كتاب " سمات بشرية لا نفتخر بها " ، تأليف د. محمد حمدان ، والذي صدر عن دار آمنة للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
ما الذي كان بيننا؟ هل كان حباً؟ أم هو مجرد وهم؟
You are here
قراءة كتاب سمات بشرية لا نفتخر بها
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
سمات بشرية لا نفتخر بها
- أنا مرتاح هكذا. ياسمين حاولي أن تفهميني.. كان لزاماً عليّ أن أبتعد. تقاطعني.. المشكلة أنه لاأحد يفهمك أكثر مني. وتسرع خارجة.. وكأنني رأيت دمعة على خدها.
كنت قد هممت أن أناديها، لكن صوتي خانني. هي حقاً أكثر من يفهمني، هي جارتي منذ أن بدأت ذاكرتي بتسجيل أحداث حياتي. وذهبنا إلى الجامعة معاً. لطالما شعرت بها قريبة مني، ولكن قلبي كان ملكاً لحورية وليس لياسمين. كان لزاماً عليّ أن أبتعد يا ياسمين.. كنت أريد أن أترك كل شيء بعدها. أردت أن أركض مبتعداً عن كل ما يربطني بها.
جلست، أكمل قهوتي وسيجاري ببلاهة. يدق هاتفي. إنها ياسمين..
- مرحباً.. فارس.. أنا آسفة جداً، لكنني إنفعلت قليلاً.
- لا عليك يا ياسمين. ولا يهمك.
- لا أريدك أن تغضب مني.
- أنا لا أغضب منك أبداً. وكأني رأيتها من على الهاتف تبتسم.
ياسمين كانت كالطفلة إن سمعت مني كلمة طيبة. فتجيبني: وهادا عشمي فيك.
تتركني ياسمين مع طعم قهوتي ودخاني و أوجاع جسد مريض و عبق ذكريات يأبى أن يزول و موعد النوم الذي أخشاه كل ليلة.
أكره أوقات النوم والذي يفترض بها أن تكون أوقات راحة، لكن مرضي أحالها إلى أوقات عذاب. آخذ حبتي زاناكس كي يخفف عني عبء النوم، ثم أسلم نفسي لليلة سوداء أخرى لا أحلام فيها.
كان الزاناكس يجعل نومي عميقاً كفاية حتى يجعلني لا أشعر بنهش الكلاب لجسدي، حتى الصباح. لم يكن الحصول على أي حلم ممكناً بهكذا عمق من النوم. كانت كل الليالي سوداء حالكة لا أحلام فيها ..
أستيقظ على ألم ينخز جسدي كله. كالعادة، تناول المرض وجبته الليلة من جسدي. أحاول أن أقوم ببطء من سريري. جسدي يضج بالآلام من كل مكان. أذكر كم بكيت كل ليلة وأنا أقوم. الأطباء أنفسهم لا يعرفون ما عندي. أذكر أحدهم حين قال لي:
- هي دائماً هكذا تشوهات الولادة.
- فأجيبه: دكتور، أنا إلي شي 3 سنين مريض بس..
- فيدرك الدكتور كم كان تشخيصه غبياً وكم هو يبدو أحمقاً أمام ممرضته الشقراء.. فيرد محاولاً الثأر لكرامته الطبية الضائعة: حضرتك دكتور؟
- لا.
- وماذا تعمل؟
- شو بتفرق معك شو بعمل؟ رح يتغير التشخيص مثلاً؟
- إسمع.. أنا ما بسمحلك.. أقاطعه: يا زلمة روح صلي.. الحق مش عليك الحق على اللي سماك دكتور. تركته يجعجع ويتوعد وانصرفت.
أذكر طبيباً آخر، وكيف كان مصمماً أن علتي نفسية بحتة، و أنني لا أعاني من أي مرض عضوي. وأذكر أنني نزعت ملابسي أمامه وأمام ممرضته اللبنانية أو أنها تتصنع اللبنانية لأثبت له مدى حماقة حكمه.
وكنت أقول: شو رايك؟ بهالدموية النفسية؟ شايفها ولا أنت كمان مجنون؟