قراءة كتاب دراسات في سيكولوجية العزلة الوجدانية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
دراسات في سيكولوجية العزلة الوجدانية

دراسات في سيكولوجية العزلة الوجدانية

كتاب " دراسات في سيكولوجية العزلة الوجدانية " ، تأليف د. ايمان محمد الطائي ، والذي صدر عن دار الجنان للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 7

رابعاً : الاستبطان السيكولوجي

يوحي الفراغ العاطفي الذي نعاني منه بوجود مجموعة متنوعة من القدرات لدى البشر يمكنهم من الإحساس بانفعالاتهم لدى حدوثها، - لأسباب خاصة بالجهاز العصبي – يمكنه رصد الخوف أو الفرح الذي يشعر به بسهولة أكثر من غيره، وبالتالي يكون أكثر وعياً بذاته من الزاوية الانفعالية .

وربما تكون موهبة الاستبطان السيكولوجي، لأن بعضنا أكثر استعداداً من غيره للاستجابة للأساليب الرموزية الخاصة بالعقل العاطفي مثل: الاستعارة والتشبيه في قصائد الشعر، والأغاني والأساطير، وجميعها تنبعث من لغة القلب. هذا أيضاً ما يحدث مع الأحلام والخرافات التي يؤدي فيها التداعي الحر للمعاني إلى تدفق السرد الذي يحكمه منطق العقل العاطفي. ومن المؤكد أن من يتناغمون تناغماً طبيعياً مع صوت قلوبهم، هم أكثر خبرة ومهارة في التعبير بكلمات واضحة عن الرسائل المنبعثة من هذا الصوت، سواء كانوا كتاب قصة، أو مؤلفي أغاني أو معالجين نفسيين. هذا التناغم الداخلي يجعلهم بالضرورة أكثر موهبة في التعبير عن (حكمة اللاوعي) تلك المعاني هي التي نحسها في أحلامنا، وخيالاتنا، والرموز التي تجسد رغباتنا الدفينة. ولا شك في أن الوعي بأنفسنا أمر جوهري للبصيرة النفسية، أي المقدرة الذهنية التي تعززها معظم عمليات العلاج النفسي. ويعتبر الدكتور (هوارد جاردنر Howard Gardener) نموذج (سيجموند فرويد) هو النموذج الأمثل لذكاء النفس الكامن.

إن (فرويد) هو العالم الذي رسم خريطة ديناميات النفس الإنسانية الخفية. وقد أوضح أن حياتنا العاطفية في معظمها، حياة لاشعورية, عبارة عن مشاعر تتحرك بداخلنا لا تتخطى دائماً عتبة الوعي.

وتأتي الدلائل التجريبية لهذه البديهية من خبرات تتعلق بالانفعالات اللاشعورية، كالنتائج الجديرة بالملاحظة من أن الناس يولعون بأشياء معينة لا يدركون أنهم قد سبق لهم رؤيتها من قبل . ذلك لأن أي عاطفة يمكن أن تكون – بل غالباً ما تكون – عاطفة في اللاشعور.

تحدث البدايات الفسيولوجية لانفعال ما، قبل أن يعي الإنسان الشعور ذاته. خذ مثلاً من يخافون من الثعابين، عندما تعرض عليهم صورتها، يكشف جهاز الإحساس على بشرتهم، خروج حبات العرق علامة على القلق، على الرغم من قولهم إنهم لا يشعرون بالخوف. في هذه الحالة يبين العرق قلق هؤلاء الأشخاص حتى لو وضعت أمامهم صورة ثعبان سريعاً جداً لدرجة عدم وجود أي فكرة شعورية عن هذا الذي رأوه بالفعل الآن.

ومع استمرار هذه الإثارات الانفعالية لما قبل الوعي تصبح قوية إلى حد كاف للوعي به. وتؤثر تأثيراً قوياً في الكيفية التي ندرك بها هذه العواطف بإحساسنا ونتفاعل معها، ولنأخذ مثلاً : شخصاً أزعجه لقاء وقح غير متوقع في ساعة مبكرة من النهار، جعله يعيش في حالة نكد لساعات عدة... نراه بعدها يتحدى كل من يقابله دون قصد، وسريع الغضب دون أسباب. وقد لا يكون منتبهاً لهذا التوتر المستمر، إلى أن يلفت نظره شخص ما لهذا التوتر فيشعر بالاندهاش. ذلك لأن سلوكه هذا الذي كان منطلقاً من خارج منطقة وعيه فرض عليه ردود أفعاله الفظة. لكن بمجرد أن يدخل رد الفعل منطقة وعيه. يُسجل في قشرة المخ، وعندئذ يمكنه تقييم الأمور من جديد, ويقرر التخلص من مشاعر ذلك الصباح، وتغيير نظرته للأمور ومزاجه أيضاً .

Pages