You are here

قراءة كتاب بيئات الأهوار العراقية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بيئات الأهوار العراقية

بيئات الأهوار العراقية

يتناول هذا الكتاب في فصوله المتعددة جوانب مهمة من بيئة الأهوار الجنوبية والوسطى شاملا المناخ والجغرافية وأنواع الترب ومكوناتها ومصادر، ونوعية المياه والتنوع الوظيفي كالإنتاجية الأولية للنباتات المائية والهائمات والشبكات الغذائية ومستويات التغذية ولمحات عن ا

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 1

الفصل الأول

المقدمة

تشتهر العديد من دول العالم بوجود معالم طبيعة أو أثار قديمة أو أنهار كبيرة أو غابات عظيمة، ويشتهر العراق بوجود الأهوار. إن هذه الأهوار معلم مميز لبيئة العراق وتعتبر واحدة من اكبر إحدى عشرة أراضي رطبة بالعالم.، ومعلم بيئي فريد للعراق والشرق الأوسط وجنوب غرب اسيا، ولذا يمكن اعتبار الأهوار الجنوبية والوسطى رمزا وطنيا للبيئة العراقية من خلال ندرتها وأهميتها البيئية والحياتية للعراق بصورة خاصة وللمنطقة ولقارة اسيا بصورة عامة.
اعترفت هيئات علمية ودولية عديدة بأهمية هذه الأهوار بيئيا وتراثيا وأصبحت مناطق منها (هور الحويزة) ضمن اتفاقية رامسار العالمية لحماية مناطق التراث البيئي العالمي، وهناك خطط وطنية ودولية لشمول أجزاء أخرى في الأهوار الوسطى كمحميات وطنية. لمنطقة الأهوار (البطائح) دوراً رئيسا في نشوء الحضارة البشرية عموما والشرق الأوسط خصوصا واطلق على منطقة الأهوار وجنوب العراق مهد الحضارة البشرية (Civilization Cradle)، وشاركت هذه المنطقة كذلك في نشوء وتكوين المعتقدات الدينية لمنطقة الشرق الأوسط باسرها. ان غنى هذه البطائح وثرائها الزراعي وتنوعها الاحياتي والبيئي من الأسباب التي جعلت الكثير من الكتاب والباحثين يطلق عليها جنات عدن (Gardens of Aden)، والتي احتلت مكانا مميزا في الفكر البشري القديم والحديث. ساعدت وفرة الموارد المائية والغذائية كثيرا على نشوء الحضارة البشرية وتطورها، وكما هو معروف لم يتعرض سكان الأهوار إلى مجاعات قاسية على مر العصور بالمقارنة بسكان المناطق الصحراوية والجبلية المجاورة.
توصف أهوار جنوب ووسط العراق بأنها من المناطق البيئية المهمة ذات الصفات المتفردة، فقد ساهمت في نشوء وحضانة الحضارة البشرية وقد مثلت أدوارا سياسية كبيرة في العديد من الأزمنة وخصوصا الغابرة منها. وهي من المناطق الرئيسة التي عرفت زراعة المحاصيل وتربية الماشية في نظام زراعي متكامل وكان ذلك منذ أكثر من 10 ألاف سنة. تمتلك منطقة الأهوار خزينا من الصفات الوراثية التي تحملها السلالات والأنواع النباتية والحيوانية المقيمة والنادرة والتي تأسس عليها النظام البيئي في تلك الأهوار.
عاش سكان الأهوار منذ فجر الحضارات القديمة بتناغم رائع مع البيئة ومكوناتها وعرفوا كيفية التأقلم معها، ونظموا حياتهم على ما قدمه لهم هذا النظام البيئي. من هنا تعتبر الأهوار تراثا إنسانيا لا نظير له في أسلوب العيش والتقاليد والثقافة البيئيه. لم يؤثر وجود البشر سلبا على بيئة الأهوار بل قدم درسا عالميا على إمكانية العيش المشترك والشراكة المتوازنة.
تعتبر مناطق الأهوار العراقية اكبر نظام بيئي من نوعه في الشرق الأوسط وجنوب غربـي أسيا وهي جزء لا يتجزأ من طرق عبور الطيور المهاجرة ما بين القارات، وتدعم أنواعا عديدة من الحيوانات المهددة بالانقراض واستمرارية مناطق صيد أسماك المياه العذبة والبحرية المهاجرة وايضا النظام البيئي البحري في شمال غرب الخليج العربـي. فضلاً عن أهميتها البيئية وقد كانت موطنا للسكان العرب الأصليين منذ آلاف السنين والتي أشارت إلى هذه الدراسات الاثارية والوراثية.
يتميز جنوب ووسط العراق بوجود مساحات مائية واسعة يطلق عليها البطائح سابقا والأهوار حاليا وعالميا بالأراضي الرطبة. تتضمن الأهوار العراقية الجنوبية أنواعا عديدة من بيئات الأراضي الرطبة مما يزيد من أهميتها البيئية وتنوعها الاحيائي ووفرة إنتاجها الحياتي. تكمل هذه الأنواع من الأهوار بعضها البعض تشكل نظاما بيئيا متكاملا من الأراضي الرطبة. ان اتصال اجزائها له دوراً في نضجها وتطورها البيئي والاحيائي واتصالها المائي والإنساني مما يعظم في دورها البيئي.
شكل تجفيف الأهوار الجنوبية جريمه بكل المقاييس الإنسانية والبيئية وما تبعه من تهجير لسكانها العرب الأصليين، ومعاناتهم بعيدا عنها، وتعتبر هذه المسالة احد التحديات الكبرى التي تواجه العراق من الناحيتين الإنسانية والبيئية. ونتج عن تدمير هذه البيئة إلى فقدان أنواع نادرة وفريدة من الأحياء وإلى الأبد والملجىء الآمن للعديد من الأحياء المهاجرة.
إن اعتماد مناطق الأهوار على مصادر للمياه عبر الحدود ووجود احتياطيات نفطية فيها وضع مستقبل مناطق الأهوار في خطر. إن دور الأهوار في تحسين المناخ العالمي من خلال تقليل الاحتباس الحراري وخزن ثاني أوكسيد الكاربون المنطلق للجو في دبالها أكد على أهمية إعادة تأهيل الأهوار وحمايتها واستمرار بقائها. بصورة عامة توصف الأراضي الرطبة والأهوار على وجه الخصوص بأنها المستهلك والخازن الأعظم لغاز ثاني أوكسيد الكاربون في البيئة والمعدلة للمناخ على المستوى المحلي والعالمي.
نتيجة لطريقة النشوء الجيولوجي للأهوار العراقية فإنها تحتوي على مجاميع نباتية وحيوانية متميزة ومتفردة ولا يوجد العديد منها في مناطق أخرى من العالم، وهذا مما يعزز الأهمية العلمية والبيئية للأهوار العراقية. توجد في الأهوار أنواع من الحيوانات النادرة على سبيل المثال ضرب (نويع) من القضاعة ذات ذو الفراء الناعم ومالك الحزين العملاق وجربوع وادي الرافدين والجرذ المائي طويل الذنب. كما ان نسبة كبيرة من الطيور المائية المتوطنة فيها نادرة عالميا. اما أنواع الأسماك النهرية فهي أيضاً مميزه لحوض وادي الرافدين ولا توجد خارجه.

Pages