You are here

قراءة كتاب طوي بخيتة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
طوي بخيتة

طوي بخيتة

رواية "طوي بخيتة"، للكاتبة الإماراتية مريم الغفلي، الصادرة عن دار الحوار للنشر والتوزيع عام 2012، نقرأ من أجوائها:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

الفصل الأول

صحراء موحشة، كثبان رملية لا تنتهي، مكان معزول يلفه الصمت، خيم سوداء متناثرة كشامات على خد الصحراء، تبدو خالية ويلفها السكون، الكلب الأسود الرابض أمام أحد بيوت الشعر أقعده الجوع والتعب عن مهام الحراسة، تقف إلى جانبه امرأة طويلة القامة ترتدي ملابس سوداء تربت على ظهره وترمقه بعطف، ثم تدلف إلى البيت وقد أثقلها الحمل، تجلس بخيمتها، تمسك مغزل الصوف وتنهمك في غزل الصور في خيالها:
والدها، والدتها، أخوها الوحيد، وزوجها مصبح الغائب عن الفريج منذ أسبوع، تشد بقبضتها على المغزل وتدعو له بالخير، تتمنى أن يرجع بخير من الساحل الذي قصده وبعض رجال الفريج طلباً للرزق.
تدعو له متمنية أن لا ينسى ما أوصته به من ملابس لطفلها القادم وبعض الأدوية الشعبية، تتنهد لفكرة الجنين وهي تمرر يدها على البطن المكور كمن يربت على رأس طفل أو يداعب وجنتيه.
تمد بصرها عبر فتحة النور المتدفق، تلمح بعض السحب، تلملم بعضها فتتذكر عطش الأرض وشح المطر، فما بقي من الحلال على وشك الهلاك، ما هو مصيرهم؟ الصحراء قاحلة والصيف قادم بأشهره الطويلة الحارة، أهل العين أيضاً يشكون المحل. تمتمت كمن يواسي نفسه: أماكن المقيض في العين تعاني المحل والجفاف، والأفلاج على وشك النضوب، كما أنها بحاجة للإصلاح، والحروب القبلية طاحنة مستعرة، وفي الجنوب قُطّاع الطرق ناشطون، إنها حياة الصحراء القاسية، تطلق العنان لتنهيدة مصحوبة بدعاء من القلب:
- رحمتك ربي، تتمتم ثم تمد قدميها وتميل بظهرها إلى الخلف، تحاول الاستراحة من تراكم الأفكار في رأسها المتعب.
فجأة علا نباح الكلب منذراً بقدوم أحدٍ ما، تختلس النظر للخارج مستطلعة القادم، تلمح بخيتة قادمة نحوها، بملابسها السوداء القديمة التي تقطعت أطرافها وأصبحت خيوطاً متناثرة ترسم خلفها آثاراً ممتدة على الرمل.
بخيتة صديقتها الوحيدة منذ استقرت في الفريج وتركت أهلها وبيت والدها، هي ابنة عمة زوجها مصبح، تلقتها مرحبة وجلستا تتجاذبان أطراف الحديث وخيوط الصوف.
علاقة وثيقة تربط بخيتة واليازية، طبعت لقاءاتهما بجو من الألفة والمحبة. فالقفشات بينهما لا تنتهي، ترتسم الابتسامة على وجه اليازية بمجرد أن تلتقي ببخيتة. هي أختها التي لم تحظ بها.

Pages