن يطلع علهيا العراقيون عامة، والشباب خاصة· أحداثاً أصبحت جزءاً من تاريخنا لما لها من تأثير على مجر
قراءة كتاب نبضات الذاكرة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
3- حركة رشيد عالي الكيلاني عام 1941
كنت في الصف الخامس الإبتدائي عندما هاجم الجيش البريطاني، المرابط في معسكر الحبانية، الجيش العراقي المرابط في محيط الفلوجه بعد أن رفض رشيد عالي الكيلاني السماح للجيش البريطاني بالبقاء في القاعدتين العسكريتين في الحبانية في الأنبار والشعيبة في البصره بموجب المعاهدة العراقية البريطانية والتي تسمح لهم بإستعمال القاعدتين أثناء الحروب وذلك بالمرور فقط· كان الإنكليز يضغطون على الأمير عبدالإله لاقالة رشيد عالي الكيلاني لكونه ضد سياسة بريطانيا في المنطقة ويبغون دفع العراق الى قطع العلاقات الدبلوماسية مع دول المحور ألمانيا وإيطاليا وإقحام العراق في الحرب· لكن قواد الجيش لم يرغبوا في أن يكون موقف العراق موالياً لبريطانيا· بسبب موقف الجيش هذا ترك الأمير عبدالإله بغداد إلى البصره ثم تركها على بارجة بريطانية في الخليج·
اجتمع مجلس النواب وانتخب الشريف شرف وصياً على العرش، بسبب ترك الأمير عبدالإله العراق بدون موافقة الحكومة وكلف رشيد عالي الكيلاني بتشكيل الوزارة· أصر ضباط الجيش على اشتراك الوالد بالوزارة على الرغم من اعتذاره لرشيد عالي في الاشتراك· لكن إصرار الجيش العراقي في مواجهة الجيش البريطاني في حرب غير متكافئة وهو في حالة حرب مع ألمانيا أدى الى الصدام· قاوم الجيش العراقي هذا الجيش الكبير لمدة شهر وبالرغم من ذلك دحر الجيش العراقي ودخل الإنكليز بغداد وهرب قادة الجيش ورئيس الوزراء والوزراء وتوجهوا إلى إيران عبر الحدود المشتركة·
كان الوالد من ضمنهم وكنا جميعاً والدي ووالدتي وأخوتي وأنا في سيارتنا في طريقنا إلى طهران· كانت هذه التجربة كبيرة لي وأنا في هذه السن وبقينا في إيران لمدة ثلاثة أشهر· وعندما قرر الإنكليز من الغرب والروس من الشمال بالهجوم على إيران وإسقاط نظام الشاه رضا بهلوى، بسبب موقفه المؤيد للعراق والمعارض لبريطانيا، قرر الوالد ألا يزجنا في هذا المأزق، فرافقنا إلى الحدود العراقية الإيرانية وعدنا مع والدتي إلى العراق بسيارتنا الخاصة، وعاد هو إلى طهران بسيارة أجرة·
عند عودتنا إلى العراق واجهتنا مضايقات من السلطات البريطانيه حيث أجبرنا على ترك دارنا في الوزيرية واحتلت الدار من قبل القوات البولونية المرافقة للقوات البريطانية وحجزت أموالنا المنقولة وغيرالمنقولة وحتى تقاعد الوالد· عانينا كثيرا مادياً ومعنوياً· كذلك كان الحال بالنسبة للوالد اذ انه عندما دخل الإنكليز طهران اعتقل مع بقية الوزراء والضباط ونقلوا إلى الأحواز، ثم بسفينة بريطانية إلى روديسيا الجنوبية (زمبابوي) حيث نفيوا هناك في معسكر للإعتقال· بقوا في تلك البلاد حتى نهاية عام 1944 ثم نقلوا إلى العراق· حوكموا أمام المجلس العرفي العسكري وحكم على الوالد بالسجن لمدة سنتين وهكذا دفع الوالد ست سنوات من حياته في النفي والسجن.