كتاب "الفتاوى الكبرى" - الجزء الثالث عشر، يضم بأجزاءه فتاوى الإمام ابن تيمية في أغلب المسائل الشرعية، حيث يجد فيه المسلم ضالته في الإجابة على كثير من التساؤلات التي تعترضه في أموره الدينية والدنيوية، والتي من خلال هذه الفتاوى يسير على هدي الكتاب والسنة، واج
You are here
قراءة كتاب الفتاوى الكبرى الجزء الثالث عشر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
كِتَابُ الْحُدُودِ قَوْله تَعَالَى : { فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا } قَدْ يُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُذْنِبَ إذَا لَمْ يُعْرَفْ فِيهِ حُكْمُ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ يُمْسَكُ فَيُحْبَسُ حَتَّى يُعْرَفَ فِيهِ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ فَيُنَفَّذَ فِيهِ وَإِذَا زَنَى الذِّمِّيُّ بِالْمُسْلِمَةِ قُتِلَ وَلَا يَصْرِفُ عَنْهُ الْقَتْلَ الْإِسْلَامُ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ فِي الْمُسْلِمِ ، بَلْ يَكْفِي اسْتِفَاضَتُهُ وَاشْتِهَارُهُ ، وَإِنْ حَمَلَتْ امْرَأَةٌ لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَبَبَ حُدَّتْ إنْ لَمْ تَدَّعِ الشُّبْهَةَ .
وَكَذَا مَنْ وُجِدَ مِنْهُ رَائِحَةُ الْخَمْرِ .
وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ فِيهِمَا وَغِلَظُ الْمَعْصِيَةِ وَعِقَابُهَا بِقَدْرِ فَضِيلَةِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْكَبِيرَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تُحْبِطُ جَمِيعَ الْحَسَنَاتِ لَكِنْ قَدْ تُحْبِطُ مَا يُقَابِلُهَا عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ .
وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَطْعِ بِالسَّرِقَةِ مُطَالَبَةُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ بِمَالِهِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ كَإِقْرَارِهِ بِالزِّنَا بِأَمَةِ غَيْرِهِ وَمَنْ سَرَقَ تَمْرًا أَوْ مَاشِيَةً مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ أُضْعِفَتْ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَكَذَا غَيْرُهَا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ .
وَاللِّصُّ الَّذِي غَرَضُهُ سَرِقَةُ أَمْوَالِ النَّاسِ وَلَا غَرَضَ لَهُ فِي شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَإِنَّ قَطْعَ يَدِهِ وَاجِبٌ وَلَوْ عَفَا عَنْهُ رَبُّ الْمَالِ .
فَصْلٌ وَالْمُحَارِبُونَ حُكْمُهُمْ فِي الْمِصْرِ وَالصَّحْرَاءِ وَاحِدٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَالشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِنَا قَالَ الْقَاضِي الْمَذْهَبُ عَلَى مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي عَدَمِ التَّفْرِقَةِ وَلَا نَصَّ فِي الْخِلَافِ بَلْ هُمْ فِي الْبُنْيَانِ أَحَقُّ بِالْعُقُوبَةِ مِنْهُمْ فِي الصَّحْرَاءِ وَالزِّوَى فَالْمُبَاشَرَةُ فِي الْخَرَابِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَكَذَا فِي السَّرِقَةِ وَالْمَرْأَةُ الَّتِي تُحْضِرُ النِّسَاءَ لِلْقَتْلِ تُقْتَلُ .
وَالْعُقُوبَاتُ الَّتِي تُقَامُ مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ إذَا ثَبَتَتْ بِالْبَيِّنَةِ فَإِذَا أَظْهَرَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ التَّوْبَةَ لَمْ يُوثَقْ مِنْهُ بِهَا فَيُقَامُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ تَائِبًا فِي الْبَاطِنِ كَانَ الْحَدُّ مُكَفِّرًا وَكَانَ مَأْجُورًا عَلَى صَبْرِهِ وَإِنْ جَاءَ تَائِبًا بِنَفْسِهِ فَاعْتَرَفَ فَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَغَيْرُهُمْ فِي الْمُحَارِبِينَ وَإِنْ شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا شَهِدَ بِهِ مَاعِزٌ وَالْغَامِدِيَّةُ وَاخْتَارَ إقَامَةَ الْحَدِّ عَلَيْهِ أُقِيمَ وَإِلَّا لَا ، وَتَصِحُّ التَّوْبَةُ مِنْ ذَنْبٍ مَعَ الْإِصْرَارِ عَلَى آخَرَ إذَا كَانَ الْمُقْتَضِي لِلتَّوْبَةِ مِنْهُ أَقْوَى مِنْ الْمُقْتَضِي لِلتَّوْبَةِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ كَانَ الْمَانِعُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَشَدَّ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَيَلْزَمُ الدَّفْعُ عَنْ مَالِ الْغَيْرِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَدْفُوعُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهِمْ .
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي جُنْدٍ قَاتَلُوا عَرَبًا نَهَبُوا أَمْوَالَ تُجَّارٍ لِيَرُدُّوهَا إلَيْهِمْ فَهُمْ مُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ بِقَوَدِ وِلَايَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ وَمَنْ أَمَّنَ لِلرِّئَاسَةِ وَالْمَالِ لَمْ يُثَبْ وَيَأْثَمُ عَلَى فَسَادِ نِيَّتِهِ كَالْمُصَلِّي رِيَاءً وَسُمْعَةً .


