رواية "أزهى ايام العمر" للاديب موسى فهد شنك، عالج فيها موضوعات تهم افراد المجتمع، وخاصة الشباب باسلوب فني مشوق، الرواية صدرت عن دار المأمون للنشر والتوزيع، بقراءة الرواية يتذوق القارئ طعم التفاؤل من لهفة بنت السابعة عشرة، التي تدفعها الرغبة لتحقيق امانيها ا
قراءة كتاب أزهى أيام العمر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
توقف الحديث بينهم حالما جلست وكأن المهمة لا يتم انجازها إلا بالصمت. لا لن أنتظر نتيجة صمتهم، ولن انتتظر سماع الكلمات الجافة تخرج من أفواهم بلا معنى، فتعلن نتيجةً لا أرضى عنها أو تظهر على وجوهم ملامح فشل مهمتهم، فتلك غاية ما أرجوه..
وأخذ العريس وكل من جاء معه، يرمقونني بنظرات فاحصة، وأنا متقوقعة على نفسي قبالبتهم، أتخذ من خجلي وارتباكي دثاراً يحمي ضعفي، فبدوت في نظري ضئيلةً جداً، صغيرةً على مقابلة العرسان، ولا أبدو في هذا المظهر الذي نتج عن مزيج من المساحيق، لونت بها وجهي بطريقة تدعو للسخرية، لا أبدو على مستوى تلك الدرجة من الجمال، الذي يتوق إليه فارس الأحلام.
فاحتقرت تلك التقاليد التي تدفع بالإنسان للتخلي عن كرامته، عندما يجعل من نفسه تمثالاً يشبع نهم الفضوليين. وأيقنت يومها أننا ما زلنا نعيش عصور الظلام، وأن أسواق الرقيق مازالت قائمة، ولافرق بيني في موقفي هذا وبين الجواري، يعرضن مفاتنهن على التجار في أسواق النخاسة...
ثارت انفعالات وجهي عندما أيقنت أن عيونهم لا ترحم خجلي، بل تمعن بانجاز المهمة التي حضروا من أجلها بعناية شديدة، ليدونوا في كشف الدرجات، مقياس النجاح من الفشل... وعادت علامات الإستفهام الغامضة، ترسم أمام عيني خطوطاً رمادية تحجب الرؤية...
راقبت العريس وهو يسترق النظر خلسة الى وجهي، وتنزلق عيناه نحو صدري، ويتوقف بصره عند قمة نهدي، ثم ينتقل الى ساقي، يمتص اللذة من تجوال عينيه إثناء رحلة في منطقة محرمة كُتب عليها بجميع لغات العالم ممنوع التجسس... لكنه عريس ويحق له في هذا الموقف ما لا يحق لغيره، كي يسعد فتلاقي نشوة روحه القبول أو تصطدم بالرفض.
إذ ليس من حق أحد أن يحاسبه على النتائج في هذه المناسبة، فهو صاحب القرار... فاحمر جبينه ونصع بياض عينيه عندما كشفت أمره... اغتصب ابتسامة تعبر عن تلك الرغبة التي دفعته للحضور الى هذا البيت.
فشعرت أنه يتلذذ بشيئ ليس من حقه التمتع به، فأنا
لا أؤمن بهذا الحق العفوي، ولا أعترف بهذا الواقع الملموس الذي جمعنا في موعد غير مناسب. فكان أن رحمني الله،
ولطف بحالي، وصرف أولئك الغرباء، بعد أن شربوا قهوة "عدم الرضا".
وانصرفوا دون أن يحققوا رغبةً في نفوسهم..، تلك الرغبة التي تفرح والدتي، وتشعرها بأنها قدمت إليهم، زهرةً سهرت الليالي، ترعاها وتعدها لمثل هذا اللقاء. وفي النهاية خاب أملها.
لم تستغرق زيارتهم وقتاً كبيراً، فقد كان الجو مملاً والحديث تافهاً ثقيل الظل... تساءلت وأنا أجلس بينهم، أيكون الشباب في معظمهم مثل هذا الشاب، يظنون أن الفتاة التي يسعون لخطبنها لا تعدو كونها تحفة جميلة سوف تزين أحد أركان منازلهم؟
حتى وإن كان هذا هو الصواب، فإن الأشياء التي نبذل مالاُ وجهداً في سبيل الحصول عليها، لا يقدر ثمنها إلا عندما تكون الراحة النفسية هي أحد أسباب وجودها في البيت.
فهل يظن الشباب أن الفتاة ليس لها عين تبصر؟
فتعلن الرفض او القبول. أو ليس لها رأي تعلنه صريحاً مهما كانت النتائج...
أم إن القبول والرفض يكونان داَئما بيد الرجل؟
لا فرق في ذلك بين هذا الأمر والعصمة التي تكون دائماً ملكاً للرجل.
أثلج صدري رحيلهم، فقد يتبدل هذا الجو البليد، وأتحرر من هذه القشعريرة التي تسري في جسدي، ويتلاشى شعور الحقد الذي أحمله في داخلي لهذا العريس، الذي لا شك أنه يبحث عن وجه جديد يضيفه لقائمة الاختيار التي يحرص على زيادة عدد الفتيات فيها...
أعرف أنني لم أدخل ضمن ضحاياه، ولكنه أشعل في داخلي صراعاً بين قيمة النجاح وفضيحة الفشل... كم أود لو استطعت أن أصفعه أو اقذف به خارج البيت، كي يفهم أن لبيوت الناس حرمة فلا يحق له التعدي عليها.
إلا أن الصبر الذي كبر في صدري فجأة، قد دفعني لاحتمال وقاحته، والتغاضي عن نظراته... فحاولت جهدي أن أصبر، وأن أتحدى نفسي من أجل والدتي، التي أصابها من ألإحباط ما إن وزعته على فصيل سلبته الأفراح.