You are here

قراءة كتاب الموقف والقرار

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الموقف والقرار

الموقف والقرار

كتاب " الموقف والقرار " ، تأليف جورج سكاف ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
هذا الكتاب يختصر مرحلة هامة من تاريخ لبنان.

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

ثورة سياسية بيضاء وسط حروب عبثية دامية
في قلب المعمعة
في كل عهد تكون المئة يوم الأولى صورة عما ستكون عليه الولاية بأسرها. فكيف إذا كانت الولاية محكومة بفترة زمنية محدودة لا تتعدى الأيام القليلة، وتنتهي باستحقاق دستوري يحول ولاية سلطة تنفيذية إلى سلطة تصريف أعمال.
وأي عمل سياسي يمكن أن يقوم به من رفض العمل السياسي في ظروف أكثر ملاءمة، والدولة في عز سلطانها، ليقبلها في ظروف استثنائية والدولة منهارة وسلطاتها مبعثرة ومشلولة.
وهل يستطيع صحافي لم ينظر إلى السلطة الا من منظار حاجة المواطن فلم يمارس الا انتقاد السلطة في تقصيرها عن تلبية ما هو مطلوب منها خدمة للمواطن، ودفاعاً عن حقوق المواطنين، في مختلف المجالات، أن يتولى سلطة لا تستطيع أن تقوم بالحد الأدنى من تأمين الخدمات العامة، بينما المواطن يئن ويشكو والدولة في خبر كان، غائبة ومغيبة، فما من سميع أو مجيب؟!.
لقد واجه مثل هذه الظروف أربع مرات، وتغلب عليها أربع مرات بأن أبعد عنه هذه الكأس. مرة أولى عندما طلب إليه أن يكون مرشح تزكية في انتخابات نيابية، لأن المرشح المضمون فوزه قد أصيب بعارض صحي، ولا يوجد من يستطيع سواه أن يحل مكانه، فرفض العرض المغري لأنه لا يريده في كل الأحوال، واستطاع تطمين العزائم المتداعية بتأكيد صحي منه بأن العارض الصحي سيمر بسلام وأن النصر مضمون. ومرة ثانية عندما عُرض عليه، أن يكتفي بتقديم ترشيحه ويذهب في إجازة سياحية إلى الخارج، وعندما يعود يكون قد انتخب نائباً ضد من يريدون إسقاطه بالقوة. فرفض مجددا لأن ما لم يقبله حبيّاً لن يقبله تحدياً. ومرة ثالثة عندما جاؤوا يوزرونه ليكف عن الكتابة ضد التجديد، فلم يلقوا هوى لديه، ونجحوا في إبعاده عملياً بتوزير صاحب الجريدة، فابتعد لياقة لأنه لا يقبل، أدبياً، أن يكون سكرتير التحرير ضد صاحب الجريدة ورئيس تحريرها. فأخذ إجازة طويلة وسافر بعيداً، وبالسيارة إلى اوروبا، ريثما تمر معركة الرئاسة وتنتهي المشكلة السياسية. وهو في حملته ضد التجديد ظل على قناعته وفي خط أرسته الجريدة، وصاحبها نفسه مع من سموا بالقوة الثالثة التي تعارض التجديد في المبدأ حتى لا تتعرض البلاد لأزمة سياسية عند مشارفة كل عهد نهايته. كما أنه آمن شخصياً بأنه في الصحافة أقوى منه في أي موقع سياسي. وهو لم يتقبل في محيطه العائلي العريق في السياسة أن تظل تمارس، كما هي عادة، بتأدية الخدمات الخاصة لكل طالب مطلب، وأن يكون السياسي معقب معاملات في الدوائر الرسمية، وعلى حساب المصلحة العامة وهيبة الدولة، بل يرى أن العمل السياسي الفاعل يكون في قوة الكلمة، وقدرتها على تصحيح الاداء الرسمي في خدمة المصلحة العامة.
وهكذا أصبحت مكاتب "الجريدة" مكان التقاء مختلف السياسيين لاتخاذ مواقف ترضي الرأي العام، وتكون في مصلحة المواطن والوطن معاً.
المرة الوحيدة التي قبل فيها أن يتولى مسؤولية عامة كانت عندما توقفت "الجريدة" عن الصدور جراء تعرض مكاتبها للقصف والقنص، والاحتلال من قِبل قوى الأمر الواقع، وتعرض مطابعها للتوقف القسري، في محلة الطيونة على خط التماس بين الشياح وعين الرمانة، لقطع الطرقات حولها بالستائر الترابية. فاستجاب لطلب تولي خدمة وطنية، ولفترة انتقالية. كانت أكبر تحد له في محاولة تحقيق بعض احلامه وتنفيذ ما كان يستسهل انتقاده بالقلم، ويستوجب أقصى المواجهات عند الممارسة الفعلية. ممارسة سلطة في غياب كل مقومات السلطة، والقيام بأعمال كبرى في ظروف صعبة، لم يكن بالإمكان القيام بها في الظروف العادية، عندما كانت الدولة بهيبتها وإمكاناتها وقواتها كافة.
 

Pages