قراءة كتاب زي المرأة وأثره في المجتمع

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
زي المرأة وأثره في المجتمع

زي المرأة وأثره في المجتمع

حدد الإسلام زي المرأة المسلمة تحديداً دقيقاً في كتابه وسنة رسوله ×، فقد قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن او آبائهن

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 2

يا ترى ماذا سيحصل؟

الجواب يختلف هنا بالنسبة إلى نماذج الرجال. فالنموذج المتدين المتمسك بأمور الشرع إن لم يكن متزوجاً يعاني صعوبة بالغة في دفع الإغراء عن نفسه، لا سيما مع عدم تهيئة الظروف المناسبة للزواج، وقد لا يوفق معظم الشباب المتدين في تجاوز النظر الحرام، فيحصل بينهم وبين أنفسهم صراع يسلمهم في كثير من الأحيان إلى التوتر النفسي، والبعد عن الاستقرار العاطفي، فيؤثر في مواقفهم المتنوعة من الحياة شاعرين بذلك أم لم يشعروا. وقد يؤدي بهم الأمر في حالات شتى إلى ضعف الإيمان، وترك الصلاة، وعدم القدرة على مقاومة التيار. وقد اعترف لي كثير من تلاميذي في الثانوية والكلية بأنهم كانوا من قبل متدينين يؤدون الفرائض، عندما كانوا في بيئات لا إغراء فيها، ثم ضعفوا تدريجياً أمام أمواج الجنس المتلاطمة التي يشاهدونها في كل مكان، ففقدوا المقاومة، واستسلموا إلى حياة البعد عن متطلبات الشرع وهداية السماء. ومثل هؤلاء عقائدهم سليمة. لكن سلوكهم الواقعي قد فرغ من معاني التقوى والدين، نتيجة لهذا الوضع الجنسي المتوتر، فإذا ما وجدوا بيئة صالحة أو رفقاء مؤمنين أو موجهين مرشدين أخذوا بأيديهم إلى بر الأمان والاطمئنان، ورجعوا إلى الله وأخلصوا له لا سيما بعد مرحلة الزواج مما يدل دلالة واضحة على أن الإثارة الجنسية هي التي حطمت قواهم فأخرجتهم من دائرة السلوك الشرعي المستقيم إلى التصرفات البهيمية المنحرفة.
أما إذا كان ذلك المتدين المتمسك متزوجاً، فقد يسبب له زي المرأة الفاضح المثير، مشاكل أهمها في نظري موقفه من زوجته. ذلك لأن بعض الرجال مهما كانوا سعداء في زواجهم فإنهم سيفرون عنهن بعد السنوات الأولى، وتصبح المخالطة الزوجية حالة من الاستمرارية المملة نتيجة للتركيب الغريزي في الرجال وهو سرعة الملل. يساعد على نمو هذا الاتجاه كثرة رؤية هؤلاء الرجال للنساء الجميلات في ملابس خليعة مثيرة وتسريحات مغرية، فتبدأ المقارنة بينهن وبين الزوجة المسكينة. فإن لم يكن إيمانهم قوياً وسلوكهم الالتزامي منضبطاً بضوابط الشرع، فإنهم سيعيدون النظر في مواقفهم مع نسائهم شعورياً أو لا شعورياً. وذلك بإظهار عدم الألفة والبعد النفسي، أو باصطناع مشاكل يكمن وراءها تعرضه للإغراء المفتوح، فيؤدي الأمر إما إلى الاستسلام إلى حالة من الانطواء وعدم الانسجام مع الزوجة، أو يؤدي إلى التفكير في الزواج ثانية، أو يؤدي إلى الطلاق عندما يشتد الخلاف الكامن تحته الجنس العارم الذي يتعرض له يومياً في الشوارع والطرقات. ولا شك أن الحالات جميعها خطيرة على حياة الأسرة وتربية الأولاد، لم يكن شيء منها يحصل لو كانت المرأة ملتزمة بالزي الإسلامي غير متبرجة بزينة، ولا مظهرة على تقاسيم جسدها الإغراءات الفاتنة، التي أتتنا من طرز الحياة الغربية التي تقودها الفلسفات الجنسية وفي مقدمتها الاتجاه الفرويدي. وقد تقول: إنني هنا أضعف قيمة التدين في معالجة الحالة والقضاء على أمراض الانحراف فأقول لك: لا تفهم من كلامي هذا، ولكنني أتحدث عن تأثير الإغراء الجنسي على كثير من المتدينين، وهؤلاء متباينون في درجات التهذيب الديني والالتزام الشرعي، وقوة التقوى، فضعفاء الإيمان والجاهلون بأغراض الشرع من المتدينين، ينجرفون أمام التيار، لأن قاعدتهم ليست صلدة فيصابون بأمراض الانحراف. ولولا هذه الحقيقة، ما فرض الله سبحانه وتعالى على المجتمع الإسلامي الأول النظيف المتدين المقتدي برسول الله × حد العورة. فالشيطان موجود ومشاربه متعددة والنفس مستعدة، تميل مع الهوى، وتستجيب لدعوى الإغراء وانحرافات الهدم. ومثل ذلك مثل شخص أتى بجراثيم مرض السل فنشرها في غرفة يجلس فيها ناس صحيحو البدن فليس من المعقول أن لا يصاب قسم من الذين يفتقرون إلى مناعة قوية. على أن المتدينين في مجتمعنا الإسلامي الحاضر لا يخضعون فحسب لأوامر الإسلام وفلسفته الاجتماعية كما كان المجتمع الإسلامي الأول يفعل ذلك، فلقد دخلت اليوم في حياتهم تيارات فكرية واتجاهات حضارية مادية متنوعة، يشترك جميعها في إبعاد غير الراسخين من المؤمنين عن الدين الحنيف بالتعاون مع التيار الجنسي الذي نتكلم عنه.
أما بالنسبة لنماذج الرجال غير المتدينين وهم الأكثرية فالطامة الكبرى تستقر عندهم لأنهم لا يضبطهم ضابط ولا يمنعهم رادع، فهم منطلقون، يحسبون أنفسهم أحراراً في سلوكهم، يفعلون ما يشاؤون، ويستجيبون للفساد بسرعة فائقة لعدم وجود العوائق والموانع في تصورهم، بل واقعهم، فإذا كان هؤلاء غير متزوجين وهم يخرجون من الصباح إلى أعمالهم ومدارسهم ودوائرهم، فيرون النساء الكاسيات العاريات يظهرن أمام الناس على أكمل زينة وكأنهن في ليالي أعراسهن، فإنهم سينفعلون انفعالاً جنسياً عنيفاً لا سيما وهم يواجهون هذه المناظر الخليعة المغرية في أماكن أعمالهم ودوائرهم ومدارسهم أيضاً.

Pages