قراءة كتاب الإعلام ليس تواصلا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإعلام ليس تواصلا

الإعلام ليس تواصلا

كتاب " الإعلام ليس تواصلا " ، تأليف دومينيك وولتون ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 8

الفصل الثاني

التقنيات:بين الانعتاق والإيديولوجيا

ماذا عن رهان هذا الكتاب؟ إعادة التفكير في مكانة التواصل وفقاً لمقياس الانقطاعات الثلاثة التي حدثت في غضون خمسين عاماً. إن انتصار الإعلام؛ وانتصار التقنيات مع دمج الاتصالات عن بعد والمعلوماتية والوسائل السمعية - البصرية يُبرز دور العولمة في تسريع هذين الانتصارين السالفين. أين التحدي؟ إنه في إخراج الإعلام والتواصل من سيطرة التقنية التي تكبح التفكير في التواصل بمقدار ما تمحي كفاءة المعدات أولئك المقصيين عن التواصل الإنساني والاجتماعي. إذاً، إنَّ التفكير في مسألة الانتقال من الإعلام إلى التواصل يعني تخليص التواصل من قبضة التقنية وإعادة هذه الأخيرة إلى مكانها.

1 - من التقنية إلى الإيديولوجيا التقنية

ما هو قوام الإيديولوجيا التقنية في التواصل؟ إنه إيلاء المعدات مهمة حل قضايا المجتمع التي لا تدخل في نطاق اختصاصها، وذلك يعني، هنا، الاعتقاد بأنه كلما ازدادت التقنيات، من قبيل أن يصبح هناك غداً 5,6 مليار رائد إنترنت، سوف يزداد التفاهم بين الأفراد، والتسليم بخضوع التقدم في التواصل الإنساني والاجتماعي لتقدم التقنيات، ومن ثم، الاعتراف لتلك التقنيات بالقدرة على تغيير نموذج المجتمع تغييراً بنوياً؛ وفي الأخير، الخلط بين دلالات الألفاظ أثناء الحديث مثلاً عن الحضارة والمجتمع الرقمي، ومجتمع الإعلام، والديمقراطية الرقمية، والمجتمع القائم على الشبكات... كلها ألفاظ تحيل إلى فكرة سلطان التقنية، إذ إنها تعطي أسماءها للمجتمعات التي تعتمد تطبيقها، وعندما يجعل من التجهيزات التقنية قلب نموذج المجتمع فإنما يتم الخلط بين واقعين مختلفين في طبيعتهما، التقنية والمجتمع، خاصة أن تلك التجهيزات التقنية تتعلق بجوهر النشاط الإنساني ألا وهو التواصل، ولا يجري الحديث عن المجتمع النووي.

إنَّ الإيديولوجيا التقنية ليست واحدة من الإيديولوجيات بين سواها أو من الإيديولوجيات الموجودة، مع التأكيد بأنه لا وجود لمجتمع من دون إيديولوجيا، ومن دون روابط توحد المجموعات الاجتماعية، بالنسبة إلى السياسة والدين والثقافة، وتتطور مع الزمن ويعاد تركيبها، ولا يستغنى عنها لقيام حياة اجتماعية. إن ما أتناوله بالنقد، هنا، هي الإيديولوجيا التقنية، كإحدى الإيديولوجيات من بين سواها، ترتكز على منح تقنيات الاتصال سلطة معيارية مبالغاً فيها بحيث تصبح العامل الأول في تنظيم المجمتع وإعطائه معناه. من ناحية أخرى، فإن الالتباس ناجم عن المفردات أيضاً: تقنية الاتصال توحد التقنيات، حيث ثمة كثير من التقدم بالفعل، مع التواصل حيث يغيب تقدم مماثل. إن تقدم التقنيات، مع الأسف، غير كاف لخلق التقدم في التواصل بين البشر والمجتمعات. فهل إنَّ الإنسان المغمور بعالم من التقنيات يتواصل مع نظيره الإنسان، بمعنى التفاهم المتبادل، بنحو أفضل مما كان عليه منذ خمسين عاماً؟ من هنا الحلم، المؤجل باستمرار، بأن تسمح تقنيات أفضل بقيام تواصل أفضل. إن آلة "البلاك بيري" Black berry تجسّد هذا الرمز حالياً أكثر من الحاسوب. فأنْ يكون العالم بمتناولنا - إمكانية القيام بكل شيء واستقبال كل شيء وإرسال كل شيء- بطرف أصابعنا، يولّد شعوراً بالسلطان والأمان. كيف يمكن أن يفشل التواصل بمثل هذه الأداة الفائقة القوة وبمثل هذا القدر من التفاعل؟

Pages