كتاب " التعلم التعاوني " ، تأليف د.
You are here
قراءة كتاب التعلم التعاوني
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
فكل ما يدعو إلى التقدم والرفاهية في مجالات الحياة المختلفة في إطار من الحق والعدل تحت الشريعة الإسلامية دعا إليه الإسلام، لأنه من فيض التعاون على البر والتقوى.
وقد أيقن الفلاسفة المسلمين قديماً طبيعة التعاون وأهميته للإنسان من خلال فهمهم للإسلام وشريعته السمحة التي تحث على التعاون، وفي عملية التعلم إذ يساعد التعلم التعاوني على إبراز ميول واستعدادات المتعلم، إذ يقول الفارابي (339 هـ )في كتابه "آراء أهل المدينة الفاضلة"، (إن الإنسان بفطرته يحتاج إلى مشاركة الجماعة في الحصول على احتياجاته اليومية، أي أن كل واحد من الناس مفطور على انه يحتاج في قوامه، وفي أن يبلغ أفضل كمالاته، إلى أشياء كثيرة لا يمكن أن يقوم بها كلها وحده، بل يحتاج إلى قوم كل واحد منهم يقدم شيء مما يحتاج إليه).
وأما آراء ابن مسكويه (421هـ) فأتفق مع النظريات الحديثة التي تؤكد أن الإنسان لا يكتفي بنفسه في تكميل ذاته بـل يحتاج إلى معاونة الآخرين حتى يعيش حياة طيبة.
وقد أوصى ابن جماعة (636 - 733 هـ) المعلم بأهمية الاهتمام بالتعاون بين الطلبة والسعي في جمع قلوبهم، ويذكرهم بأن يتعاهد المعلم على ما يعامل به الطلبة من إفشاء السلام، وحسن التخاطب والتعاون على البر والتقوى وعلى ما هم بصدده، وعليه أن يمنع كل أسباب التنافر والتباغض بينهم لأنها سبب العداوة والبغضاء، ورغـّب ابن جماعة في مشاركة المتعلم زملائه والتعاون معهم ومساعدتهم بجميع الوسائل، وحث المتعلم على أن لا تبعده المنافسة عن مساعدة زملائه، وأكد أن ما يتعلمه الفرد بالتعاون مع زملائه أنفع وأعلى قيمة مما يتعلمه نتيجة المنافسة، فالموقف التعاوني عـند ابن جماعة أعظم أثرا ً في نمو شخصية المتعلم من وسائل التحصيل الفردية.
ويؤكد ابن خلدون (808هـ) أن الاجتماع الإنساني ضروري لأن الإنسان مدني بالطبع أي لابد له من اجتماع وذلك للحصول على الغذاء لدفع خطر الحيوانات الضارة، ومن هنا فحاجة الأفراد إلى التفاعل والتعاون تدفعهم إلى البقاء أحياء.
أما ابن سينا (980-1037) فيرى أن جماعة الرفاق تقوم بدور فعال في نمو الفرد وتطبيعه اجتماعياً.
وتناول برهان الإسلام الزرنوجي التعلم التعاوني قائلا " ألا يستحق التعلم الأفقي- أي تعليم المتعلمين الأنداد بعضهم بعضاً- منا إعادة نظر ".
وأما سقراط ( 468 – 399 ق.م) فيرى أن الرابطة الصحيحة بين الناس هي الرابطة الناشئة من الحاجة إلى التعاون بالعدل، واتفق مع أرسطو (384 – 322 ق.م) الذي قال بأن الإنسان حيوان اجتماعي.
أما التعلم التعاوني (Cooperative Learning) فهو أحد تقنيات التدريس التي جاءت بها الحركة التربوية المعاصرة ويقوم على تقسيم الطلبة على مجموعات صغيرة تعمل معا ً لتحقيق أهداف تعلمهم الصفي،وقد ظهر في التربية الإسلامية منذ صدر الإسلام واستمرت إلى حين ظهور المدارس في العصور المتأخرة، ومن أهم الأصول التي وجدت جذورها في النظام التربوي الإسلامي والتي تتفق مع مبادئ التعلم التعاوني في العصر الحديث ما يلي:
الحلقة- حيث يقابل نظام المجموعة في التعلم التعاوني، وعليه يعتبر المسلمون أول من وضع أسس الحلقات التعليمية.
المناقشة- كان المعلمون يحثون الطلاب على المناقشة والمناظرة، سواء كان ذلك بين الطلاب أنفسهم أو مع غيرهم.
