إنها الأديبة الأميركية الفائزة بجائزة نوبل العالمية للآداب.
عرفت الروائية الشهيرة بيرل بك بقصصها ذات الطابع الصيني الآسيوي. ذلك أنها ترعرعت وعاشت أول عهدها بالكتابة، في الصين.
You are here
قراءة كتاب الأرض الطيبة - بيرل بَك
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الأرض الطيبة - بيرل بَك
الصفحة رقم: 4
في أيام الأعياد التي لم تكن تتجاوز في جملتها حوالي عشرة أيام في العام كله، ثم فك - بأصابع سريعة الحركة - ضفيرة الشعر الطويلة المدلاة على ظهره، وتناول من درج المنضدة الصغيرة المتأرجحة مشطاً من الخشب وشرع يمشط شعره.
واقترب أبوه مرة أخرى، ووضع فمه في ثقب الباب وقال متضجراً، «ألن أحظى بغذاء اليوم؟ إن العظام تكون - في مثل سني - لينة كالماء في الصباح حتى يتاح لها الغذاء».
وأجاب وانغ لنغ، وهو يجدل شعره بسرعة وخفة، ها أنا ذا قادم.
وما لبث أن خلع عباءته الطويلة - بعد لحظة - ثم خرج حاملاً برميل الماء.
وكان قد نسي الإفطار تماماً، وتذكر أن عليه أن يقلب بعض الحنطة في قليل من الماء ثم يقدمها طعاماً لوالده، أما هو، فلم يكن راغباً في الأكل. وسار بالبرميل مترنحاً إلى العتبة، ثم سكب الماء على أقرب قطعة أرض إلى الباب. وفيما كان يفعل هذا، تذكر أنه استخدم في اغتساله جميع الماء الساخن الذي كان في القدر، وأن عليه أن يشعل النار من جديد فانتابته موجة من الغضب على أبيه، وتمتم في فوّهة الفرن، «إن هذا المخ العتيق لا يفكر في غير طعامه وشرابه».. ولكنه لم يقل شيئاً بصوت عالٍ، فقد كان هذا آخر صباح يعد فيه طعاماً للشيخ، وسكب في القدر قليلاً من الماء، سرعان ما غلى، وقلب الحنطة فيه، ثم حمله إلى الشيخ، وقال: سنتعشى الليلة أرزاً يا أبتاه.
فقال الأب لم يبق في السلة سوى قدر قليل من الأرز.
وقال وانغ لنغ: «إذن، فسنقتضب من القدر الذي اعتدنا تناوله في عيد الربيع» ولكن الشيخ لم يسمع هذا القول لأنه كان يرتشف الطعام من الوعاء بصوت مرتفع.
وإذ ذاك ذهب وانغ لنغ إلى غرفته، وارتدى عباءته الطويلة الزرقاء. ألم يكن يجدر به أن يعيد حلاقة شعره؟.. وبوسعه أن يمر بشارع الحلاقين ليحلق قبل أن يذهب إلى الدار التي كانت المرأة تنتظره فيها. إذا كانت لديه نقود فسيفعل ذلك.
وأخرج من حزامه كيساً صغيراً من قماش رمادي اللون متسخ بالدهن، وعدّ ما فيه من مال، فوجد هناك ستة ريالات فضية وحفنتين من العملة النحاسية ولم يكن قد أبلغ والده بعد أنه دعا بعض أصدقائه إلى العشاء في تلك الليلة.
فقد دعا ابن عمه الشاب ودعا عمه إكراماً لخاطر والده، كما دعا جيرانه. وترك الشيخ دون أن ينبس ببنت شفة، وخرج ليستقبل تباشير الصباح، وبرغم عتمة الفجر المحمرة، وطغت غريزة الفلاحة على وانغ لنغ برهة، فانحنى وأخذ يفحص السنابل وكانت لا تزال فارغة تنتظر المطر. كان ثمة مطر متوقع، في الغيوم الداكنة وقرر أن يشتري عوداً من البخور ليضعه في المعبد الصغير لرب الأرض، فهذا ما يجب أن يفعله في يوم كهذا.