You are here

قراءة كتاب الثورة الإسلاميـة والاقتصاد

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الثورة الإسلاميـة والاقتصاد

الثورة الإسلاميـة والاقتصاد

كتاب "الثورة الإسلامية و الاقتصاد..صراع النخب حول استقلال الاقتصاد الإيراني"، الصادر عن عن دار التنوير للنشر والتوزيع، للباحثة اواليلي بساران مديرة للدراسات السياسية والنفسية بكلية موراي بجامعة كامب

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار التنوير
الصفحة رقم: 2

ولاختبار إلى أيّ حدّ ذهبت النخب الإيرانية الحاكمة في مفاوضاتها حول مدركاتها للتهديدات والفرص المرتبطة بقوى العولمة الاقتصادية في عهد ما بعد الثورة، فقد تمّ توجيه اهتمام خاصّ للمجادلات الحيّة التي حدثت منذ عام 1979 حول موضوع الاستثمار الأجنبي في مؤسّسات الجمهورية الإسلامية المنتخبة (وعلى وجه التحديد في البرلمان والحكومة)، وكذلك في مؤسّساتها المعيّنة (والتي تشمل مجلس صيانة الدستور، ومجمع تشخيص مصلحة النظام، والقيادة)، والصحافة الإيرانية. وبشكل عامٍ، يبيّن الكتاب كيف تشكّلت هذه المجادلات، في جانب منها على الأقلّ، من قِبل هؤلاء الذين يعتقدون أنّ الاستقلال يمكن تحقيقه فقط من خلال النمو الاقتصادي الذي يتمّ تغذيته جزئيًّا بالاستثمارات الخارجية، ومن جانب آخر بهؤلاء الذين يعتقدون أنّ أيّ تشجيع لمثل هذه الاستثمارات سوف يؤدّي فقط إلى الاستغلال وخيانة المصالح الإيرانية، مع مجموعة من المعتدلين الذين وقفوا في المنتصف بين كلّ من وجهتي النظر. ومع ارتفاع النفوذ وانخفاضه الممارَس من قِبل كلّ مجموعة من هذه المجموعات على مدار عهد ما بعد الثورة، فإنّ الحدّ الذي سمح به لرأس المال الأجنبي بالتمدّد داخل الحدود الإيرانية قد تغيّر في أغلب الأحيان بأسلوب لا يمكن التنبّؤ به. وعلى الرغم من ذلك، فإنّه مع الإشارة للإطار الدستوري الفريد لجمهورية إيران الإسلامية، يمكن فهم عدم القدرة على التنبّؤ وتفسيرها على نحو أفضل.
وحيثّ لم يتمّ فحص مجادلات الصراع حول الاستقلال الاقتصادي في إيران من قبل بعمق كبير، فإنّ هذا الكتاب يعتمد بشكل رئيسي على المادّة الأولية التي أمكن الحصول عليها من زيارات ميدانية لإيران خلال الفترة الممتدّة بين عامي 2005 و2007. وقد تمّ الإشارة إلى الصحف والمجلات، والنقاشات البرلمانية، والتقارير الحكومية، والمقابلات مع النخبة السياسية الإيرانية من أجل إعطاء تفصيلات أكبر لموضوع هذا الكتاب، مع توظيف مصدرين مستقلّين ثقات على الأقلّ وراء كلّ واقعة من أجل التأكّد من دقّة الحساب. فبينما حملت تعليقات المقابلات دون أدنى شكّ وجهات نظر أحاديّة ومنحازة، فإنّها مع ذلك قدّمت تبصراتٍ قيّمةً لوجهات النظر المحدّدة التي تمّ التعبير عنها من قِبل كافّة أركان الجدال، وقد ساعدت المقابلات مع النخب الحاكمة من كافّة الفصائل على أن تضيف ألوانًا وحياة لسجل التسلسل الزمني المقدّم في فصول هذا الكتاب. وقبل سرد الصراع ما بين الفصائل يمهّد الفصلان الأول والثاني، على أيّة حال، للمشهد بموجز للإطار النظري والخلفية التاريخية التي تكمن وراء مناقشات بقيّة الكتاب.
ويُسهب الفصل الأول في النقطتين الرئيسيتين لفهم التفاعل ما بين الإصلاح ومناهضة الإصلاح في السياسة الاقتصادية الإيرانية بعد عام 1979. النقطة الأولى، هي التأكيد على أهمّية إعادة التفكير في مفهوم ما بعد الثورة «الترميدور»، والذي وفقًا له يقال إنّ الثورات تمرّ بمسار دورة من الحكم المعتدل إلى الراديكالية ثم العودة إلى الحالة «الطبيعية» وذلك على غرار إحلال حكم الإرهاب الذي أعقب الثورة الفرنسية في عام 1789 بحكم أكثر اعتدالًا في شهر ترميدور (يوليو) عام 1794. ويجادل هذا الفصل بدلًا من ذلك بالتقدير الكامل لاستمرار عواقب الثورة لفترة طويلة، وكما يتبيّن من استمرار مشاهدة صراع مؤسّسيّ ملموس لفترة طويلة بعد انتهاء الثورة نفسها. وثانيًا، يطوّر هذا الفصل الحجّة القائلة بأنّ هذا الصراع ما بعد الثورة ينبغي تحليله مع إشارة محدّدة للسياق السياسي الذي تمّ في إطاره. فوضع كلّ من الهياكل المؤسسية المحلية والعلاقات الخارجية مع العالم في الاعتبار ضروريّ من أجل توفير فهم أفضل لديناميات الصراع الإيراني من أجل الاستقلال الاقتصادي.
ومن وجهة نظر تهدف إلى شرح جذور الرغبة الثورية في الاستقلال الاقتصادي في المقام الأول، يقدّم الفصل الثاني قصة مواجهة إيران مع الاقتصاد العالمي من وجهة نظر الثوّار المعارضين للشَّاه، الذين انتقدوا الاختراق الاقتصادي والسياسي لإيران من قِبل القوى الأجنبية منذ عصر القاجار. فاحتجاج عام 1872 ضدّ الامتيازات التي منحها الشاه ناصر الدين للبارون جولي دي رويتر تعدّ مثالًا واحدًا على بعض الأحداث التي جذبت انتباههم. وهناك أحداث أخرى مثل احتجاجات التبغ في عام 1891 ومعارضة امتيازات دو آركي في عام 1901، إلى جانب التعبيرات التي هي أكثر عمومية عن العواطف الوطنية التي تمّ استثارتها خلال الثورة الدستورية في الفترة 1911-1906 وكذلك بالطبع عند تأميم صناعة النفط الإيرانية في عام 1951. وعزّزت الإشارة إلى مثل هذه الأحداث من رغبة الثوّار في تحقيق قطع مع الماضي وتحقيق الاستقلال الاقتصادي مع تأسيس النظام الجديد. وبالارتباط مع الإطار النظري المعروض في الفصل السابق، يقدّم الفصل الثاني أيضًا مراجعة شاملة لوجهات نظر الفصائل المختلفة التي ظهرت في فترة ما بعد الثورة مباشرة، حيث قام كلّ فصيل بتأويل الأهداف المثالية الثورية بطريقة تختلف عن الفصائل الأخرى، وهو ما أدّى إلى توفّر الإمكانية أمام تقلّب السياسة الذي شهدناه خلال الأعوام التالية.

Pages