الكُتاب أو الكتاتيب- هو مكان من الأماكن الأولية لتعليم الناشئة حفظ القران الكريم ومبادئ القراءة والكتابة، وقد عنيت بتربية وتعليم أبناء وبنات المسلمين منذ العصر الأموي وحتى الوقت الحاضر.
وفي مجال التربية والتعليم فقد قرر جوهان اموس كومننس
(Johann AmosComenius, 1592-1679) في العصور الوسطى ما بين (1592-1679) إن الطلاب يمكن أن يستفيدوا أكثر من بعضهم البعض عندما يتعلمون من الآخرين ويعلمونهم ويتبادلون عملية التعلم فيما بينهم.
ويرى باللنتين Ballantine أن التعلم التعاوني منتشر في الرياضة والصناعة والجيش بشكل مخطط ونظامي، ولكنه استخدم في التعليم بطريقة غير نظامية حتى طورت أسس علمية وأطر ومفاهيم ونماذج إجرائية في السبعينيات من القرن العشرين.
ويشير تيلمود (Talmud ) إلى التعلم التعاوني بقوله: " بأنه لكي يتعلم الفرد بشكل أفضل يجب عليه أن يحدد رفيقه الذي يعاونه في التعلم".
وفي القرن الأول الميلادي ناقش كونتليان (Quintillion) التعلم التعاوني بقوله: "بأن الطلبة يمكنهم تحقيق استفادة أكبر من التعليم عندما يقوموا بتعليم بعضهم البعض".
وقد نصح الفيلسوف اليوناني سقراط Socratic باستخدام التعلم التعاوني، إذ يرى انه (عندما تدرس، فانك تتعلم مرتين) When you teach you learn Twice، فالمعلم يستفيد مرة عندما يعلم الآخرين، ومرة أخرى عندما يتعلم من الآخرين.
وفي أواخر عام (1700) أجرى كل من جوزيف لانكستر وانديو بيل
(Joseph Lancaster &Andew Bell ) استخداماً واسعاً للتعلم التعاوني في دراساتهم
في انكلترا.
أما في أمريكا وفي خضم حركة المدارس في مدينة نيويورك (1800) كان هناك تأكيد قوي وتركيز كبير على استخدام إستراتيجية التعلم التعاوني عندما افتتحت مدرسة موفمانت (School Movement) ) في بداية عام 1806.
وفي العقود الثلاثة الأخيرة من القرن التاسع عشر، أكد الكولونيل فرانسيس باركر (Colonel Francis Parker) أحد مؤيدي التعلم التعاوني على الدور المهم الذي يقوم به التعلم التعاوني في إثارة الحماس والتعاون والإخلاص في العمل، إذ اعتمد نجاح هذه الطريقة من خلال إيجاد جو مدرسي ديمقراطي تعاوني، وكان (Parker) مديراً للمدارس العامة في ولايتي (Massachusetts', Quincy) من عام 1875 وحتى عام 1880 وقد زاره خلال هذه الحقبة أكثر من (30) ألف زائر سنوياً لاختيار إجراءات التعلم التعاوني، وقد أدت هذه الطريقة إلى زيادة التعلم التعاوني بين الطلبة في المدارس الأمريكية طيلة القرن التاسع عشر.
وبدأ الاهتمام الفعلي بالتعلم التعاوني منذ عام 1900 أي أن التعلم التعاوني
ظهر في بدايات القرن العشرين ضمن مشروع جون ديوي (John Dewey) الذي ساعد
على تعميق التعلم بصفة عامة عند الطلبة وتحقيق أهداف المنهج بفاعلية عالية، الذي كتب
في عام 1916 وكان أستاذاً بجامعة شيكاغو آنذاك كتابه (الديمقراطية والتربية)
(Democracy & Education) وفيه بين أن حجرات الدراسة ينبغي أن تكون مرآة تعكس ما يجري في المجتمع الأكبر، وان تعمل كمختبر أو معمل لتعلم الحياة الواقعية، ولقد اقتضى فكر ديوي (Dewey) أن يجد المعلمون في بيئاتهم التعليمية نظاماً اجتماعياً يتسم بإجراءات ديمقراطية وبعمليات علمية، وان مسؤولياتهم الأولى يمكن أن تستثير دوافع الطلبة ليعملوا متعاونين ولينظروا في المشكلات الاجتماعية اليومية المهمة، زيادة على جهودهم
التي يبذلونها في مجموعات صغيرة لحل المشكلات بتعلم الطلبة المبادئ الديمقراطية من
خلال تفاعلاتهم اليومية الواحد مع الأخر، وطورديوي (Dewey) استخدام أسلوب مجموعات التعلم التعاوني بوصفها جزء من طريقته المشهورة في أساليب التعلم وذلك في أواخر عام 1930.
