You are here

قراءة كتاب سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه ايران 1941-1947

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه ايران 1941-1947

سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه ايران 1941-1947

كتاب " سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه ايران 1941-1947 " ، تأليف د. عبد المجيد عبد الحميد علي العاني ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 9

وحينما زاد احتمال تعرض المصالح البريطانية والأمريكية للتهديدات الألمانية ، إثر الغزو الألماني لأراضي الاتحاد السوفيتي ، في 22 حزيران 1941 ([84])، وتمكن القوات الألمانية من إلحاق الهزيمة بالسوفيت والتوغل في عمق أراضيهم بصورة مفاجئة ([85])، انبرت بريطانيا للوقوف في وجه التهديدات الألمانية مدعومة بمساعدات الإعارة والتأجير الأمريكية . كما أدى هذا الغزو المفاجئ إلى تغيير في الموقف الدولي وإيجاد نوع من التحالف بين بريطانيا والاتحاد السوفيتي الذي كان يرتبط مع ألمانيا بمعاهدة عدم الاعتداء ففي 23 حزيران 1941، أي بعد يوم واحد فقط من الهجوم النازي على الأراضي السوفيتية . فقد سارعت بريطانيا إلى إعلان وقوفها إلى جانب الاتحاد السوفيتي ، واستعدادها لمده بالمساعدات العسكرية اللازمة لمواجهة العدوان الألماني .([86]) ثم أعقبها توقيع البلدان على اتفاقية للتعاون المشترك في 12 تموز 1941 .([87]) فقد كانت بريطانيا قلقة من تطور الحرب ضد الاتحاد السوفيتي ، وتوقعت هزيمته في هذه الحرب ، وكانت تعتقد أن أية هزيمة مبكرة للسوفيت سوف تجعل الألمان يسيطرون على البحر الأسود ، مما يمكنهم من استغلال ذلك في التقدم خلال تركيا أو القوفاز وتهديد إيران والعراق والهند .([88]) فكان على بريطانيا أن تسارع على إمداد السوفيت ليتمكنوا من الصمود أطول مدة ممكنة أمام الزحف الألماني ، بهدف تخفيف الضغط على القوات البريطانية في الجناح الغربي، وتفويت الفرصة على الألمان من تحقيق أهدافهم، في تهديد منطقة الشرق الأوسط إذا ما نجح السوفيت في صد الألمان .([89])

ووجدت بريطانيا أن أضمن الطرق وأقربها لإيصال امداداتها إلى الاتحاد السوفيتي يمر عبر إيران فضلاً عن وجود خط السكة الحديد الذي يصل الخليج العربي ببحر قزوين .([90]) فهناك أربعة طرق للإمداد ، وهي طريق مورمانسك ، وطريق فلاديفوستك ، وطريق المضايق التركية ، الدردنيل والبسفور ، وطريق إيران ، ولم يكن بوسع بريطانيا إرسال مساعداتها إلى الاتحاد السوفيتي عبر طريق مورمانسك ، بسبب تعرضه لخطر هجمات الألمان ، ولا سيما بعد تمكنهم من السيطرة على ساحل النرويج ، في حين كان ميناء فلاديفوستك بعيداً جداً ، فضلاً عن الصعوبات التي نشأت من جراء تغطية الثلوج له ، أما المضائق التركية فقد قامت الحكومة التركية بإغلاقها نظراً لإعلانها الحياد ، وكذلك خوف بريطانيا من احتمال تعرض امداداتها إلى هجمات القوات الألمانية الموجودة في البلقان.([91])

وعلى هذا كان لابد من أن تثير العلاقات الألمانية ـ الإيرانية المتطورة ، ووجود عدد كبير من الألمان على الأراضي الإيرانية قلق كل من بريطانيا والاتحاد السوفيتي على حد سواء ، فعلى الرغم من أن إيران كانت قد سارعت وأعلنت حيادها ، مرة أخرى ، في 26 حزيران 1941 .([92]) فان بريطانيا كانت تخشى أن تتعرض مصالحها النفطية في إيران ، إلى تهديد الألمان من خلال المكانة المتميزة التي وصلوا إليها هناك ، كما أبدت تخوفها من احتمال قيام الألمان بعمليات تخريبية ضد منشآت النفط الانكلوـ إيرانية في جنوب إيران مما يؤدي إلى قطع امدادات قواتها البحرية في المحيط الهندي والبحر المتوسط ، وقواتها البرية في الشرق من الوقود المعتمد أساساً على النفط الإيراني . ومما عزز هذه المخاوف ما لمسه البريطانيون من خطر ألماني اكبر اثر انتفاضة مارس 1941 في العراق ، فعلى الرغم من سحق هذه الانتفاضة بالقوة العسكرية إلا انه ليس هناك ما يضمن أن لا تحدث مثل هذه التطورات في إيران مع خطر اكبر على المصالح البريطانية وهذا ما دفع الجنرال ويفل ( wefel ) ، القائد البريطاني العام في الهند من تحذير حكومته بضرورة زيادة تعاونها مع الاتحاد السوفيتي في إيران لمواجهة الخطر الألماني .([93]) أما الاتحاد السوفيتي فقد كان يخشى من جانبه أن تسعى ألمانيا إلى فتح جبهة ثانية في إيران لتحقيق أهدافها في احتلال القفقاس وآسيا الوسطى .([94]) وكذلك من احتمال تعرض منشآته النفطية في باكو إلى التخريب .([95]) كما كان البريطانيون والسوفيت يخشون قيام الألمان الموجودين في إيران ، وبإيعاز من حكومتهم ، بتخريب الطرق وإفشال عمليات نقل الإمدادات عبر إيران .([96]) ولا سيما بعد أن زاد هؤلاء الألمان من نشاطهم في إيران بعد الغزو الألماني للاتحاد السوفيتي ، وقيام حكومة برلين بتجنيد بعض رجال مخابراتها الماهرين أمثال رومان كاموتا R. Gamotta ، وفرانز ماير F. Mayer ، والميجر جوليوس برتولد شولتز J.B.Shulze ، للعمل في إيران من اجل تكوين " رتل خامس " من أعوانهم وتأسيس منظمات نازية سرية في مختلف المدن الإيرانية .([97])

