You are here

قراءة كتاب دور النخبة القانونية في تأسيس الدولة العراقية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
دور النخبة القانونية في تأسيس الدولة العراقية

دور النخبة القانونية في تأسيس الدولة العراقية

كتاب " دور النخبة القانونية في تأسيس الدولة العراقية  " ، تأليف عبد الحسين الرفيعي ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

المقدمــة

ها أنا لملمت أشرعتي، ها هي أصداء شفاه رشفت من مر الحلو هتاف الصباح في خريف العمر، وها هو صرير القلم يهدر ليهدهد جماح قلب أطلت تبحث عن قطيع شهب أضاء التاريخ خطاه.

ها هي قيثارة عمل تأتلق روحي فيها مع حرف ظمآن لكأس عطاياه، جبالاً شابت عليها الليالي وهي تلتحف رحاباً تستوحش مع النار وترف للنور، ها أنا قادم أشعلت الهاجعات كل أماني كي أطرز حياتي بسحر عينين لليالي، وليلاي لن يمل منها إنسان عرفه نفسه، إنها بصري وبصيرتي، ذلك المنهج اللاحب الذي تخضل به الصحاري، وتسمر له النجوم، ويتفتق عن رواه الخضر حلمي المصاحب لنشوة كأس ظل ملأناف يحمل قدر الطريق وجمر السهد، حلمي أن أكون حرفاً يستفيق للندى، ويتلمس طريق كل فجر جديد، قوائمه غراس بذورها أحياء تستوحش من الجدب ومواويل الظلام وتنصت بخشوع لشرف الحديث (اطلب العلم من المهد إلى اللحد).

وهو يتوج هامة الدهر ويغنيها ويعزز من فرص الإنسان لاكتشاف الحياة والغوص إلى مكنونها المضموم والمظنون، ويدلل على جوهرة وحدته مع مكنونات وجوده بصفته الخلقية وبعثة لآفاق جديدة تستوطن القمم وتعمل على تخليد النير منه وهذه البوابة المشتركة بالنور، وعلى هدى هذه الإشراقة البليغة انطلقت أغذ السير في طريق صعب وطويل اعتورتني فيه ظروف قاهرة وعقد غطتها أبخرة ملوثة فاحت تستجدي عقبات تواجه كل فجر يولد في رحم ظلمة الليل وتريد النيل من نهج حياة تصبو للوصول إلى الذرى ومعانقة القمم وهي كانت وهامت وفعلت ما تريد لكن إرادة الإنسان تظل أولوية وديمومة ومنطلق تغيير وحين وصلت قافلتي إلى مغارة الصدق، وجراء أمامي، فأنا إنسان لا يريد أن يفر بجلده من نهار بادر الجمر وثمار العقول وهي مناه إلى مدارج يسرج في مداها خطاة القصيرة أملاً في اللحاق بركب لبابه بلا قشور، في دروب كثيرة الشعاب تهديه فهي نهر ورواسخ تصطرع في دواخله حين يبلغ الحلم زحل، تتلطلط في أعماقه لوحة ضوئية كم سعى لها الإنسان وغذ في سيرة من أجلها، أنها الموضوعية، لواء خافق يتفحص من يمسك بذماره، والكثير وأنا واحد منهم جبلة تتملى وضفاف تورق فيها البسمة العذراء وحدها، ويدرك منالها أصيل هجر النفاق ونهار قتلت شمة غرور الافتتان، والموضوعية والرأي الآخر والالتزام بشروطها ليست كلاماً يقال، وليست من الأحاجي ولألغاز، وإنما هما مفازة عسيرة لمن يريد قطعها للوصول إلى الحقيقة، وعملية مخاض هائلة لا شكلية فيها ولا تبرير، وقد جربت ذلك حين هزتني مواقف كثيرة، وجدت مخزوني الفكري والقيمي فيها منحازاً مرة وظالماً مرة أخرى، عملت فيه السنين الطويلة والتراكم الكمي وشحن العواطف في غالب الأحيان.