ومع ذلك فقد تعرض دوب وماي (Doop, 1937 &May ) للتعاون والتنافس من خلال نظريتهما الاجتماعية والاقتصادية والتي ميزا فيها التعاون والتنافس، ووضع بارنارد (Barnard,1938) نظرية شاملة لطبيعة النظم التعاونية مركزاً فيها على العوامل الاجتماعية التي تظهر المواقف التعاونية وناقش نظام العمل التعاوني باعتباره أسلوباً من أساليب التعاون وتوصل إلى أن التعاون من أكثر العوامل فاعلية للتغلب على الفروق الفردية. لكن التعلم التعاوني المنظم بدأ عام 1949 على يد دوتيش Deutechالذي نادى باستعماله أسلوباً بديلاً عن التعلم الاعتيادي القائم على الشرح والعرض الذي يقوم به المعلم لطلبة الصف بكاملهم. وعرض "دويتش" تصورات نظرية حول التعاون والتنافس معتمداً في تصوراته النظرية على نظرية كيرت ليفين (Kurt Lewen) عام 1937م في الدافع التي يفترض أن حالة التوتر في دوافع الشخص توجد عندما تتأثر نواتج كل شخص بأفعال الآخرين
نحو تحقيق أهداف مطلوبة ومن نماذجه الهدف التعاوني المستقل، الهدف التنافسي المستقل، الهدف الفردي.
وفي عام 1957م أهتم توماس (Tomas) بنظريته في مفهوم تسهيل تحرك الأعضاء لأداء أدوارهم في المواقف التعاونية المبنية على تقسيم العمل بين أعضاء الجماعة.
وطور هربرت ثيلين (Thelen Herbert,1960) في جامعة شيكاغو إجراءات أكثر دقة لمساعدة الطلبة على العمل في جماعات، وذهب "ثيلين" إلى أن الدراسة ينبغي أن تكون
معملاً أو مختبراً أو بيئة ديمقراطية مصغرة هدفها بحث المشكلات الاجتماعية والمشكلات البينشخصية المهمة"، ولقد كان "ثيلين" عاكفاً على دراسة ديناميات الجماعة، وطور صيغة أو صورة واضحة المعالم وتفصيلية لبحث الجماعة وقدم أساساً تصورياً، مفاهيمياً للتطورات الجديدة في التعلم التعاوني.
وبدأت في أواخر الستينات دراسة التعلم التعاوني إذ عكف الباحثون بتحليل التفاعل في المواقف التعليمية وتشجيع المنافسة بين الطلبة.
وفي بداية السبعينات وخلال مرحلة الثمانينات من القرن العشرين بدأ الاهتمام باستخدام التعلم التعاوني وأمكن تطبيقه في الصفوف الدراسية وفي المعاهد والكليات، وهكذا توالت الجهود وتطور التعلم التعاوني وانتشر في دول عدة من العالم في الولايات المتحدة وكندا واستراليا وأنشأت له مراكز وأساليب متعددة، وأصبح استخدام مجموعات التعلم التعاوني أكثر انتشاراً واستخداماً خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة في الدول الغربية والعربية التي تم تطوير العديد من استراتيجياته، بعد أن طبق في تدريس بعض المواد كالرياضيات والعلوم، ألا إن القليل من المدرسين استخدموه بوصفه أسلوب تدريسي
رئيس لأسباب خاصة تتعلق بتصميم القاعات الدراسية، وتوفر الأدوات والأجهزة
والوسائل اللازمة.
وقد وجد جونسون وجونسون (Johnson & Johnson) أن التفاعل الصفي التعاوني يفوق التفاعل الصفي التنافسي من حيث معطياته التحصيلية، ومن حيث تقدير الأشخاص المتفاعلين لذواتهم، ومن حيث ميل بعضهم للبعض الأخر.
ويشير ويلر و راين (Wheeler & Rayan, 1973) إلى أن التعلم التعاوني طريقة تنمي روح المحبة بين الأفراد المتعلمين، وتعمل على أن يستفيد بعضهم من البعض الأخر.
وأما جولدمان وستوكبر (Goldman & Stockbauer, 1977) فيؤكدا أن عمل التلاميذ في بيئة يسود فيها العمل التعاوني يزيد الاهتمام بالأقران والمادة الدراسية والشعور بالثقة المتبادلة، وتزداد المشاركة والمسؤولية أثناء أداء المهام.
وتوصل بريجمان (Bridgeman,1977) إلى أن التعلم التعاوني يزيد مبررات تبني الآخرين لأدوارهم من خلال الاهتمام بالمنظور الانفعالي للآخرين، كما أنه يزيد من تقدير الذات والجاذبية الشخصية، ويقلل من الأنانية بين التلاميذ.
