كتاب " الحب لا يفنى ولا يستحدث من عدم " ، تأليف وليد الرجيب ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
قراءة كتاب الحب لا يفنى ولا يستحدث من عدم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

الحب لا يفنى ولا يستحدث من عدم
(Salve (2
كان على بركة السباحة في فندقه الأثير بوسكولو Boscolo ، الذي يبعد عشرين دقيقة عن فلورنسا، تحيط به الهضاب التوسكانية، يحب هذا الفندق ويسكن به كل عام لعدة أسباب، لأنه فيلاّ بنيت قبل أربعمئة عام، ولأنه في الريف وقريب من فلورنسا وبقية المدن في نفس الوقت.
كان مستغرقاً في حديث ودِّي مع جيوفانا الإيطالية، تعرّف إليها في زيارته لروما العام الماضي، واستلطفا بعضهما، كما رأى كلٌّ منهما في الآخر صيداً لطيفاً، وعلاقة ممتعة، وفجأة انتبه لفتاة سمراء بشعر أسود ناعم، خلعت إزاراً كانت تلفه حول خصرها فوق المايوه البكيني الأسود، واستلقت على الكرسي القريب منه، وفتحت كتاباً باللغة العربية دون أن تنتبه لسالم الذي شُدِه لرؤيتها.
شيء ما جعله يلتفت لحظة وصولها، لم يعد يسمع ما تقوله صديقته الإيطالية، وظل يلتفت مأخوذاً بهذه الفتاة العربية، التي قد تكون كويتية أو خليجية بملامحها، كان لونها الطبيعي أغمق من البيج وأفتح من البنّي، بل هي أقرب إلى البنّي، كانت صديقته تتحدث، ولكنه كان مشغولاً بهذا الكائن الجميل، وكأنها طائر حطَّ على نافذته فهام به، شيء يجبره على الالتفات إليها، كانت تستمع إلى شيء من جهاز الـ ipod ، في جلستها المائلة كأنها آلهة إغريقية، أو نحتٌ جميلٌ لمايكل أنجلو، لم يكن جسدها مثالياً كجسد صديقته الإيطالية، كان لديها انتفاخ قليل في بطنها، وزوائد في خصريها عند حد المايوه، بالضبط كنموذج النساء في الأعمال الإغريقية والرومانية، حيث كانت مقاييس الجمال تختلف عن هذا العصر، إذ لابد أن تكون المرأة مملوءة ذات حوض عريض، فالنحافة عيب جمالي.
انتبهت صديقته إلى اهتمامه بهذه المرأة، وجرأته في التحديق بها فقالت:
- جميلة أليس كذلك؟
هز رأسه موافقاً وكأنه في غيبوبة، فشعرت الإيطالية بغيرة وإهانة من هذا العربي زير النساء، ولكي تبرِّد قليلاً من غيرتها قالت:
- سأنزل بركة السباحة.
ونهضت على الفور، لم يجبها سالم وظل ينظر إلى الفتاة بانجذاب أحسه في كل خلية من جسده، قال لنفسه:
- "غريب، مألوفة بشكل غير مألوف"!
وكأنه يعرفها من سنوات طويلة، فهل كانت معه أيام الدراسة الجامعية في القاهرة؟ لكنها تبدو أصغر من أن تكون زميلة دراسة، قد تكون من تلك الوجوه المألوفة التي يتكرر عبورها في حياتنا.
* * *