قراءة كتاب الموقف والقرار

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الموقف والقرار

الموقف والقرار

كتاب " الموقف والقرار " ، تأليف جورج سكاف ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
هذا الكتاب يختصر مرحلة هامة من تاريخ لبنان.

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

كتابات من دفاتر الحرب
تمهيد
في خضم "حروب الآخرين" الحمراء على الساحة اللبنانية التي اختلط فيها الاقليمي والدولي مع الفصائل المتعددة المحلية والطارئة، مع سلطات مشلعة أو مستعارة من دول مختلفة، كان كل عمل سياسي شرعي ودستوري يبدو مستغرباً ومرفوضاً احياناً. ولكن بعد انقشاع غبار المعارك تستعيد المواقف الدستورية والسياسية قوتها ويبدو سلاح الموقف أو سلاح القرار اقوى من قوة السلاح، ومن قوى الأمر الواقع الخارجة على القانون. يأخذ الموقف السياسي البنّاء قوة القرار الوطني الثابت، كما تخرج الغرسة الصالحة من تحت رماد غابة التهمتها النيران، عند بزوغ شمس يوم جديد، جذورها ضاربة في أعماق أرض لا تموت وأغصانها باسقة في فضاء جو مشرق، تعشش فيها طيور الحياة.
عند تقليب أوراق من كتابات الحرب خُطَّت بلون الدم أو بسواد دخان النيران، تطلع منها صفحات مضيئة تشرق بارادة البقاء وقوة الحياة التي هي اقوى من الموت، ويعود الأمل يُغلّب الحق على الباطل، ويتطلع من تحت الانقاض إلى غد يرتفع أزهى وأعلى... وتتراءى لنا من خلال دمار وسط بيروت "مانهاتن" عمرانية ترتفع في قلب العاصمة. ومن شبكة هاتف مقطعة الأوصال وشبكة مواصلات من غير خطوط تربط بين جميع المناطق، إلى شبكة حديثة تجمع بين كل اللبنانيين وتحقق الشراكة ووحدة المصالح.
ومن عزلة لبنان من جراء حروب عبثية بين فصائل وتنظيمات مسلحة مستوردة من الخارج لمؤازرة فئة ضد فئة، اقتحمت الساحة المستباحة لاستغلال نزاعات كيدية محلية بين الطوائف والمناطق، وبين العصبيات والاقطاعات، فعزلت المناطق بعضها عن بعض وعن امتداداتها الإنسانية والحياتية، كما عزلت لبنان بأسره عن العالم جواً وبحراً، وأسرته في أقبية ملاجئه المظلمة، إلى أمل جديد بالبعث والقيامة والخروج من تحت الانقاض ومن عتمة المخابئ إلى آفاق بعيدة المدى، مضيئة باشراقة الأمل، تحدق إلى ما آل إليه لبنان الأصيل ذو التراث الحضاري العريق، فيثور غضباً، ويأخذ في شد العزم وامتطاء صهوة خيال جامح، يقفز به بعيداً عن واقع منكسر نحو غد جديد وطموح، يقلب الأوضاع رأساً على عقب، فيعيد لبنان من ساحة مفتوحة لكل صراع طائفي أو قبلي، ولكل نزاع قومي أو عقائدي، إلى وطن صاحب رسالة، قادر على ممارسة دور إنساني وعالمي وتبوّء مركز عالمي للتواصل بين الثقافات والحوار بين الحضارات والاديان... آن له ان يخرج من الساحة المستباحة بأن ينتفض على ارادة الخنوع والخضوع ويتخلص من هيمنة القوى الخارجية، مستعيداً مسيرة نضاله التاريخي في سبيل الحرية وارساء نظام ديموقراطي حر، سيد ومستقل بعدما استغل رحابة صدر الحرية لديه من جاء ليفرج عن كربته بحرمانه منها، وإمعانه في قهر من سعدوا ونعموا بها، لأنها وفّرت لهم حالة من الازدهار ومن الحياة الرغدة بينما هم في بؤس وعوز. فهل بغير ضرب الحرية وتعطيل الديموقراطية يمكن تأمين المساواة، وترجيح قوة القاهر المستبد على المستضعف المسالم، وتغليب قوة الهيمنة على صاحب الحق المغلوب على أمره. ومع ذلك فقد ادركوا بعض ما تعنيه الحرية وما تعلمه الديموقراطية، إذ وجد من حاولوا استعباده أنه بقي هو السيد المهيب.
 

Pages