You are here

قراءة كتاب الحرية الاقتصادية في العالم - التقرير السنوي 2007

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحرية الاقتصادية في العالم - التقرير السنوي 2007

الحرية الاقتصادية في العالم - التقرير السنوي 2007

كتاب "الحرية الاقتصادية في العالم - التقرير السنوي 2007" لمؤلفيه جيمس غوارتني وروبرت لوسون ووليم ايسترلي.

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

إهداء إلى ميلتون فريدمان

أعظم اقتصاديي القرن العشرين
أذكر أنني تلقيت دعوة للمشاركة في مؤتمر عام 1989 يركز على كيفية تطوير مقياس للحرية الاقتصادية. لقد أذهلتني الفكرة لأنها مهمة مستحيلة ولكن الدعوة كانت من ميلتون فريدمان. وبناء عليه أجبت بسرعة على خطاب الموافقة. في النهاية، أدى هذا إلى تركيز الأضواء بشكل رئيسي على مهنتي: الفرصة للعمل مع ميلتون فريدمان على تطوير مقياس يشمل الحرية الاقتصادية للبلدان.
يعتبر ميلتون فريدمان الأب الروحي لمشروع الحرية الاقتصادية في العالم، ولم يكن لهذا المشروع أن ينفذ لولا قيادته وتوجيهه. وخلال مؤتمرات الإعداد الأولية، كان هنالك أمران تركا انطباعاً حياً عليّ شخصياً. أولاً، كان ميلتون مقتنعاً أنه على الرغم من الطابع المعقد والمتعدد الأبعاد للحرية الاقتصادية، إلا أنه يمكن قياسها. وعلاوة على ذلك، كان القيام بذلك أمراً مهماً. وأبلغ المشاركين في المؤتمر أن علماء الاجتماع في جامعة شيكاغو غالباً ما جادلوا بالقول أنه «إذا أردت قياس أي شيء، عليك بذلك بأية طريقة كانت.» لقد قدمت رؤاه الإلهام بأنه يمكن تطوير مقياس جيد إلى حد معقول للحرية الاقتصادية.
ثانياً، كان ميلتون يذكرنا دوماً بأن هدفنا كان تطوير أداة علمية. وإلى أقصى حد ممكن، كان ينبغي أن يرتكز المقياس على بيانات موضوعية. ولم نكن نريد أن يكون لوجهات نظرنا الشخصية أن تؤثر على تصنيف أية دولة. لقد أردنا تطوير مؤشر يمكن للآخرين محاكاته، وحتى أولئك الذين لا يتفقون معنا يمكنهم استخدامه كأداة بحثية.
قبل فترة طويلة من المشروع، كان لميلتون فريدمان تأثير كبير على وجهات نظري الشخصية. كنت قد بدأت بدراسة الاقتصاد في أوائل ستينيات القرن الماضي. ومن الصعب لأي شخص تحت سن 50 عاماً أن يتخيل الهيمنة الأكاديمية لعالم الاقتصاد جون مينارد كينز خلال تلك الحقبة. وإذا أردت الحصول على وظيفة أكاديمية أو ترقية أو منصب في أبرز الجامعات الأمريكية، لم تكن فكرة جيدة تلك المتمثلة في تحدي وجهة النظر المهيمنة. وعلى ضوء هذه الخلفية، كان ميلتون فريدمان صوتاً في البرية، وتلقى إهانات معتبرة بسبب ذلك. فبحسب وجهة النظر السائدة خلال ستينيات القرن الماضي، فإن:
 فترات العجز المخطَّطة خلال فترات الركود، والفائض خلال فترات التضخم، سوف يعززان استقراراً لم يسبق له مثيل.
 السياسة النقدية كانت عاجزة وغير قادرة على الإطلاق على محاربة الركود.
 كانت هنالك مقايضة بين التضخم والبطالة: فإذا كنا على استعداد لتحمل القليل من التضخم، يمكن المحافظة على مستوى البطالة عند نسبة 3 في المائة أو أقل.
علاوة على ذلك، لم يكن خبراء الاقتصاد الكلي الوحيدين الذين يعشقون التخطيط الحكومي. فقد فضل معظم علماء الاقتصاد ذوي الاتجاه السائد لأعوام ستينيات القرن الماضي التخطيط المركزي على نطاق أكبر حجماً بكثير. وقد قيل للطلبة أنه إذا أرادت اقتصادات الولايات المتحدة واقتصادات السوق الأخرى مواكبة الاتحاد السوفييتي، فعليها الاعتراف بجاذبية التخطيط الحكومي، وربما بلمسة أمريكية، مضاهاة النجاحات التي حققها النظام السوفييتي.
