هذه صور ومواقف من تاريخنا؛ تاريخ العرب والمسلمين مواقف بطولية وغيرها متخاذلة لقادة وزعماء ونساء ورجالاًَ مروا بتاريخ هذه الأمة وسجل التاريخ ما عملوا وقدموا لأمتهم ووطنهم، لينالوا ثناء وتمجيد الأجيال التي لحقتهم أو لعنتها بسبب ما قدمت أيديهم.
You are here
قراءة كتاب شخصيات وأحداث
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
كيف وقع حادث السيارة:
يقول أحد الذين كانوا يرافقون الملك في سيارته وبقي حياً حيث أصيب بكسر في يده يقول:عند عودة جلالة الملك من قصر الحارثية إلى قصر الزهور أدار محرك السيارة وانطلق بسرعة كبيرة كما هي عادته دائماً فكان أن اصطدمت السيارة بعمود كهربائي فاستدارت حول نفسها ووقفت من شدة الصدمة وكان الباب قد انفتح وأغلق ثانية على يد أحد المرافقين الذي لم يفق من شدة الألم إلا على منظر الملك غازي الذي كان جالساً في مقعد القيادة وعمود الكهرباء ملقىً على رأسه والدم ينزف منه، وكان هنالك شخص آخر من الحرس لم يصب بسوء، وهرع المرافق وأبلغ عن الحادث وعن كل شيء شاهده بعينه.
أما الطبيب ستورسن – طبيب العائلة المالكة – فيقول في مذكراته: كنت أستمتع بعد العشاء بالحديث في حديقة جاري (وليم هوستن) حين أقبل خادمنا الهندي (يوسف) راكضاً نحوي وهو في حالة فزع قائلاً: رفيق، رفيق إن القصر يريدك على جناح السرعة وإنهم ما يزالون على الهاتف، فأسرعت ولم أستطع التقاط إلا بعض الكلمات "الملك، السيارة "، وكانت هذه الكلمات كافية للإشارة إلى أن الملك كان ضحية حادث سيارة، فهيأت نفسي للالتحاق بمكان الحادث بعد أن أخبرت زوجتي " الزي" بأن تطلب الدكتور "نويل براهام" هاتفياً وتخبره بالموضوع على أن يتبعني إلى قصر الزهور بالسرعة الممكنة، وفي الحال وصلت سيارة القصر الذي طلب مني سائقها أن أصعد فيها، وهكذا انطلقنا نحو القصر وحالما وصلت استغربت من وجود الظلام الذي ساد المنطقة وحين سألت عن السبب جاءني الجواب: إن الحادث الذي وقع للملك قد قطع التيار الكهربائي أيضاً لم يكن لدي وقت للأسئلة فذهبت مسرعاً إلى غرفة كبيرة في الطابق الأرضي وشاهدت الملك مسجىً فاقد الوعي وقد لف رأسه الملقى على الوسادة وكذلك الجزء الأعلى من وجهه بضماد غارق بالدم.
كان يحيط به كل من الملكة عالية زوجته وآخرين من أفراد الأسرة المالكة وأحد المرافقين، ومن ورائهم حشد من التابعين وجمع من الخدم الباكين وقد تم صرفهم في الحال. كان الملك نبضه ضعيفا، وكانت نظرة واحدة إلى جمجمة رأسه تكفي للتأكد من استحالة بقائه على قيد الحياة سوى ساعات قليلة فقد تحطمت الجمجمة وغاصت قطع منها في دماغه. وقد لاحظت أن الملكة عالية محافظة على رباطة جأشها وهدوءها وقالت لي متوسلة " أريد أن أعرف الحقيقة لأنه إذا مات غازي لا بد من تعيين وصي " وحينما صارحتها بالأمر طلبت إلي أن أعطيه إبرة لكي يصحو ويقول إنه يرغب بتخويل عبد الإله على وصاية العرش ما دام فيصل الثاني لم يبلغ سن الرشد، وقد نفذت ما طلبت مني رغم قناعتي بعدم جدواه. كانت الملكة جريئة جداً وما كان يزيد محنتها سوى بكاء أفراد الأسرة والحاشية فطلبت أن تغلق الأبواب وأن توضع حراسة على كل باب منها، كما طلبت من المرافق لأقدم أن يتصل برئيس الوزراء نوري السعيد ليطلعه على الحالة ويستدعي أيضاً الدكتور صائب شوكت مساعد الدكتور براهام أستاذ الجراحة إلى القصر حالاً وقد تعمدت في استدعاء طبيب عراقي خشية أن يتهموني أنا والدكتور براهام بمسؤوليتنا عن وفاة الملك غازي.