من هنا أسلمتني نجواي إلى طريق لا حب شب على رحيقه عودي ورحت بعد اجتيازي لبوابة كلية القانون، أتنسم همسات التاريخ، صوت يرن في دواخلي وأعماقي، ووميض الفكر يسرج مدى نوره في إضمامة صدري، ها هنا الأرض الطيبة تتلفت لنغرس في قممها علم الوفاء والالتجاء، وجاءت الفكرة وتحضن القانون أشراقة التاريخ في وحدة يمنحها الالتزام التلاحم وهما يغنيان وهج الصباح وندى ينبوعها الثر، وحبست الكلمات أنفاسها وتراصفت بانتظار المولود الجديد الذي خص النخبة القانونية العراقية، وبين مضامين دورها في الفكر والسياسية في مرحلة مهمة تأسيسية من تاريخ أبناء هذا الوطن الغالي (العراق) تبدأ في العام (1908م) وتنتهي في العام (1932م).

إن إضاءة التاريخ غطت هؤلاء الذين برزوا من منابت شتى وتراصفوا تحت لواء القانون حيث آوى كل هادف من هؤلاء إلى مدرج من مدارج العلو والرفعة وأفاضوا ونوروا زوايا كثيرة في قمم محسوبة وتصدروا وزارات وتولوا رئاستها، يغري فيضهم هذا كل المواقع والمواجع في أورقة البرلمان والأحزاب والمنظمات الجماهيرية من دون نسيان ذلك الشريان المهم المتسلح بالحرف وصوته المدوي على صفحات الورق، ومن دون الحظ من كرامات وألقاب الجميع الذين التقوا على اليمين واليسار في مسعى لبناء الوطن وإعلاء شأنه ورفده بكل نير ومفيد، وفق مقاسات اجتهادهم ودعواهم ومخزون نضب أو لم ينضب.

لقد ضمت هذه الرسالة أربعة فصول وخلاصة باللغة الإنجليزية في إطار الزمن المحدد لها، وكانت فاتحة الفصل الأول تستوضح مكونات النخبة القانونية وتحركها في انعطافة أساسية إلى مركز إشعاع ولدت فيه مدرسة للحقوق أطرت وقدمت وعطرت وأفادت وأغنت وعانت في بداياتها وبعد وضوح صورتها وما لاقته من عثرات موضوعية وذاتية في زمن الاتحاديين وتعصبهم وصولاً إلى الاحتلال والانتداب وما حفلت به هذه المدرسة من طاقات وامتازت بنشاطات حافظت فيه على الموروث وتجلى فيها الحقوقي والقاضي والمحامي وحين نجتاز بوابة الفصل الثاني يستوقفنا ذلك الجهد الذي أطر النشاط الفكري والسياسي للنخبة القانونية بين عامي (1908 و 1920م)، وشخص انتماءاتهم وتجنيدهم وتطلعاتهم وحيرتهم واضطرابهم، قبل الاحتلال وبعده وتناقض العهود، وتزاحم الرؤى بين ثائر ومصدوم ومضطهد، وردود أفعال عبرت عن مظاهر التمرد والتظاهر المحدود والمحلي، والذي كانت له أسبابه الموضوعية، الأمر الذي عبر عن نار تلتمس الطريق تفجرت بعد حين وبرزت ثورة عارمة هي ثورة العشرين التي هزت المحتل من جذوره وكشفت دور هذه النخبة القانونية المحدود ويدها القصيرة على وفق ظروفها حيث لم يعرف للكثير منهم موقف واضح وبارز على الساحة وفي كل زوايا الواقع والوقائع.

وحين نغذ السير إلى مدارج الفصل الثالث وهي واسعة تتفتح أمامنا بوابات جديدة ويبرز جلياً نشاط هذه النخبة القانونية في إسناد ترشيح الأمير فيصل بن الحسين ملكاً على العراق وبداية نشاطها في مؤسسات الدولة الوليدة وتسلمها المهمات الكبيرة بحسب ذلك الزمان والمكان والتفاتة التاريخ لها، وهو يضع في يديها مفاتيح جديدة للحياة، وقلدتها منابر في الأحزاب التي قامت والمنظمات السياسية والمهنية وكيف صاغت دورها في هذه الرحاب وصولاً وهي تنافح إلى الهرم الإداري وقمته التشريعية وانتخاء الكلمة لهم لتكون سلاحهم الفعال في البناء والحشد من كل الأطياف والألوان وفي كل اتجاهات الوقائع ومن ذلك ما شهدته ساحة العراق كله من حدث مهم يهدد وحدته وكيف انتهت هذه المعركة بانتصار العراق في الموصل، وماذا كان فعل النخبة القانونية وتحركها.

Pages