You are here

قراءة كتاب سقوط

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سقوط

سقوط

كتاب " سقوط " ، تأليف عوض مبارك ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

ـ ما هي الأكلة الشعبية المفضلة عند الأميركيين؟

ترددت وتلعثمت قبل أن تخرج الكلمة من فمي:

ـ بيرغر!

قال مستغرباً:

ـ بيرغر؟

هززت رأسي إيجاباً، وقال هو ضاحكاً:

ـ الطعام الذي بين يديك الآن هو عريق بعراقة بلادنا!

لا بدَّ أنه لاحظ ارتباكي ولذلك أرض عينيه إلى طبق الطعام ولم يقل شيئاً بعد ذلك، وأنا أيضاً. لم أود الحديث عن طعامي أنا المواطنة الأصلية لهذا البلد. لحم الغزلان والأسماك وأبقار الوحش التي كان يصطادها آبائي بالرماح والسهام، حيث يشوونها مع الذرة (popcorn) ويأكلونها ساخنة، ثم ينطلقون لالتقاط التوت البري وصيد الدببة، ليعودوا بعد ذلك ويوقدوا ناراً ضخمة ثم يبدأون غناءهم الذي هو أشبه بالمواويل العربية، تتخلله رقصات الدائرة والفراشة والغزال والثور الوحشي وحصاد الذرة. تلك كانت حياتنا، حياة بسيطة خالية من التعقيد والطمع، قائمة على الحب والتعاون. إلى أن هاجمنا الرجل الأبيض ذات ليلة مشؤومة وأجبرنا على السير على خطاه. سلبنا أرضنا وهويتنا في آن واحد.

والحمد للَّه أنني لم أنطق بما جال في خاطري في تلك اللحظة، كانت ستتبعه دموع وتستحيل الجلسة إلى مأتم.

ثم توثقت صلتي به بعد ذلك، ويبدو أنه كان شديد العطف على الأب العجوز المكتئب، يأخذه بسيارته في أيام عطلة الأسبوع وأحياناً في الأيام العادية، يطوفان حول المدينة، يزوران أصدقاءً وأماكن عامة ثم يعودان ليلاً. وكان حاكم يقترض منه المال كلما مرّ بضائقة مالية، كذلك الأمر مع بقية أفراد العائلة.

وساورني الشك بأنه على علاقة بمنيرة، الأخت الصغرى لحاكم، حيث رأيتهما عدة مرّات يتبادلان الحديث بطريقة تقرب من حميمية عشيقين. وعندما سألت حاكم عنهما نفى لي بشدة أثارت استغرابي. وفي مرة من المرّات، وبعد أن تزوجنا أنا وحاكم وانتقلنا إلى شقتنا الجديدة بديكالب إند واي كنا نتأهب للخروج والتسوق، فوجئت بعجز سيارتي الهوندا عن القيام بأي حركة، أكد حاكم أنها مشكلة بطارية وأنها بحاجة إلى شحن.

هاتف منيرة فاعتذرت عن المجيء لأن مواعيد عملها قد أزفت، ولكنها اقترحت عليه مهاتفة رامز، معللة ذلك بأن اليوم هو يوم عطلته. بدا الارتياح على وجه حاكم بعد أن أنهى محادثة قصيرة مع رامز، أخبرني بأنه قطع شوطاً بعيداً إلى ميكن حيث تقيم عائلة صديقه برينت هيلم وهم في انتظاره لتناول وجبة الغداء بمعيتهم، ولكنه انقلب عائداً رغم المسافة. وصل إلينا بعد نصف ساعة من الانتظار، وعالجنا المشكلة في أقل من خمس دقائق. شكرته بحرارة أكثر من تلك التي أبداها حاكم وطلبت منه أن يصعد معنا إلى الشقة لتناول كوباً من العصير أو فنجاناً من القهوة، ولكنه اعتذر، قائلاً: إن برينت وأفراد عائلته في انتظاره.

بعد أيام قليلة من تلك الحادثة تكرر الموقف نفسه مع منيرة، حيث هاتفت حاكم تخبره عن عطل في سيارتها وطلبت منه الحضور فوراً لمساعدتها لأن موعد مغادرتها إلى العمل قد حان ولم يكن ثمة مجال لإعارته سيارتي، فأنا أيضاً قد حانت مواعيد مغادرتي إلى المستشفى وقد فعلت. وعندما عدت عند منتصف الليل وسألته كيف ذهبت أخته إلى عملها، أجابني دون تكلّف قائلاً:

ـ طبعاً رامز!

وأضاف وهو يشعل سيجارة:

ـ وربما فرغت الآن من عملها وهو في طريقه لأخذها إلى البيت.

Pages