وطور ايلوت ارنسون (Eliot Aronson,1978) إجراءات أسلوب التعلم التعاوني المسمى بـ "تكامل المعلومات المجزاة التعاوني" في جامعة كاليفورنيا لاستخدامه في تقويم مواد تعليمية تشجع على التعلم التعاوني.
وأشار سلافين وآخرون (Slavin&et.al,1981) إلى أن طريقة التعلم التعاوني يكون العمل فيها على شكل مجموعات تعاونية صغيرة مكونة من أربع إلى خمس طلاب في كل مجموعة، وتكون هذه المجموعة غير متجانسة، بحيث تضم كل مجموعة مختلف المستويات لضمان تحسين التحصيل.
وفي عام 1982 ابتكر كل من روبرت سلافين وروبرت سلافين ومعاونوه معا (Slavin&et.al,1982) برنامجاً تعاونياً لدراسة القراءة والكتابة وفنون اللغة اعتماداً على نتائج بحوث القراءة والكتابة وأطلق عليه اسم "التكامل التعاوني للقراءة والتعبير".
وفي عام 1984 وضع جونسون وجونسون خمسة عناصر أساسية في التعلم التعاوني هي الاعتماد المتبادل الايجابي والتفاعل المباشر المشجع والمسؤولية الفردية والمهارات الخاصة بالعلاقات بين الأشخاص والمعالجة الجمعية.
ووجد فوستر وزملائه Foster & et.al,1985)) إن الطلبة الذين يعملون ضمن نظام المجموعات التعاونية يمكنهم أن يكونوا أكثر إبداعاً ممن يعملون بصورة انفرادية.
ويرى همفريز وجونسون وجونسون (Humphreys, Johnson & Johnson, 1982) إن أسلوب التعلم التعاوني يرفع تحصيل التلاميذ واحتفاظهم بالمعلومات الدراسية وإتقانهم لها وتطبيقها في مواقف أخرى، كما أنه يزيد الرغبة في التعلم ويولد اتجاهات ايجابية
نحو الموضوع.
ويرى بل (Bell,1986) إلى أن التعلم التعاوني أفضل في الوصول إلى التعلم لان الجماعة تمد المتعلم بوفرة من الأفكار وأوجه النقد.
ووجد جويس ومارشهام Joyce & Marsham,1986)) إنه لكي يتحقق التعلم التعاوني لابد من توفر شرطين يتمثل الأول في تحديد الهدف الذي يجب أن يكون مهما لأفراد المجموعة، ويتمثل الشرط الثاني في توافر المسؤولية الجماعية في كل مجموعة.
بينما تؤكد رابين (Rubin,1987) بان التعلم التعاوني إستراتيجية تقضي على الملل وتجعل المادة التعليمية مثيرة للتعلم ومشوقة.
ووجد براون وزملائه (Brown& et.al,1988) إن تعليم المجموعات الصغيرة
هو عادة أفضل من الطرق الأخرى في تعزيز المهارات العقلية وتشمل حل المشكلات
وتغيير الاتجاهات وتكمن قوتها في تفاعل الأفكار ووجهات النظر وهذا يطور قدرة الطالب على التفكير.
ويضيف ريتشارد وزملائه (Richard& et.al,1988) إلى فاعلية العمل التعاوني في استيعاب المعلومات وتذكرها وتخليص الطلبة الانطوائيين من هذه السمة من خلال المشاركة مع الآخرين، فهو بمثابة علاج لهم من خلال مشاركة الآخرين في التعلم.
ووجد جونز وزملائه (Jones,&et.al,1989) إن الطلبة في تعلم المجموعات التعاونية يتشاركون في خمس فوائد ايجابية هي التعاون المطلوب بين الطلاب يمنع طالباً واحداً من القيام بالعمل دون الآخرين، تجعل كل طالب يتعلم ويتقن المادة بغرض تحسين تقدير المجموعة وتمكن الطلاب ذوي مستوى التحصيل المنخفض من تلقي مكافأة أو تعزيزاً لان التقدير يعتمد على حدوث التحسن الفردي مهما كان بسيطاً بالنسبة للمستوى السابق، يعزز الطلاب ويدفعهم للتعاون طالما أنهم يتلقون التقدير ليس فقط على ورق الامتحان إنما أيضاً يكافئون من قبل المعلم وطلاب الصف ويظهر استخدام مستويات أعلى من التفكير كلما ناقش الطلبة المادة مع بعضهم بعضا.