"يوميّات شفق الزّغلول" نصّ طويل يعيد نسج الكينونة الفلسطينيّة المتمزّقة بفعل الحدود وألعاب السّياسة والجغرافيا، بالإضافة إلى محاولته تأريخ هذه الكينونة بكلّ ثقلها المادّيّ والرّمزيّ بأسلوب استعاريّ لا يُلغي البُعد التّسجيليّ الوظيفيّ.
You are here
قراءة كتاب يوميّاتُ شَفَقِ الزَّغْلُول
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 7
..تُستنفَرُ القوّات!
اليوم هو الواحد والعشرون، هو يومُ من أيّام الفقدِ الطّويلة.. هو يوم النّفير الآخَر.
في هذه الحرب السّادسة، تتواصل الهدايا الموقّعة بأسماء الأطفال من كلّ حدبٍ وصوبٍ إلى هناك!
وفي غزّة- هنا، لا يتعدّى عمر الأطفال إلاّ الشّهور!
يخطرني مشهد عدد من أطفال مخيّم رفح، وقد حفروا القبور وانبطحوا بجانبها.. ومِنْ خلْفِهم وضعوا أعلام لبنان والعراق وفلسطين.. واختاروا أن ينصبوا لافتتين على ضريحين اثنين: "الفاتحة على ملوك وحكّام العرب" و "هنا ترقد هيئة الأمم المتّحدة"..
اليوم الثّاني والعشرون- عنوانه: دحرُ القَتَلة!
أصحو اليوم وتصاحبني صورة المرأة الّتي تكوّمت بقامتها أمام الشّاب الّذي يفتَرشُ جسَدَهُ الرّدم.. هي تومِىء برأسِها إلى زاويةٍ بقربهٍ- تراها أمّه أو أخته أو زوجَتِه!-، يضيء المكانَ منديلُها الأبيضُ ووجهُ الجثّة..
- ما هو شعور الشّاب المقرفصِ بقُربهِ وهو يتلو آياتٍ من صفحات القرآنِ؟
اليوم الثّالث والعشرون- يوم استدامة الغارات هنا وهناك.. غارات لميلاد أرضٍ أوسطيّة جديدة!
يتواصل هدم الحضارة ومحو الفينيق.
ويصلني هنا مشهدُ قطف الأطفال الرّضّع، واقتلاع الأمّهات الحوامل والرّجال المكسورين قاطفي التّفاح الأحمر.
يأكلون التّفّاح هنا وينسفون التّفّاحات هناك.. والأحمرُ البطلُ هو مَن يقود الدّفّة!
فجرُ اليوم الخامس والعشرين:
صديقٌ لي ينتابه هذا السّيناريو القصير:
طفلٌ يسائلُ أباه هناك: "لماذا يا أبي تُنشَرُ صورُ قَتْلانا هنا؟"
يجيبه الأبُ:" تُنْشَرُ صور قتلانا يا بنيّ، من أجلِ أن يرقُصَ الجنديّ المسؤول هناكَ!"
ويعاودُ الأب سؤال نفسه:" أحقًّا صورنا تُنشَر؟ إذًا هل العالم كلّه يشاهد ما يجري هنا؟
.. ما من مُجيب!
اليوم الثّامن والعشرون:
صديقتي هنا تستيقظ من حلمِها لتهاتفني: هل أنتِ بخير؟
- لا بأس.
- لقد تُهْتِ في القصفِ، بحثنا عنكِ- أمّكِ وأنا..