قراءة كتاب العرب خارج عروبتهم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العرب خارج عروبتهم

العرب خارج عروبتهم

كتاب " العرب خارج عروبتهم " ، تأليف طلال سلمان ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 4

وهنا يصبح للقاء المسؤولين التوانسة الجدد مع رموز الطائفة اليهودية في تونس، دلالات تتجاوز التسامح الديني... خصوصاً أنه لم يصدر عن السلطة الجديدة ما يفيد بالقطع مع السياسة التي اعتمدها الطاغية بن علي متمثلة في إقامة تمثيل دبلوماسي مع إسرائيل.

كذلك فقد صدر عن ممثلين للسلطة الجديدة في ليبيا، مجهولة الهوية والمؤقتة دائماً والمنقسمة على ذاتها والمهددة بالتبعثر، ما يؤكد الالتزام بالشريعة حرفياً وصولاً إلى الحجاب، ورطنوا بالإنكليزية وهم يعلنون شكرهم محرريهم بقيادة الحلف الأطلسي، وتقبلوا مباركات وزيرة الخارجية الأميركية السيدة هيلاري كلينتون، لكن احداً منهم لم ينطق كلمة فلسطين علناً، ولا أشار إلى إسرائيل ولو إشارة عابرة.

... ونصل إلى مصر وحقيقة أن «ميداناً» فيها قد صنع الثورة وأسقط رأس النظام، وأن «ميداناً» آخر كان يعقد الصفقات مع الرأس المؤقت للنظام ليؤمن المناخ الذي يمكنه من جني ثمار الانتفاضة التي لم يكن من أطلقها، ولكنه كان الأقدر على الإفادة من مناخها لتحقيق نصر سياسي باهر لم يكن ليتحقق له لولا «التواطؤ» شبه المعلن مع المجلس العسكري، بدءاً من الفتوى حول تعديل الدستور وتسلسل عملية بناء المؤسسات، وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية.

ومع التسليم بحق من اختارته الأكثرية ليمثلها في المجلس النيابي، عبر انتخابات حرة يملك الإسلاميون عدة اجتياحها بشعاراتهم وحسن تنظيمهم وقدرتهم على استقطاب عامة المؤمنين، والأهم: بإمكاناتهم المالية المحترمة، وعبر استخدامهم فزاعة البديل: إما الشيوعي الكافر، وإما السلفي الهمجي والمتخلف.

ومع التسليم بكفاءة الإخوان المسلمين في الإفادة من الفرص المتاحة، ومن قصور الوعي السياسي عند العسكر، ومن ثمار الانفتاح الأميركي على الحركات الإسلامية التي تخلت عن عدائها للإمبريالية والسياسة الأميركية والغربية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.

مع التسليم بذلك كله، فلا بد من الإشارة إلى أن التنازلات التي قدمها الإسلاميون للإدارة الأميركية، ولإسرائيل تحديداً ومشروعاتها التوسعية التي لا تستثني لا القدس ولا المسجد الأقصى خاصة، لا تبقي أية قيمة سياسية - بالمعنى الوطني، فضلاً عن القومي - للشعارات التي خاض بها الإخوان الانتخابات، والتي كانت بمجملها «محلية» أو «أممية» وليست من منطقة وسط تحدد الهوية والقضية، وبالتالي فقد سقطت فلسطين بشكل متعمد تجنباً لاستفزاز إسرائيل وواشنطن.

في البداية ظهر انحراف أولي عبر أحاديث لبعض رموز السلفيين عن الالتزام المطلق بمعاهدة كمب دايفيد ومقتضيات الصلح مع العدو الإسرائيلي.

وحين ووجه هذا الانحراف بانتقادات خجولة تحفظ الإخوان فهربوا من تحديد أي موقف، حتى إذا جاءت الإشارة الاميركية اندفعوا يجهرون بالقول أن ليس في برنامجهم إعادة النظر في معاهدة الصلح المنفرد مع إسرائيل، وامتنعوا عن تصنيف إسرائيل كعدو. ثم إنهم لم يقولوا حرفاً واحداً عن ضرورة وقف النهب الإسرائيلي للبترول والغاز المصري، حتى لا يخدشوا عفاف معاهدات الصلح المنفرد..

هل ما يطالعنا الآن في الدول العربية بشمالي أفريقيا خصوصاً، نسخة أخرى معدلة من الإسلاميين، ليس فيها ما كان لدى القدامى منهم من منحى جهادي يتخذ من فلسطين عنواناً له؟

لقد كان الإسلاميون، تاريخياً، معادين للقومية، ويعتبرونها بدعة استعمارية اقتبسها بعض المضللين من العرب عن مستعمريهم ليخرجوا على الخلافة والسلطان العثماني، ولهذا نادوا بخلافة عربية ثم عدلوا فجعلوها مفتوحة أمام أمة الإسلام عامة.

ولكن الإسلاميين، أو معظمهم، كانوا معادين للصهيونية وبالتالي لإسرائيل، وقد قاتلوا تحت راية فلسطين ولهم فيها شهداء.

هل متى صار الخيار بين السلطة وفلسطين تصير المفاضلة صعبة حتى التخلي عن القضية المقدسة؟

ولماذا السلطة، إذن، إذا ما جاءت كمنحة أميركية شرطها الأول التخلي عن القضية، أي عن الهوية... والإسلام فيها؟

ذلك هو السؤال المطروح على إسلاميي السلطة الجديدة في مصر وتونس وليبيا والأقطار الأخرى التي تموج بالثورة لأهداف تتجاوز السلطة إلى جوهر القضية.

ففلسطين قضية داخلية في مصر كما في كل بلد عربي... وأبسط الأدلة امتلاء الجدران في المدن والأرياف بصور الشهداء الذين قاتلوا حتى الاستشهاد لحماية الاستقلال والثروة الوطنية والحق ببناء غدٍ أفضل، أبرز عناوينه، تحرير الإرادة كمدخل لتحرير الأرض والثروة الوطنية وبناء الديموقراطية، في ظل نظام يحمي حرية استقلال الدولة وقرارها المستقل.

11/1/2012

Pages