وفيما عدا أماكن قليلة مثل جامعة شيكاغو، هيمنت وجهات النظر هذه على مهنة الاقتصاد في الجامعات. لقد تحدى ميلتون فريدمان التيار السائد في سياق العقدين التاليين من الزمن، وغيرّت قوة مهاراته الفكرية وأعماله العلمية، منفرداً على الأغلب، مهنة الاقتصاد برمتها. وقدم كتابه (التاريخ النقدي للولايات المتحدة) (1963)، الذي ألفه بالتعاون مع آنا شوارتز، دليلاً قوياً على أن السياسة النقدية السليمة ليست مهمة فقط، إنما أيضاً المصدر الرئيسي للاستقرار الاقتصادي. ووضح الفصل الذي يحمل عنوان «الانكماش العظيم»، أن الركود العظيم كان سببه الرئيسي، إن لم يكن الحصري، السياسة النقدية المعاكسة لمجلس الاحتياط الفيدرالي وليس عيباً في اقتصاد السوق. وفي خطابه الرئاسي الذي ألقاه عام 1967 أمام جمعية الاقتصاديين الأمريكيين، لخص فريدمان الصلة بين السياسة النقدية المعاكسة وعدم الاستقرار بالطريقة التالية: «إن كل انكماش رئيسي حدث في هذه البلاد إما أحدثته الفوضى النقدية أو تفاقم إلى حد كبير بسبب الفوضى النقدية. وقد حدثت كل حلقة من التضخم الرئيسي بسبب التوسع النقدي.»
ووجدت أعمال فريدمان التجريبية مع ديفيد ميسيلمان أن التغييرات في السياسة النقدية لها تأثير على الطلب والنمو الإجمالي أكبر من تأثير العجز في الميزانيات. وبعبارة أخرى، أشارت أعمالهما أن السياسة النقدية كانت أكثر قوة من السياسة المالية كمصدر لتحفيز الطلب. في البداية، أدرك فريدمان تفاهة نظرية منحنى فيليبس، التي تقول أنه يمكن استخدام التضخم لتخفيض معدل البطالة. وأشار على نحو صحيح بأنه حالما يتوقع البشر التضخم، فإن المقايضة المزعومة بين التضخم والبطالة سوف تتلاشى. علاوة على ذلك، فإن أي اقتصاد يتبع السياسات التضخمية في محاولة لتقليص البطالة سرعان ما يبتلى بكليهما. لقد وضح ما يطلق عليه «التضخم المصحوب بالركود» في سبعينيات القرن الماضي نقطته هذه.
لقد أثبت التاريخ صلاحية وجهات نظر فريدمان بشأن قدرة النقود، وغياب المقايضة بين التضخم والبطالة، وعدم فاعلية السياسة المالية كأداة للاستقرار. وحتى نقاده، مرغمون في بعض الأحيان، يعترفون الآن أن فريدمان كان على حق.
لدى ميلتون فريدمان قدرة لا تضاهى على الاتصال مع الجمهور العام والألمعيين في حقله. لقد عرف كيف يصرح عن موقفه بوضوح وحماس ودبلوماسية. وكان قادراً على الاختلاف دون أن يكون بغيضاً. كان فريدمان محاوراً رائعاً ورفض السماح للآخرين باستخدام الكلمات المشحونة عاطفياً لكسب الشهرة. وعندما كان فريدمان عضواً في الهيئة الرئاسية بتعيين من الرئيس نيكسون عام 1969، من أجل دراسة كيفية إلغاء التجنيد العسكري، قال الجنرال ويليام ويستمورلاند، والذي كان قائداً للقوات في فيتنام ورئيس هيئة الأركان للجيش الأمريكي في ذلك الوقت، للهيئة أنه لا يريد أن يكون قائداً على جيش من المرتزقة. أوقفه فريدمان وسأله: «هل تفضل أن تكون قائداً على جيش من العبيد؟» فأجاب الجنرال ويستمورلاند بحدة، «لا أحب الإشارة إلى مجندينا الوطنيين بصفتهم عبيداً.» رد عليه فريدمان أنه لا يحب أن يسمع أن يشار إلى جيش من المتطوعين كمرتزقة: «إذا كانوا مرتزقة، عندها أكون أنا يا سيدي أستاذ اقتصاد مرتزقة، وأنت يا سيدي جنرال مرتزقة، ويخدمنا أطباء مرتزقة، ونستعين بمحامين مرتزقة، ونحصل على اللحم من لحامين مرتزقة.» وكانت تلك هي آخر مرة سمعت فيها الهيئة من الجنرال عن المرتزقة.
من الصعب المبالغة في تأثير ميلتون فريدمان. لقد كان المهندس الرائد لقضية الالتحاق الطوعي بالقوات المسلحة. وفي السنوات الأخيرة، اتبعت عدة دول أخرى ريادة الولايات المتحدة وألغت التجنيد الإجباري. تركز السياسة النقدية في شتى أرجاء العالم في وقتنا الحاضر على ضبط العرض النقدي وتحقيق استقرار الأسعار. إن اقتصادات تشيلي، والصين، والهند، وبلدان أوروبا الشرقية تعتبر الآن أكثر حرية بشكل ملحوظ عما كانت عليه قبل عقدين من الزمن. وأكد مارت لار، رئيس إستونيا الشاب، أنه قرأ كتاب واحد فقط في علم الاقتصاد وهو (حرية الاختيار)، وذلك عندما تولى قيادة بلاده. واعتقد أن الكتاب مثّل وجهات نظر جميع علماء الاقتصاد، واستخدم الأفكار كخارطة طريق لمبادراته السياسية. والنتيجة: لدى استونيا الآن أسرع اقتصاد نمواً بين بلدان الاتحاد السوفييتي السابق. إن العالم أكثر ازدهاراً وحرية بسبب أعمال ميلتون فريدمان.
كان فريدمان «عالم العلماء»، ولكنه كان قادراً أيضاً على نقل الأفكار المعقدة بطريقة مفهومة. وبرأيي الشخصي، كان أعظم اقتصاديي القرن العشرين - وربما أعظمهم على الإطلاق.
جيمس غوارتني
جامعة ولاية فلوريدا

Pages