كتاب "مقدمة في علم النفس"، تأليف :أ.م.د.نبيهه صالح السامراتي أ.م.د. عثمان علي أميمن، يستهدف هذا الكتاب مناقشة وتحديد وتحليل أسس ومفاهيم علم النفس بإسلوب علمي مبسط كمقدمة للقارئ أو الباحث أو الطالب المبتدئ .
You are here
قراءة كتاب مقدمة في علم النفس
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
معنى السلوك :-
يقصد بالسلوك مجموع أفعال الكائن العضوي الداخلية والخارجية ، والتفاعل بين الكائن العضوي وبين بيئته المادية والاجتماعية . وهو مختلف النشطة التي يمارسها الإنسان والحيوان . ويتكون السلوك من مختلف العمليات الفيزيولوجية وبخاصة المرتبطة بالجهازين العصبي والغدى . وسلوك الإنسان على تحقيق أهدافه في الحياة . ويهتم علم الفزيولوجيا بدارسة دور ل عضو وتركيبه . أما هروب الإنسان من خطر ما ، فهو يمثل نشاطه العضوي ككل ، أنه سلوكه .
يهتم علم النفس المعاصر بدراسة السلوك الملاحظ وغير الملاحظ . ومن أمثلة السلوك الملاحظ : زيادة إفراز العرق ، وبلل السرير ، والأفعال القهرية مثل لمس أعمدة الكهرباء أثناء السير ، والعجز الجنسي ، والعنف والعدوان ، والانتحار والحركة والكلام والمشي والضحك الخ ... ويلاحظ ان هذه السلوكيات وغيرها قابلة للملاحظة والتسجيل والقياس وأنها استجابات لمثيرات معينة قد تكون داخلية أم خارجية .
كما يدرس علم النفس الظواهر التي تلاحظ بطريق غير مباشر ، أي التي لا يمكن رصدها من الخارج مثل ألم الأسنان والصداع والهموم والجوع والاكتئاب والقلق والخوف والحزن ، وعمليات التفكير والتذكر والتخيل الخ ... وتعبر هذه الاستجابات عن مثيرات داخلية يعيها الفرد نفسه ، ولا يدركها الآخرين المحيطين به . والفرد هو الوحيد الذي قد يخبرنا بها . قد يكون السلوك كلياً وقد يكون جزئياً. والسلوك الكلي هو وحدة كبيرة من السلوك لا تتساوى مع مجموع أجزائها . وهو سلوك غالباً ما يفسر بمصطلحات نفسية . ويهتم علم النفس بدراسة السلوك الكلي .
والسلوك الكلي هو الذي يصدر عن الإنسان بأسره من حيث هو وحدة وكل ، أثناء تفاعله مع بيئته " فالإنسان حين يكتب مثلاً لا يكتب بيده فقط بل يصاحب ذلك أنواعاً من النشاط العقلي كالانتباه والإدراك والنشاط الوجداني كالشعور بالارتياح أو الحزن . وعندما يفكر الإنسان في موضوع ما ، فأن هذا النشاط العقلي يصحبه في الوقت نفسه تغيرات جسمية وحالات وجدانية مختلفة ، وعندما يشعر بانفعال القلق أو الخوف أو الحزن أو الغضب يصاحب ذلك تغيرات جسمية واضطرابات فيزيولوجية وتقلبات عقلية . وفي هذه الأمثلة الثلاثة يصدر السلوك عن الإنسان من حيث هو كل وبوصفه وحدة جسمية نفسية ( عبد الخالق ،1993:15-16 ) .
وهناك السلوك الجزئي الذي يوصف في ضوء وحدات صغرى ، وهو موضوع علم الفزيولوجيا ، مثل وصف السلوك على مستوى النشطة العصبية العضلية أو الغددية . ومن أمثلة السلوك الجزئي توتر العضلات وإفرازات المعدة وانقباضاتها ، وتكيف إنسان العين الخ ... وعن طريق قياس السلوك الجزئي يمكننا الاستدلال على مؤشرات التغير في السلوك ، كأن نقيس التغيرات الانفعالية عن طريق أجهزة قياس التنفس والنبض وموجات المخ ورسم القلب وما الى ذلك .
ويعتبر الإنسان وحدة جسمية - نفسية . فقد تبين انه لا يوجد نشاط جسمي خالص أو نفسي خالص . أي ان الإنسان لا يستجيب لبيئته بجسمه فقط ، وإنما يستجيب بجسمه وعقله . فسلوك الإنسان نشاط كلي . وفي هذا يقول " ارسطو " ليس الذي ينفعل هو النفس أو الجسم بل الإنسان . والإنسان هو الذي يقرأ ويكتب ويحب ويكره ، وينجح ويخفق ويسعد ويشقى ، فالإنسان وحدة جسمية - نفسية متكاملة لا تتجزأ ، أن تأثر جانب منها واضطراب ، تأثرت له الوحدة كلها واضطرابات (راجح،1977:25-26).
