في مقدمة كتابه "مذكرة في السيرة والشمائل" يقول الكاتب علي محمد علي خير الله: "طلب مني أن أضع مذكرة في السيرة والشمائل لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:- وكان المحدد لتسليمه ضعيف جداً. فأوسعت بهدى ..
You are here
قراءة كتاب مذكرة في السيرة والشمائل
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ورجع إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى قاعدته في فلسطين، ثم رزقه الله تعالى من هاجر إبنه إسماعيل، وصار سبباً لغيرة سارة، حتى ألجأت إبراهيم أي نفى هاجر مع ولدها الرضيع. إسماعيل، فقدم بهما إبراهيم عليه السلام إلى الحجاز، وأسكنهما بوادٍ غير ذي زرع عند بيت الله الحرام الذي لم يكن إذ ذاك إلا مرتفعاً من الأرض كالرابية، تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله، فوضعهما عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، ولم يكن بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء، فوضع عندهما جراباً فيه تمر، وسقاء فيه ماء، ورجع إلى فلسطين، ولم تمضي أيام حتى نفذ الماء والغذاء، وهناك تفجرت بئر زمزم بفضل الله، فصارة لهما قوتاً وبلاغاً إلى حين. والقصة معروفة بطولها .
وجاءت قبيلة ثمانية وهي جدهم الثانية – فقطنت مكة بإذن من أم إسماعيل.
وكان إبراهيم عليه الصلاة والسلام يرتحل إلى مكة ليطالع تركته بها، ولا يعلم بالضبط عدد هذه الرحلات، إلا أن المصادر المعتمدة حفظت لنا أربعة منها:-
1- ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أنه أرى إبراهيم المنام أنه يذبح وإسماعيل، فقام بامتثال هذا الأمر (( فلما أسلما وتله للجبين * وناديناه أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا إن كذلك نجزي المحسنين * إن هذا لهو البلاء المبين* وفديناه بذبحٍ عظيم)) سورة الصافات- ص 103-107 .
إن إسماعيل عليه السلام لما شب وتعلم اللغة العربية من جدهم، وأنفسهم وأعجبهم زوجوه امرأة منهم، وماتت أمه، لإبراهيم أن يطالع تركته، فجاء بعد هذا الزواج، فلك يجد إسماعيل، فسأل امرأته عنه وعن أحوالهما، فشكت إليه ضيق العيش فأوصاها أن تقول لإسماعيل أن يغير عتبة بابه، وفهم إسماعيل ما أراد أبوه، فطلق امرأته تلك وتزوج امرأة أخرى وعلى ابنة مضاض بم عمرو، كبير جدهم وسيدهم على قول الأكثير.
2- وجاء إبراهيم عليه السلام مرة أخرى بعد أن تزوج إسماعيل هذه الزوجة الثانية، فلم يجده فرجع إلى فلسطين بعد أن سأل زوجته عنه وعن أحوالهما، فأثنت على الله بخير، فأوصى اسماعيل أن يثبت عتبة بابه.
3- ثم جاء إبراهيم عليه السلام بعد ذلك فلقى إسماعيل، وهو يبرى نبلاً تحت دوحة قريبة من زمزم، فلما رآه قام إليه، فصنع كما يصنع الوالد بالولد، والولد بالوالد، وكان لقاؤهما بعد فترة طويلة من الزمن، قلما يصبر فيها الأب الكبير العطوف عن ولده، وفي هذه الفترة بنيا الكعبة، ورفقا قواعدها، وأذن إبراهيم في الناس بالحج كما أمره الله.
وقد رزق الله إسماعيل من ابنه مضاض أثنى عشر ولداً ذكراً، وهم، نابش، وقيدار، وادبائيل، ومبشاح، ومشماع، ودوما، وميشا، وحدد، وثيما، ويطور، ونفيس، وقيدمان.
وتشعب هؤلاء اثنتا عشرة قبيلة، سكنت كلها في مكة مدة من الزمان، وكانت جل معيشتهم إذ ذاك التجارة من بلاد اليمن إلى بلاد الشمام ومصر، ثم انتشرت هذه القبائل في أرجاء الجزيرة بل وإن خارجها، ثم أدرجت أحوالهم في الزمان، إلا أولاد نابت وقيدار.
وقد ازدهرت حضارة الأنباط- أثناء نابت- في شمال الحجاز، وكونوا دولة قوية عاصمتها البتراء- المدينة الأثرية القديمة المعروفة في جنوب الأردن حتى جاء الرومان وقضوا عليها.
وأما قيدار بن إسماعيل فلم يزل أبناؤه بمكة، يتناسلون هناك حتى كان منه عدنان وولده معد، ومنه حفظت العرب العدنانية نسبها. وعدنان هو الجد الحادي والعشرون في سلسلة النسب النبوي الشريف، وق ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا انتسب فبلغ عدنان يمسك ويقول "كذب النسابون" فلا يتجاوزه.
وقد تفرقت بطون معد من ولده نزار- قيل : لم يكن لمعد ولد غيره- فكان لنزار أربعة أولاد، تشعبت منهم أربعة قبائل عزيمة وهي: إياد وأنهار وربيعة ومضر، وعدنان الأخيران هما اللذان كثرت بطونهما واتسعت أفخاذهما، فكان من ربية: ضبيعة وأسد، ومن أسد، عنيزة وجديلة.
وتشعبت قبائل مضر إلى شعبتين عظيمتين: فيش عيلام بن مضر، وبطون الياس بن مضر.
ومن الياس بن مضر: تميم بن مرة، وهذيل بن مدركة، ومن كنانة قريش، وهم أولاد فهد بن مالك بن النضر بن كنانة.
وانقسمت قريس إلى قبائل شتى، من أشهرها :جمح، وعدي ومخزوح وتيم وزهرة، وبطون قصي بن كلاب، وهي: عبد الداربن قصي، وأسعد بن عبد العزى بن قصي، عبد المناف بن قضي.
وكان من عبد المناف أربع فصائل: عبد شمس، ونوفل، والمطلب، وهاشم، وبيت هاشم هو الذي اصطفى الله منه سيدنا محمد ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم صلى الله عليه وسلم.
قال صلى الله عيه وسلم " إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم))
فكان صلة الله عليه وسلم خير الخلق والبشرية صلوات ربي وسلامه عليه.