You are here

قراءة كتاب التكتيكات الجديدة في مجال حقوق الإنسان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التكتيكات الجديدة في مجال حقوق الإنسان

التكتيكات الجديدة في مجال حقوق الإنسان

يعمد الناس إلى ابتكار واستخدام تكتيكات خلاّقة لجعل عملهم أكثر فعالية وذلك في جميع أنحاء العالم وعلى كافة المستويات أكان في القرى الصغيرة أو داخل الحكومات الوطنية وكذلك على أعلى مستويات العدالة الدولية.

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
الأهداف والاستراتيجية والتكتيكات
في الوقت الذي يبدو فيه التركيز على التكتيكات ضرورياً فإن ذلك لا يشكل أولوية قصوى بالنسبة لأية منظمة. ويتعين على أية منظمة أن تضع أولاً أهدافاً عريضة تعكس القيم والعقائد التي يتبناها مؤسسوها وقادتها وأعضاؤها والتي تشكل رسالتها وأهدافها. ويتعين أن تكون تلك الأهداف واضحة وذلك من أجل التركيز على التخطيط. وتحتاج المنظمة أيضاً وضع أهداف متوسطة المدى تبين بصورة أوثق ما يمكن تحقيقه بمضي الوقت، وتنطوي على رؤية استراتيجية لما يمكن إنجازه.
ليس هنالك أي غموض بشأن الاستراتيجية وذلك على الرغم من أنه من الصعب غالباً التفكير بصورة استراتيجية. فالاستراتيجية ليست قراراً واحداً بل هي خليط من القرارات مقرونة باختيار أهداف رئيسية وهامة وإدراك لجمهور المناصرين الأساسيين، بالإضافة إلى الموارد والقرارات التي سيتم إخضاعها للتكتيكات التي سيجري استخدامها في الوقت الذي يتعين استخدامها فيه. فقبل أكثر من ألف سنة، قام صن تزو بتعليم تلامذته بأن الاستراتيجية تنبثق من فهم العدو «أهدافه واستراتيجيته ونقاط قوته وضعفه»، وفهم أنفسنا «حلفائنا ومصادر قوتنا ومحدداتنا»، وتفهم طبيعة الأرض «حيث ستقع المعركة». أن تكتيكات العدو تشكل مكوناً رئيسياً لاستراتيجيته ومعرفة مثل تلك التكتيكات يساعدنا على إبطالها. فما يمكننا إنجازه، بما في ذلك التكتيكات التي نعرفها والتي يمكننا تطبيقها بنجاح، سيؤثر في وضع استراتيجيتنا لذلك فالتفكير التكتيكي هو احد المكونات الهامة للتفكير الاستراتيجي.
إن التكتيك هو إجراء محدد يقوم به المرء في إطار استراتيجية، وهو طريقة لتنظيم مواردنا للتأثير على التغيير في العالم. ويمكن أن يكون التكتيك نشاطاً أو نظاماً أو حتى مؤسسة في حالة من الأحوال وتقنية في حالة أخرى. وستظهر التكتيكات نفسها بصورة مغايرة تعتمد على حجم المنظمة وقدرتها ومواردها. وتمثل التكتيكات الوسيلة التي يمكن للمرء أن يلجأ إليها لتحقيق التغيير، فيما تنطوي الاستراتيجية على القرارات المتعلقة باستخدام أي من التكتيكات والأهداف التي تستحق التركيز عليها والموارد التي يمكن توظيفها. إن معرفتنا بالتكتيكات تشكل أيضاً الاستراتيجية التي نختارها.
إن التفكير التكتيكي ضروري لأي نضال فعال في مجال حقوق الإنسان. واسمحوا لي بشرح هذا الاستنتاج بشيء من التفصيل:
1- إن ما نعرف كيف نفعله يؤثر في ما نفكر بأنه من الممكن عمله؛
التكتيكات تساعد على تحديد الاستراتيجية.
