You are here

قراءة كتاب وطن بلا مواطنين

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
وطن بلا مواطنين

وطن بلا مواطنين

ما هي هذه المواطنية التي لم نُنجزها بعد في وطننا؟ وإلى أي حد يساهم طغيان مظاهر التبعية السياسية - الدينية والفروقات الاجتماعية في أكثرية الميادين في تربية مواطني المستقبل وطرائق تنشئتهم على القيم الاجتماعية المشتركة؟

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 2

الباب الأول :نشوء مفهوم المواطنية وتطوره

المواطنية ذاك الاختراع القديم...

كان مفهوم المواطنية يعني لدى اليونانيين القدماء إمكانية المشاركة في الشأن العام للجماعة في الإطار الجغرافي الذي تتخذه هذه الأخيرة مستقراً لها وتبني عليه مؤسساتها السياسية. وقد حدد أرسطو مفهوم المواطن باعتباره كل من له الحق بالمشاركة في مجلس الحكم والتعاطي بشؤون الدولة من خلال المكانات والرتب الرسمية المنوطة بها. إذ ذاك نسمي هذا الإنسان مواطناً، يلخص أرسطو بهذا المعنى، وتكون الدولة مجموعة المواطنين الذين يتمتعون كلهم بهذا الحق وبعددٍ كافٍ منهم ليضمنوا استقلال الدولة. في أثينا، خلال القرن الخامس قبل الميلاد، كان للمواطنين حق - لا بل واجب - المشاركة في الجمعية التي تمثل السلطة الفعلية في المدينة. وكانت الحياة اليومية لأي مواطنٍ أثيني عادي تنتظم حول واجباته الشخصية والعائلية والسياسية. ووُلِدَت بذلك الديموقراطية المباشرة في أثينا لينخرط فيها كل من له صفة المواطنية.
لكن ما يجدر بنا ذكره في هذا الإطار هو أن التجربة الديموقراطية في أثينا كانت تقتصر على نخبة الرجال إذ أن النساء والعبيد والأطفال وشرائح اجتماعية أخرى كانت مهمشة عبر منعها من ممارسة المواطنية والتمتع بحقوقها.
وفي القرن الرابع قبل الميلاد، إثر الهزيمة العسكرية أمام فيليبوس ملك مقدونيا، برزت في أثينا عدة مدارس فلسفية مناقضة مدرسة المواطنية وداعيةً الناس إلى الاهتمام بشؤونهم الخاصة وترك الشأن العام.
وشهدت روما بدورها تشريعات خاصة بالمواطنية باعتبارها ثقافة الشأن العام مع الإبقاء على مركزية القرار. بيد أن جو المؤامرات والمنافسات والخيانات دخل مؤسسات الحكم. ولم يتقدم، في هذا المناخ، نموذج المواطنية في روما.
ثم تعاقبت القرون فشهد مفهوم المواطنية كسوفاً قبل أن يبزغ من جديد في التاريخ الحديث مع اعتبارات جديدة اختلفت جذرياً عن المفهوم القديم ومسوغاته وآليات تطبيقه.

Pages