ويستهدف سلوك الكائن الحي تحقيق دافع أو غاية معينة . ولذلك فوراء كل سلوك دافع ، فالطفل يسلك الكذب لرغبته في تفادى العقاب . والجماد قد يتحرك ولكنه يتوقف عند اصطدامه بحاجز ، وذلك لافتقاده دافع الحركة . لكن يستمر الكائن الحي في حركته حتى ولو جابهته عقبات ، لنه ثمة دوافع داخلية تدفعه لكي يسلك سلوكاً معيناً . لا يتوقف سلوك الكائن الحي أذن حتى يحقق غايته ، وهو يخضع لتأثير الدوافع الداخلية والخارجية . وغاية السلوك الإنساني قد تكون واضحة وشعورية وقد تكون غير واضحة ، وكل سلوك أنساني يستهدف تحقيق غاية معينة . وبدون فهمنا للغاية التي ينشدها الكائن الحي ، لا يمكننا فهم سلوكه وتفسيره . فالغاية هي التي تحدد السلوك وتوجهه وتفسيره . فالطير لا يهرب من القط بمجرد رؤيته فحسب ، ولكنه يلتمس الأمان أيضاً . وهدف استجابة الفرد لمثير ما ، هو تحقيق التوافق البيولوجي أو النفسي أو الاجتماعي . ولا يستجيب كل الأفراد لمثير ما بنفس الاستجابة . لذلك قد يتأثر فرد ما بمثير خارجي ، ولا يتأثر فرد آخر بنفس المثير . فالحديقة المزروعة بالزهور تمثل بيئة جدباء لكلب جائع ، لكنها تمثل بيئة مشبعة ومريحة لشخص عاشق . والطفل لا تجذبه المكتبة العامرة بالكتب ، ولكن تجذبه برامج المذياع والتلفزيون . وقاطن الريف وتزعجه حركة السير ، وقاطن المدينة يعتبر ذلك أمراً عادياً ومتوقعاً . والمعروضات المغرية في المدينة لا تجذب الشخص ألا إذا لقيت قبولاً وهوى من داخل الشخص نفسه .
ويتفاعل الفرد مع المنبه أو المثير وفق إدراكه له . وتتأثر استجابة الفرد للمثير بنوع جنسه وعمره وثقافته وخبراته وقدراته وميوله ووجهة نظره أو شخصيته كلها . والمحيط الاجتماعي الذي يحيط بالفرد قد يمثل مجالات نفسية مختلفة لأفراد مختلفين . فاللوحة الجميلة قد تنال إعجاب شخصاً ما ويقدرها وقد يدفع لشرائها ثمناً مغرياً . لكن لا تمثل نفس هذه اللوحة أي شيء بالنسبة لفرد آخر لا يقدر الفن ولا يهتم به فنحن نتفاعل مع المثيرات وفق تقديرنا لها ووفق تأثيرها في مجالنا النفسي . وقد يحتوى المحيط أشياء لا يحتويها المجال ، فالطعام لا يثير شهية الشبعان ، والأم النائمة لا يوقظها صرير الرياح ، ولكن توقظها أبسط حركات رضيعها . ومبتور الذراع يشعر بالألم ويتصور مرارته وعذابه رغم شفاء جروحه . وهكذا يتضح أن استجاباتنا تتأثر بكيفية إدراكنا لمحيطنا الفيزيقي والاجتماعي ، وليس ما يحتويه المحيط في حد ذاته . ولذلك يرى من عضه كلب يوماً ما أن كل الكلاب خطرة ، وحتى وان كان اللب الذي في مجاله الحسي الآن أليفاً ووديعاً .
معنى المنبه :-
يقصد بالمنبه كل عامل خارجي أو داخلي يثير نشاط الكائن الحي أو نشاط عضو من أعضائه ، أو يغير هذا النشاط أو يكفه ويعطله . وقد تكون المنبهات فيزيقية مثل تغير درجة الحرارة والروائح المختلفة . وقد تكون منبهات اجتماعية مثل مقابلة صديق أو صرخة استغاثة . وقد تكون منبهات داخلية فيزيولوجية مثل انخفاض مستوى السكر في الدم . وقد تكون منبهات نفسية كالأفكار والذكريات والتصورات الذهنية والمعتقدات . فالتفكير في الطعام يثير الجوع ، وتصور الخطر يدفعنا الى العمل على تجنبه .
معنى الاستجابة :-
هي كل نشاط أو فعل يصدر عن الكائن العضوي ويرد به على المنبه الذي مارس فعله عليه وأثر فيه . أو هي ناتج نشاط الكائن العضوي كعدد الكلمات التى يكتبها على الآلة الكاتبة في الدقيقة وعدد النقلات التي يقوم بها في اختبار المهارة اليدوية لمدة 15 ثانية . أو هي نوع التغير الذي يمكن ملاحظته على السلوك كتحسن الأداء على جهاز الرسم بالمرآة بعد التدريب ( عبد الخالق ،1993: 18 ).
والاستجابة هي الطريقة التي نستجيب بها لمثير ما . وتتنوع الاستجابة بتنوع المثير المسئول علي حدوثها . فلكل مثير معين في تقديرنا استجابة معينة .
والاستجابة قد تكون حركية مثل تحريك الذراع لرد التحية . وقد تكون لفظية مثل الإجابة عن سؤال يوجه أليك ، وقد تكون قيزيولوجية مثل ارتفاع ضغط الدم أو تقلص عضلات المعدة ، وقد تكون انفعالية كالغضب عند سماع كلمة معينة أو عند الحزن عن شئ ، وقد تكون معرفية مثل السعي الى كسب المعرفة عن طريق النظر والسمع والتفكير والتذكر ، وقد تكون بالكف عن ممارسة نشاط ما ، كالتوقف عن السير أو الأكل ( راجح ، 1977 : 21 ) .