قراءة كتاب بدرية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بدرية

بدرية

كتاب " بدرية " ، تأليف وليد الرجيب ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 7

ولذا لم نسألها وأصبح هذا الأمر ميزة من ميزات بدرية، التي لا يملكها أحد منا، وانتشينا بالغموض، وازداد هيامنا وتعلقنا بها، وحتى أهلنا يحبونها، فهي تساعد الجميع في الأفراح، فتمشط شعور البنات، وتكنس أفنية المنازل وترشها بالماء، وتوزع المرطبات والقهوة وتسخن الدفوف، وترقص، وتبعد الصبيان الفضوليين.. وعند المآتم أيضاً تقوم بالواجب فتواسي أهل الميت، وتقوم بجميع ما يحتاجه أهل البيت.

وكانت النساء يبعثنها لتأتي بالحاجات من الدكان، أو من جارة بعيدة، كما كانت الفتيات العاشقات يرسلن معها مناديلهن، أو رسائل غرامية مكتوبة أو شفوية إلى الشباب الذين يحبونهم، كما كانت ترتب مواعيد اللقاءات، وتصالح بين المحبين المتخاصمين، وكانت سبباً في تسهيل زيجات كثيرة في الحي، كما كانت تساعد الداية «ام شملان» عندما يأتي الطلق إحدى نساء الحي، ويحين وقت ولادتها، تغلي الماء وتمزق الخرق، وكانت أول من ينقل الخبر إلى الزوج – الذي يحرص على أن يبدو غير مكترث – كي تحظى بالبشارة.

كنا نجدها في كل مكان.. في البيوت، على الشاطئ، في الحارة، في أحلامنا، حتى أصبحت بدرية جزءاً منا، ملتصقين بها كحياتنا، ملتصقة بنا كجلودنا.

ـ أتت بدرية.. أتت بدرية..

اقتربت بثوبها الأحمر:

ـ ماذا تريدون أن تلعبوا؟.

فتعالت أصواتنا وتقافزنا، واختلفنا وغضبنا من بعضنا، فالفتيان يردن لعبة «الثعلب فات»، وبعضنا يريد حكاية، وعددنا بعض الألعاب التي نحبها، ولكن بدرية قالت بطريقتها المشوقة، المملؤة سحراً وخيالاً:

ـ في هذه الليلة ينعس القمر ينعس.. فتأتي غيمة بيضاء فيبتسم نائماً، ثم تأتي غيمة صفراء فيتململ، ثم تأتي غيمة حمراء فينتشي، ثم تأتي غيمة سوداء فيصحو خائفاً ويدرك أنه كابوس وغيمة وتعدي، وأن الشمس في الصباح، ستبدد هذه الغيمة فيزهو بنوره مرة أخرى في ليالي العشاق والبحارة.

صمتت ونظرت في عيوننا ثم قالت ببطء قصدت به افزاعنا:

ـ أتريدون أن تلعبوا لعبة «الخروف المسلسل»؟.

تراجع بعضنا إلى الخلف وشهقت الفتيات فأردفت بدرية:

ـ أتريدون.. ها؟..

هززنا الرؤوس فعلمتنا وحفظنا واستمتعنا بما سنفعله فاختارت أقبحنا، وأمسكت طرف «دشداشته»، وبدأنا اللعب فأتى صوتها الشجي شجياً:

ـ « خروف مسلسل».

ونحن نرد بصوت واحد:

ـ «هّدوه».

ـ «تراه ياكم».

ـ «هدوه».

ـ «خرب هواكم».

ـ «هدوه»

ـ «في ريوله قراحة».

ـ «هدوه».

ـ «كبر البراحة».

ـ «هدوه».

ثم يترنم صوتها كنواح الأم الثكلى، يشق سكون الليل:

Pages