إنني لا أرغب في أن أكون قدرياً بصورة مبالغ فيها، فالابتكارات تحدث عبر التاريخ الإنساني كله عندما يقوم شخص ما بإيجاد ردّ فعل جديد لمشكلة ما، وعلى أي حال فالتاريخ الإنساني مليء بالأمثلة حيث تتم تجربة الحل نفسه مرة بعد أخرى دون تحقيق أي نجاح، أو حيث يتم استبدال تكتيك قديم بآخر جديد. وهنالك مثالان جيدان نابعان من التاريخ العسكري. (1) تطور كردوسة المشاة لدى اليونان والذي تم بموجبه إيجاد نظام للقتال يتغلب على الاعتماد التقليدي على المقاتلين الخيالة غير المنظمين وكثيري العدد. (2) دمج القوس الطويل في الجيوش الإنكليزية لهنري الخامس والذي تم من خلاله التغلب على الفرسان المدججين بالسلاح. لقد مهّد الابتكار التكتيكي الطريق أمام فرص استراتيجية جديدة.
ومن قبيل ذلك فعندما يتم تعريف تفكيرنا حول كيفية العمل بشكل ضيق فإننا نحصر وجهات نظرنا في ما يمكن تحقيقه. ولقد قمت برفض الكثير من النصائح الجيدة خلال حملة غذاء الأطفال لأنني لم أكن أعرف كيفية القيام بالنشاطات المقترحة، كما وأنه لم تكن لدى الإمكانيات المالية لدفع أجور من قاموا بتلك الأنشطة.
2- التكتيكات المختلفة هي تكتيكات فعالة ضد أهداف مختلفة.
لا تتساوى جميع التكتيكات في تأثيراتها على جميع الأهداف. إن حملات كتابة الرسائل الموجهة إلى الحكومات الديمقراطية تختلف في ردود أفعالها عن تلك المساوية لها في عدد الرسائل والموجهة إلى الحكومات الاستبدادية. وتحتاج المقاطعة الاقتصادية إلى هدف معني بوضعه الاقتصادي ويمكن إضعافه بطريقة يمكن ملامستها من جانب المشاركين.
ويتعين علينا أن نتعلم كيفية تفصيل تكتيكاتنا لتتلائم مع أهدافنا بحيث نهتدي لتلك التي يكون لها التأثير الأوفى. فعندما تفشل التكتيكات في إحداث التأثير على أهدافنا فإنه يتعين علينا عندئذ ابتكار تكتيكات جديدة أكثر فعالية.
3- التكتيكات المختلفة تلقى قبولاً من جمهور مناصر مختلف.
لكل منا أسلوبه الخاص في التعلم. ويعترف المدرسون الجيدون بهذا وهم بذلك يساعدوننا على التعلّم من خلال قيامهم بتغيير تكتيكاتهم في التدريس. ولكي نتمكن من تحفيز أكبر عدد من الأشخاص للانخراط في العمل في مجالات حقوق الإنسان فإننا نحتاج إلى اتخاذ الموقف نفسه تجاه تكتيكات التغيرات الاجتماعية.
ويجد بعض الناس بأن التظاهر أمام منزل أحد ممارسي التعذيب هو تكتيك مرعب للغاية، في حين يجد آخرون أن كتابة الرسائل أيضاً يبعد التغيير المطلوب عن هدفه. ويمكننا أن نناقش من هو على صواب، كما وأن بإمكاننا التأكد من أن الناس يتجاوبون بأشكال مختلفة تجاه تكتيك مبني على مفاهيمهم حول المسببات وتحملهم للمخاطر والوقت المتوفر لهم أو طريقتهم في التعامل مع المعلومات.
فإذا ما تجاوب مجتمع حقوق الإنسان بقيامه بتقديم تكتيك واحد أو اثنين لإشراك الجمهور فإننا سوف نتوجه لجمهور ضيق وهو الجمهور الذي يجد في هذه التكتيكات قدراً من المعقولية. فالتكتيكات القانونية، على سبيل المثال، هي تكتيكات يصعب جداً استخدامها لدى قطاعات عريضة من السكان إذ أنها غالباً ما تكون طويلة الأمد وذات طبيعة معقدة لا يفهمها إلا أصحابها، بحيث لا يتمكن من تفهمها سوى فئة قليلة من المهنيين مما يستدعي توظيفنا لتكتيكات أخرى تعطي المزيد من الناس فرصة للمشاركة بدلاً من البقاء مراقبين.
ولقد تعلم الناس في الثقافات التي مورس فيها القمع أن يعمدوا إلى الانسحاب من الحياة العامة. ولكي يتم تفعيل الناس في مثل هذه الثقافات فإننا نحتاج إلى تقديم تكتيكات تتجاوب مع مختلف مستويات تحمل المخاطر ومع وجهات النظر المختلفة، بشأن التغير الاجتماعي.

Pages