ونتيجة لذلك كان من الطبيعي أن تبذل الدولتان جهودهما للتخلص من التهديدات الألمانية ، ففي 26 حزيران 1941 أي بعد أربعة أيام من عبور القوات الألمانية للحدود السوفيتية أقدمت حكومة موسكو على تنبيه الحكومة الإيرانية إلى خطر وجود الوكلاء الألمان في إيران ، وما يقومون به من أعمال تجسسية ونشاطات تخريبية هناك ، ثم قامت في الوقت نفسه بإشعار الشاه أن لديها معلومات وثيقة تؤكد امتلاك الألمان نية القيام بانقلاب في إيران .([98])

كما أن طبيعة التطورات السريعة على جبهة القتال ، والانتصارات التي حققتها القوات الألمانية في المراحل الأولى من هجومها على الاتحاد السوفيتي أوجبت على كلا الطرفين البريطاني والسوفيتي الإسراع في العمل على جعل الموقف في إيران لصالح الحلفاء ، وذلك عن طريق ممارسة الضغط على الحكومة الإيرانية لإجبارها على طرد الألمان من البلاد . فقد عبر وزير الخارجية البريطاني انطوني ايدن Anthony Eden للوزير الإيراني المفوض في لندن عن رأيه بأن الوقت قد حان لان تعمل الحكومة الإيرانية على تقليص عدد الألمان العاملين في البلاد ، وعبر أيضاً عن أمله في أن يحل الخبراء البريطانيون محل الألمان العاملين في إيران .([99]) كما قدم كل من السفير السوفيتي والوزير البريطاني المفوض لدى طهران في 19 تموز 1941، أي بعد أسبوع واحد على توقيع بلديهما على اتفاقية التعاون المشترك ، مذكرتين متزامنتين أعربا فيها عن أمل حكومتيهما في استجابة الحكومة الإيرانية لطلبهما في ترحيل الألمان الذين لا يمتلكون أسباباً مقنعة لبقائهم في إيران، ولفتا في مذكرتيهما أيضاً نظر حكومة طهران إلى المخاطر التي يمكن أن يشكلها وجود أعداد كبيرة من الألمان في البلاد، على إيران نفسها ، وعلى مصالحهما هناك .([100])

وبعد عشرة أيام ، في 29 تموز 1941، أجابت الحكومة الإيرانية بعدم موافقتها على تلبية الطلبات الانكلو ـ سوفيتية وذلك لان طرد أي ألماني من إيران يعد من وجهة نظرها خرقاً لحيادها المعلن ، فضلاً عن أن ذلك سيكون له تأثيره السلبي في علاقاتها مع ألمانيا .([101])

وبإزاء هذا الرفض أعادت الحكومتان البريطانية والسوفيتية الكَرّة من جديد وقدمتا في 16 آب مذكرتين بالمعنى نفسه إلى الحكومة الإيرانية ، حثتاها فيهما على ضرورة اتخاذ قرار من شأنه الحد من نشاطات الوكلاء الألمان في إيران .([102]) كما قام ممثلاً كل من البلدين بإخبار الحكومة الإيرانية شفوياً بطلب حكومتيهما بترحيل أربعة أخماس الألمان الموجودين في إيران قبل نهاية آب 1941، وان لا يتعدى ذلك منتصف شهر أيلول من العام نفسه على أية حال من الأحوال .([103])

وعلى اثر ذلك سارعت الحكومة الإيرانية إلى الاتصال بحكومة الولايات المتحدة ، واجتمع وزير إيران المفوض لدى واشنطن ، محمد شايسته ، مع وزير الخارجية الأمريكي كورديل هل Cordell Hull في 22 آب 1941 لينقل رغبة حكومته في معرفة الإجراءات التي يمكن أن تتخذها الحكومة الأمريكية لمنع حدوث الهجوم البريطاني ، وقد أكد (هل) في معرض إجابته على استفسارات شايسته طبيعة الصراع العالمي مع المحور واعتقاده بأنه يتوجب على إيران أن تتخذ كل الإجراءات الممكنة لمساعدة الحلفاء وتجنب تقديم المساعدة لدول المحور .([104]) وما من شك في أن منحى الحكومة الأمريكية هذا جاء منسجماً مع سياستها القاضية بتقديم الدعم الكامل لبريطانيا في الحرب الدائرة وعدم التدخل المباشر.

لكن الحكومة الإيرانية ، مع ذلك ، رفضت من جديد الاستجابة للطلبات البريطانية والسوفيتية التي تضمنتها مذكرتا 16 آب التي قدمتهما كلا الدولتين ، إذ أوضح وزير خارجية إيران بالوكالة جواد اميري لوزير بريطانيا المفوض في طهران السير ريدر بولارد R. Bullard في معرض إجابته على المذكرة البريطانية أن عدد الألمان المقيمين في إيران ليس كبيرا ً، وان الحكومة الإيرانية متأكدة بأنه ليس بإمكان هؤلاء ، وهم بهذا العدد ، القيام بأي نشاط معاد ٍ، وان حكومته عازلة على تقليص عدد الخبراء الأجانب في البلاد على نحو عام ، كما أنها تعتقد أيضاً أن ترحيل الألمان المقيمين في إيران بدون سبب مقبول لا ينسجم مع سياستها القائمة على الحياد .([105])

Pages