كتاب " شعاع من السيرة النبوية في العهد المكي " ، تأليف د . راجح عبد الحميد كردي ، والذي صدر عن دار المأمون للنشر والتوزيع عام 2014 .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
قراءة كتاب شعاع من السيرة النبوية في العهد المكي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

شعاع من السيرة النبوية في العهد المكي
المستشرقون ودراسات السيرة النبوية
ومن هنا كانت دراسات استشـراقية وتبشيرية تخدم أهداف التبشير والاستشراق، وأصبحت عوناً للاستعمار، وأخذت هذه الجهود تنقب عن وقائع السيرة وكتبها في محاولاتهم لإحياء التراث الإسلامي. ولكننا لا بد أن ندرك أن هذه المدارس للسيرة اتخذت في الغالب طابع العداء، والدس، وعمل الموازنات التي لا تصل بالدارس إلا إلى مزيد من الغموض والتشكيك وبث الشبهات في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام وفي تاريخ جيل مشرق تربى على يديه. والأدلة على ذلك كثيرة؛ لأنه لا بد أن نتهم تلك المدارس الاستشراقية التي ادعت العلمية والموضوعية في إحياء تراثنا وتحقيقه، لا بد أن نتهمها وألا نعتمدها في دراساتنا ولا في الدراسات المنصفة عموماً لأكثر من سبب:
أولاً: لماذا اتجهت هذه الجهود إلى علوم معينة في تراثنا العلمي الإسلامي، ولم تتجه لإبراز كثير من المخطوطات والمؤلفات الإسلامية في علوم أخرى؟ نجد مثلاً الاهتمام الكبير في إحياء علم الكلام والعقائد وكتب المتكلمين والفلاسفة، وما دار من جدال ومحاورات كلامية ليس إلا لإبراز هذا الجو القاتم من علم تأثر بأقيسة المناطقة وأسلوب الفلاسفة الذي لم يُسلم عن طريق هذا العلم على هذه الصورة شخص واحد في تاريخ علم الكلام. كما نجدهم تناولوا التاريخ الإسلامي لإبراز صورة الصراع والتنافس والحروب فيما بين المسلمين على السلطة في فترات يكون فيها الصـراع مزعوماً، وفي أخرى من فترات ضعف المسلمين، بينما لا نجد مثل هذا الاهتمام أو قريباً منه في مجال علم التفسير والحديث وغيرهما مما له علاقة وثيقة بفائدة المسلمين، وما يمكن أن يدفع هممهم للعمل، أو ما يرتبط وجدانياً بتفكيرهم والبحث في إقامة كيانهم. فاهتمامهم بالتاريخ الإسلامي والسيرة النبوية، لم يقف عند حدود اهتمامهم بالتاريخ، وعند إرواء ظمئهم العلمي بالتحقيق وإبراز المخطوطات فحسب، بل تعداه إلى الوضع والتلفيق في الرواية، وتأليف كتب لتحليل هذا التاريخ، حتى بلغ ما صنف من كتب السيرة النبوية وحدها، بمختلف اللغات الأوروبية حتى مطلع هذا القرن الهجري ما يقارب ألفاً وثلاثمائة كتاب.
ولعل أشد هؤلاء الكتاب تحاملاً هو "مرجليوث" الذي كان أستاذاً للغة العربية في جامعة أكسفورد، حيث أصدر كتابه سنة 1905م "محمد" وجعله حلقة في سلسلة عظماء الأمم. وهو لم يكتب كتابه هذا ليثني فيه على الرسول عليه الصلاة والسلام بل لعله لم يؤلف كاتب بالإنجليزية كتاباً أشد تحاملاً على النبي عليه الصلاة والسلام مما جاء في هذا الكتاب. وقد حاول مرجليوث أن يشوه كل ما يتعلق بالسيرة الشريفة، وأن يشكك في أسانيدها، ولم يأل جهداً في نقض ما أبرمه التاريخ ومعارضة ما حققه المحققون من المنصفين، لكنه مع هذا لم يتمالك من الاعتراف في مقدمة كتابه بأن الذين كتبوا في سيرة محمدعليه الصلاة والسلاملا ينتهي ذكر أسمائهم، وأنهم يرون أنه من الشرف للكاتب أن ينال المجد بتبوئه مكانة بين الذين كتبوا في السيرة المحمدية".(3)