في مقدمة كتابه "مذكرة في السيرة والشمائل" يقول الكاتب علي محمد علي خير الله: "طلب مني أن أضع مذكرة في السيرة والشمائل لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:- وكان المحدد لتسليمه ضعيف جداً. فأوسعت بهدى ..
You are here
قراءة كتاب مذكرة في السيرة والشمائل
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
مولده عليه الصلاة والسلام- وحياته قبل النبوة
مولده: ولد سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم بشعب بني هاشم بمكة في صبيحة يوم الإثنين التاسع من شهور ربيع الأول، في عام الفيل، ويوافق ذلك عشرين أو اثنين وعشرين من شهر إبريل سنة 571م.
وقد روى أن ارهاصات بالبعثة وقعت عند الميلاد، فسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى، وخمدت النار التي يعيدها المجووس.
ولما ولدته أمه أرسلت إلى جده عبد المطلب تبشره بحفيده، فجاء مستبشراً ودخل به الكعبة، ودعا إليه وشكر له. واختاره له أسم محمد- وهذا الأسم لم يكن معروفاً في العرب – وختنه يوم سابعة كما كان العرب يفعلون.
وأول من أرضعته من المراضع وذلك بعد أمه صلى الله عليه وسلم بأسبوع- ثويبة مولاة أبي لهب بلبن ابن لها يقال له: مسروح، وكانت قد أرضعت قبله حمزة بن عبد المطلب، وأرضعت بعده أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي.
في بادية بني سعد
كانت عادة العرب الحاضرين أن يلتمسوا المراضع لأولادهم ابتعاداً عن أمراض الحواضر، ولتقوى أجسامهم، وتشتد أعصابهم، ويتقنوا اللسان العربي في مهدهم، فالتمس عبد المطلب لرسول الله صلى الله عليه وسلم المراضع، واسترضع له امرأة من بني سعد بن بكر، وهي حليمة بنت أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث، وزوجها الحارث بن عبد العزة المكنى بأبي كبشة من نفس القبيلة. وإخوته صلى الله عليه وسلم هناك من الرضاعة: عبد الله بن الحارث، وأنيسة بنت الحارث، وحدافة أو جذامة بنت الحارث، وهي الشيماء، لقد غلب لقبها على اسمها وكانت تحضن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان عمه حمزة بن عبد المطلب مسترضعاً في بادية بني سعد أيضاً، فأرضعت أمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويوماً وهو عند أمه حليمة، فكان حمزة رضيع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهتين، من جهة ثويبة ومن جهة حليمة السعدية.
حادثة شق صدره
في السنة الرابعة من ومده على قول المحققين وقع حادث شق صدره، روى مسلم عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشاده جبريل، وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لامه- أي جمعه وضم بعضه إلى بعض – ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه– فقالوا : إن محمداً قد قتل، فاستقبلوه وهو منتفخ اللون – أي متغير اللون- قال أنس، وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره.
إلى أمه الحنون
وخشيت عليه حليمة بعد هذه الواقعة فردته إلى أمه، فكان عند أمه إلى أن بلغ ست سنوات.
ورآت أمنة بنت وهب وفاءً لذكرى زوجها الراحل- ان تزور قبره بيثرب، فخرجت مكة قاطعة رحلة تبلغ خمسمائة كيلو متر ومعها ولدها اليتم محمد صلى الله عليه وسلم، وخادمتها أم أيمن، وقيمها عبد المطلب، فمكثت شهراً ثم قفلت ، وبينما هي راجعة إذ لحقها المرض في أوائل الطريق، ثم اتشد حتى ماتت بالأبواء بين مكة والمدينة. فانتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى كفالة جده عبد المطلب إلى أن بلغ عمره ثمان سنوات. ثم ارتحل عبد المطلب فقام أبو طالب بكفالة ابن أخيه محمد صلى الله عليه وسلم.
بحيرى الراهب
لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة – ارتحل به أبو طالب تاجراً إلى الشام ، حتى وصل إلى مدينة شمس بحيرى – وعلى من بلاد الشام. ففي هذه المدينة كان هناك راهب عرف ببحيري. واسمه فيها يقال: جرجيس فإنها نزل الركب خرج إليهم، وكان لا يخرج إليهم قبل ذلك، فجعل يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين، هذا بعثه الله رحمة للعالمين، فقال له أبو طالب وشيوخ قريش: وما أعلمك بذلك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق مجد ولا شجر إلا خر ساجداً، ولا يسجدان إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة، وإنا نجده في كتبنا، ثم أكرمهم بالضيافة، وسأل أبا طالب أن يرده، ولا يقدم به إلى الشام، خوفاً عليه من الروم واليهود، فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى مكة.
زواجه بخديجة رضي الله عنها وأرضاها
في الخامسة والعشرين من سنه الشريفة خرج تاجراً إلى السام في مال خديجة رضي الله عنها، ولما رجع إلى مكة، ورأت خديجة في مالها من الأمانة والبركة ما لم تر قبل هذا، وأخبرها غلامها مسيرة بها رأى فيه صلى الله عليه وسلم من صفات عذبة، وشمائل كريمة ، وفكر راجح، ومنطق صادق، ونهج أمين وجدت ضالتها المنشودة- وكان سادات قريش يحرصون على الزواج منها فتأبى عليهم ذلك، فتحدثت بها في نفسها إلى صديقتها نفيسة بنت منبه، وهذه ذهبت إليه صل الله عليه وسلم تفاتحه أن يتزوج خديجة، فرضى بذلك، وكلم أعمامه فذهبوا إىل عم خديجة وخطبوها إليه، وعلى إثر ذلك تم الزواج، وحضر العقد بنو هاشم ورؤساء مضر، وذلك بعد رجوعه من الشام بشهرين، وأصدقها عشرين بكرة. وكانت سنها إذ ذاك أربعين سنة، وكانت يومئذ أفضل نساء قومها نسباً وثروة وعقلاً، وهي امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت.
وكل أولاده صلى الله عليه وسلم منها سوى إبراهيم، ولدت له، أولاً القاسم وبه يكنى، ثم زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، وعبد الله، وكان عبد الله يلقب بالطيب والطاهر، ومات بنوه كلهم في صغرهم، أما البنات فكلهن أدركن الإسلام فأسلمت وهاجرت، إلا أنهن أدركتهن الوفاة في حياته صلى الله عليه وسلم سوى رضى الله عنها، فقد تأخرت بعده ستة أشهر ثم لحقت به .