You are here

قراءة كتاب الحياة الروحية في الإسلام

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحياة الروحية في الإسلام

الحياة الروحية في الإسلام

كتاب "الحياة الروحية في الإسلام - مفهومها و أسسها في الكتاب والسنة"، تأليف الأمام يوسف القرضاوي، يقول في مقدمة كتابه:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 5

الأساس العلمي للحياة الروحية

ثم هناك أساس علمي للحياة الروحية في الإسلام ، الحياة الروحية في الإسلام لا بد أن تقوم على العلم ، الذين يزعمون أنهم قادرون على أن يتقرَّبوا إلى الله بدون أن يتعلَّموا ، هؤلاء خالفوا القرآن ، وخالفوا السنة ، وخالفوا كبار المربِّين من رجال التصوُّف الأولين .
في عصور التخلُّف ، في فترة من فترات الضعف والانحطاط وُجد مَن يقول ما حاجتنا إلى العلم ، العلم حجاب بيننا وبين الله ، حتى قال بعضهم : إذا رأيتَ الصوفي يقول : حدَّثنا وأخبرنا . فاغسل يدك منه .
وقيل لبعضهم : تـعـالَ نـدرس مصنَّف عـبـد الـرزاق . فقـال : ما حاجتنا إلى عبد الرزَّاق ونحن نأخذ عن الخلاَّق! وقال بعضهم لأهل الحديث : إنكم تأخذون علمكم ميتا عن ميت ، (فلان عن فلان عن فلان ، وكلُّهم أموات) ، ونحن نأخذ علمَنا عن الحيِّ الذي لا يموت (6)! هؤلاء ولا شكَّ مردود عليهم .
وسادة الطائفة الأولون ، كانوا ملتزمين بالكتاب والسنة ، سيد الطائفة أبو القاسم الجنيد كان يقول : مَن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث فليس منا (7).
علمنا هذا مقيَّد بالكتاب والسنة . . . كلُّ الطرق مسدودة ، إلا مَن سار خلف رسول الله * .
وقال أبو سليمان الداراني : إنه لتقع النكتة في قلبي من نُكَت القوم ، فلا أقبلها إلا بشاهدين عدلين من الكتاب والسنة (8). هكذا وقفوا أنفسهم عند حدود العلم ، الذي يعرِّفهم ما لهم وما عليهم . لذلك لا بد من العلم .

أهمية العلم

العلم هو الذي يُعَرِّف المسلم التوحيد من الشرك في العقيدة ، والحلال من الحرام في السلوك ، والمقبول من المردود في العمل ، والسنة من البدعة في العبادة .
يَعْرف به مراتب الأعمال ، الفاضـل مـن المفـضـول ، حـتـى لا ينشغل بالمفضول ويَدَع الفاضل ، أو يشتغل بالنافلة ويَدَع الفريضة ، والله لا يقبل النافلة حتى تؤدَّى الفريضة (9). أو يشتغل بفرض الكفاية ويَدَع فرض العين ، أو يشتغل بفرض خاصٍّ به ، ويَدَع فرض عين يتعلَّق بإنقاذ الأمة ، أو يشتغل بفرض كفاية قام به غيره ، ويَدَع فروض كفاية تحتاج مَن يسدُّ ثُغُورها فلا تجد ، وغير ذلك .
العلم هو الذي يقف بالإنسان عند حدود الله ، ولهذا وجدنا إماما مثل حُجَّة الإسلام الإمام الغَزَّالي يبدأ كتابه الإحياء ، موسوعته الإسلامية ، وهو ليس كتابا واحدا في الحقيقة ، إنه أربعون كتابا في كتاب ، يبدأ هذه الكتب الأربعين بكتاب العلم ، وفي آخر كتاب ألَّفه ، وهو كتاب منهاج العابدين ، ذكر فيه عَقَبات في طريق السائر إلى الله ، فجعل العقبة الأولى عقبة العلم ، يجب أن يجتازها .
ومن هنا نقول : إن الحياة الروحية ، أو الحياة الربانية ، أو الحياة الإيمانية ، التي يرسمها الإسلام لا بد أن تقوم على العلم ، العلم المأخوذ من القرآن والسنة الصحيحة ، هذا هو العلم ، ولا علم بعد ذلك ، إلا ما وافق الكتاب والسنة ، وكما قال الإمام مالك إمام دار الهجرة ، وهو في المسجد النبوي يشير إلى قبر النبي * ويقول : كلُّ أحد يُؤخذ منه ويُرَد عليه ، إلا صاحب هذا القبر . هذا هو الأساس العلمي .

Pages