You are here

قراءة كتاب القضاء وبنيته في النص النقدي والروائي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
القضاء وبنيته في النص النقدي والروائي

القضاء وبنيته في النص النقدي والروائي

كتاب " القضاء وبنيته في النص النقدي والروائي " ، تأليف بلسم محمد إبراهيم الشيباني ، والذي صدر عن دار زهران عام 2003 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 6

ويذكر روبير في معجمه (Le Petit Robert) أن المكان جزء من الفضاء محدد، ينظر إليه بشكل عام ومجرّد(11).
أما مصطلح (الفضاء) فقد اختلفت الآراء في تعريفه وتوظيفه اختلافاً كبيراً. وقد جاء في معجم (روبير الصغير) أي (Le Petit Robert) الإشارة إلى وجود تطور في المصطلح مفهوماً وكتابة؛ فكانت حوالي سنة 1160 إلى سنة 1190 (Spaze)، وتعني حين أو لحظة أو برهة،ومتعلقة بالزمن بالخصوص، وغالباً مؤنثة(12).
ولعل محاولة للنظر فيما جاء في (معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة) من تحديد لمصطلح (الفضاء) تقودنا إلى مواجهةٍ غيرِ متزنة أو مقبولة، فالمعجم يقدم مصطلحات أخرى ترتبط بالفضاء، وهي(13):
الفضائيّة، والفضاء الإدراكيّ، والتحديد الفضائيّ، والتفضية، والتفضية الإدراكية، والفضاء الصغير، والفضاء الإتيوبيّ.
وتقرّ الباحثة بأنه لم يتسنَّ لها استيعابُ شيءٍ جاء لإيضاح هذه المصطلحات، وترى أن التواء وتعميةً يسيطران على أغلب هذا الكتاب.
ويجيء في معجم روبير: الفضاء مكان متفاوت التحديد، يمكن أن يقع فيه شيء. وهو مساحة معينة. يقال فضاء فارغٌ، حرٌّ، مليء، مشغول. وقد تستعمل اللفظة للزمن(14).
أما الموسوعة الفرنسية (La Grande Encyclpedia) فتذكر أن الفضاء مرتبط بإدارة الاتجاهات، أي أن (إدراك الفضاء يعني القدرة على وضع الأشياء بعضها إلى بعض، كما أنه يعني أيضاً تقدير العلاقات القائمة بينها، والطرق التي تتموقع بالنسبة لبعضها. فالأمر يتعلقإذنبإدارة الاتجاهات، وبتقييم المسافات والامتدادات)(15) وتشير هذه الموسوعة إلى أن هناك عدة أنواع من الفضاء، كالفضاء السمعيّ، والفضاء النفسيّ، والفضاء البصريّ(16).
وتترجم سيزا قاسم المصطلح الفرنسيّ (Espace) إلى العربيّة فتعطيه مفهوم (الفراغ)(17) وفي مجال النقد السينمائيّ يُقَابَلُ معنى الفراغ باستحياء حين يعلن فاضل الأسود عدم ارتضائه مصطلح الفراغ بقوله (والبحث يتحفظ على استخدام كلمة (الفراغ)(*) والتي تعني لا شيء موجود)(18).
أما غالب هلسا فيترجم المصطلح الإنجليزي (space) للعربيّة إلى المكان وذلك من خلال ترجمته لكتاب غاستون باشلار (La poetique de l’espace) المكتوب - أساساً - باللغة الفرنسية عن اللغة الإنجليزية إلى (جماليّات المكان)(19).
وإذا كان الإنجليز أنفسهم يروْن أنّ كلمة (space) (من الكلمات الشائعة التي تحمل من المعاني ما قد يجعلها تلتبس على الأذهان)(20) فإن ترجمة غالب هلسا لمصطلح (Space) إلى المكان قد جنت على الأدب العربي. وهنا نتفق مع حسن نجمي في إثبات المزالق التي وقعت فيها ترجمةالكتاب(21).
ويعرّف محمد سويرتي الفضاء بأنه ( كل ما يحيط بالإنسان، أي كل ما قد يوجد تحت قدميه أو فوق رأسه أو على يمينه وشماله، أو تجاه ناظريه ووراء ظهره)(22).
ونستخلص أن هذا التعريف غير موجّه لما يشتمل عليه النصّ السرديّ، ولاسيّما الروائيّ من مساحاتٍ ومواقع وأمكنةٍ، تجري فيها الأحداث الروائيّة، وتتحرك عليها الشخصيات، وأنه غير موصول بالتصوّر النقديّ في ممارساته الجديدة.
ويقوم الناقد حسن بحراوي باختيار مصطلح (الفضاء) في مقاربته لنصوص روائية مغربية جاءت في كتابه (بنية الشكل الروائيّ)، ولكنه لا يذهب إلى تقديم تعريف محدَّدٍ أو متكامل لمفهوم الفضاء(23).
وهنا نجد الباحث مختار الأدهم يصف الناقد بحراوي في كتابه المذكور بأنه لم يحرص على إعطاء المتلقي تحديداً دقيقاً للمصطلحات، وأنه أسرف في استعمال مصطلح (الفضاء) في كل ما يتعلق بالرواية بما جعل الباحث يسوق فرضيّة مفادها أن بحراوي استعمل مصطلح الفضاء بمعنى المكان داخل العمل الروائيّ، ومصطلح المكان للمظهر الماديّ أي المكان خارج النص الروائيّ(24).
ولا توافق الباحثة الباحث فيما آل إليه من استنتاجٍ، وتفنِّد هذا القول بأن الناقد حسن بحراوي كان يسرف في استعمال مصطلح الفضاء في كل ما يتعلق بالرواية بسبب منطلقاته الفكريّة التي كانت تستند إلى المفهوم الفرنسيّ الذي ضاق عن استخدام مصطلح (المكان)، واتّجه إلى مصطلح (الفضاء). كما أنّ مصطلح (المكان) لم يكن يعني لدى بحراوي المظهر الماديَّ الكائن خارج النص؛ لأنه كان يستعمل مصطلح المكان في أثناء ممارسته النقديّة للمتن الروائيّ المدروس ، قاصداً به مظاهر ماديّة موجودة داخل النص.
وتأتي محاولة الناقد حميد لحمداني لوضع حدود فاصلة بين الفضاء والمكان محاولة جادة في التأسيس لمفهوم المصطلحين، والتمييز بينهما(25)، يخلُص من خلالها إلى القول بأن (الفضاء في الرواية هو أوسع ، وأشمل من المكان، إنه مجموع الأمكنة التي تقوم عليها الحركة الروائيةالمتمثلة في سيرورة الحكي، سواء تلك التي تم تصويرها بشكل مباشر، أم تلك التي تدرك بالضرورة، وبطريقة ضمنية مع كل حركة حكائيّة. ثم إن الخط التطوريّ الزمنيّ ضروريّ لإدراك فضائية الرواية بخلاف المكان المحدد، فإدراكه ليس مشروطاً بالسيرورة الزمنية للقصة)(26).

Pages