قراءة كتاب أشباح الجحيم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أشباح الجحيم

أشباح الجحيم

رواية "أشباح الجحيم" للروائي الجزائري المعروف بياسمينة خضرا، ترجمها إلى العربية د. محمد ساري، وصدرت عن دار الفارابي عام 2007:

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 4

- ليس ماخوراً حقيقياً، لا يشبه المواخير الأخرى. الزبائن يعدُّون على الأصابع، من نوع الطبقة الراقية... عند السيدة رشَق، أناس متميزون. نشرب ونتبادل سجائر الحشيش، بلا إفراط، أنت تدرك قصدي طبعاً. ثمّ نفترق، لا من رأى ولا من سمع. أما الفتيات، فإنهن جميلات ومبتكرات، مهنيات حقيقيات. فإذا كانت نفسيتك ليست على ما يرام لسبب أو آخر، فسيعملن على تشغيلها في لمح البصر.
- ليست لي.
- لماذا تقول هذا؟ في سنك، لم أكن أترك إستاً يبرد.
أربكني ابتذاله.
صعب عليّ قبول فظاظة بهذا الوسخ صادرة عن عالم في مستواه.
يكبرني الدكتور جلال بحوالي ثلاثين سنة. في قريتي، ومنذ الأيام الخوالي، لا يمكننا تخيّل مثل هذه المحادثة أمام من هو أكبر منك. مرّة واحدة في بغداد، وأنا أتجوّل مع عمّ شاب، تلفظ أحد بشتيمة عند مرورنا بقربه؛ لو انفتحت الأرض تحت قدمي في تلك اللحظة، لما ترددت من الاختفاء بها.
- أأنت مستعد للذهاب؟...
- لا.
تأسف الدكتور جلال لأجلي. انحنى على درابزين من الحديد المطرّق، وبنقرة خفيفة، أرسل عقب سيجارته يتهاوى إلى الأسفل. تابعنا سقوط النقطة الحمراء وهي تتدحرج من طابق إلى آخر، إلى أن تشتَّتت إلى شرارات متعددة على الأرض.
- هل تظن أنهم سيلتحقون بنا يوماً، سألته لأغير الموضوع.
- من هم؟
- مفكّرونا.
رمقني الدكتور جلال بنظرة مائلة:
- أنت بكر، أليس كذلك؟... أحدثك عن ماخور ليس بعيداً من هنا...
- وأنا أحدثك عن مفكرينا، يا دكتور، أجبته بصرامة كي أوقفه عند حدّه.
أدرك أن اقتراحه الوقح يزعجني. قلت ملحّاً:
- هل سيلتحقون بصفوفنا؟
- هل هذا مهم؟
- بالنسبة لي، نعم... إن المفكرين يمنحون معنى لكل شيء. سيحدِّثون غيرَنا عنا. وسيكون لكفاحنا ذاكرة.
- ألا يكفيك ما قاسيته؟
- لست بحاجة إلى النظر خلفي كي أتقدّم. إن رعب الأمس يدفعني إلى الأمام. ولكن الحرب لا تتوقف عند هذا الحد.
حاولت القراءة في عينيه لأتأكد إن كان يتبعني. نظر الدكتور إلى حانوت في الأسفل، واكتفى بالموافقة بحركة من ذقنه.
- في بغداد، استمعت إلى كثير من الأحاديث والخطب. كانت تزعزع أحشائي حنقاً مثل جَمل أصابه السعار. كانت لديّ رغبة وحيدة: أن أفجّر الكرة الأرضية كاملة، من القطب الشمالي إلى جنوبه... وحينما تحمل أنت لواء حقدي باتجاه الغرب، أنت العلّامة، سيتحوّل غضبي إلى مفخرة. أتوقف عن طرح الأسئلة. وتأتيني أنت بجميع الأجوبة.
- ما نوع الأسئلة؟ استعلم رافعاً رأسه.

Pages