كتاب " الضغوط والأزمات النفسية وأساليب المساندة " ، تأليف د.
قراءة كتاب الضغوط والأزمات النفسية وأساليب المساندة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
وبشكل عام فإن الضغوط النفسية عند المعلمين تنبع من المصادر التالية:
1- مصادر الضغط النابعة من قبل الإدارة المدرسية بما تحمله من زيادة أعباء العمل وعدم تقييم جهود المعلمين بالإضافة إلى إتباع الإدارة التسلطية بالتعامل مع المعلمين.
2- مصادر الضغوط النابعة من قبل البيئة يما تحتويه من ضغوط الطلبة، وأولياء الأمور، وضغوط البيئة الفيزيقية، وقلة إمكانياتها وقدراتها.
3- مصادر الضغوط النابعة من قبل الزملاء والناتجة عن سوء التواصل وما تحويه من وجهات نظر متعارضة، والمنافسة وحدوث أنواع مختلفة من الصراعات من أجل إظهار الأفضل و الأحسن واثبات الذات على حساب الآخرين من الزملاء.
كما أن معيقات التطور الوظيفي أحد مصادر ضغط العمل لدى المعلمين، ومن عوامل الضغط المرتبطة بهذا المصدر: الخوف من الفشل في أداء المهام والعمل الجديد، أو الخوف عن مجاراة التغيرات التكنولوجية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، فإذا لم يتمكن الفرد من التوافق مع التغيرات الجديدة.
وهناك مصادر أخرى كثيرة للضغوط النفسية من أهمها: طبيعة الشخصية، والحياة الخاصة للفرد، وطبيعة العلاقات مع الآخرين والحالة الاجتماعية للفرد.
وتمثل الضغوط النفسية والمهنية تهديدًا للمعلمين بسبب ما ينشأ عنها من تأثيرات سلبية عليه.
4- مصادر مهنية (مؤسسية) ضاغطة وتتمثل في صراع الدور وغموضه وعدم المشاركة في صنع القرار، والأعداد غير الجيد للمعلم الذي لا يلائم طبيعة المهنة، والضغط الناشئ من الطلبة أنفسهم وخصائصهم، والضغوط الناشئة من إدارة المدرسة والنقص في المساندة الاجتماعية سواء من المدير أو الزملاء أو المشرفين.
5- مصادر فردية (شخصية) تتمثل في عدم الرضا عن العمل وعدم الرضا عن الحياة. إضافة إلى بعض المتغيرات الديموغرافية المتمثلة في السن و المؤهل الدراسي للمعلم و الجنس وسنوات الخبرة.
علامات الضغوط النفسية عند المعلمين
من الأمور التي تلاحظ على المعلمون الضغط النفسي الذي يتعرض له بعضهم أثناء العام الدراسي سواء داخل الغرفة الصفية أو خارجها. ولهذا الضغط النفسي علامات منها :
1- الشعور بالنفور من التدريس والملل من غرفة الصف والطلبة والتدريس.
2- قلة المشاركة في أنشطة المدرسة اللامنهجية لانخفاض الدافعية.
3- عدم الاهتمام بالتحضير للحصة الصفية، وتنفيذ الحصة بأقل قدر من الجهد والوقت .
4- التأخر في الذهاب للحصة وعدم متابعة واجبات الطلاب.
5- اتهام الطلبة بالكسل وعدم الفهم (حتى لو كان ذلك صحيحا)
6- كثرة التذمر من أوضاع المدرسة وأوضاع التعليم بشكل عام. وفي هذه الأعراض فان المعلم يعكس الحالة النفسية التي يشعر بها ، خاصة وأنه يشعر بأنه يبذل الجهد الكبير الذي يكون غالباً غير مقدر من قبل مدير المدرسة أو المشرف التربوي.
أسباب الضغوط النفسية عند المعلمين
* الأسباب التي تتعلق بالطالب
- سوء السلوك في الصف الذي يتمثل في التمرد والعدوانية بين الطلبة.
- انخفاض الدافعية للتعلم لدى الطلبة.
- بطء التعلم عند الطلبة.
- إهمال الواجبات البيتية وكذلك الأنشطة اللامنهجية.
* الأسباب التي تتعلق بالمعلم
1- عدم إتقان المعلم أحياناً للمهارات والكفاءات التي تعينه على تعلم الطلبة. فبعض المعلمين يرى أن أسلوب السرد كافٍ لتعليم الطلبة ومن ثم لا يجد تجاوباً من الطلبة واتقاناً للمادة الدراسية مما يعرض ذلك المعلم للشعور بالإحباط.
2- نقص معرفة المعلم بالخصائص النفسية للطلاب فمن المعلمين من يجهل خصائص المرحلة التي يعلم فيها. فلا يعلم خصائص فترة المراهقة المبكرة، مثلا، وما يصاحبها من سلوكيات. فيفسر تصرفات الطلاب بقياسها على تصرفات الطلاب الراشدين. ويقيس قدراتهم في التعليم والتذكر والتصور المجرد كذلك على قدرات الراشدين. وهذا ما يجعله يتوقع أشياء كثيرة من الطلاب فيفاجأ بالقليل. أيضا عدم الإلمام بالفروق الفردية بين المتعلمين، واختلاف أساليب الطلاب المفضلة في التعلم. فمنهم مثلا من يفضل الأساليب الفردية، ومنهم من يفضل الأساليب الجماعية أو التعلم بطريقة المجموعات، ومنهم من يفضل أسلوب الشرح من المعلم ومنهم من يفضل أسلوب المناقشة والاستنتاج أو أسلوب التجريب العملي، أو التفكير الناقد.
3- عدم تمتع المعلم بالمرونة والتحلي بالصبر. فالتعلم يحتاج إلى وقت حتى يحدث وتظهر آثاره وعندما يفترض المعلم أن كل الطلاب يجب أن يتعلموا بنفس المستوى وبنفس الأسلوب والإستراتيجية سيصاب بالإحباط لأنه سوف يجد الكثير منهم لم يتقنوا التعلم أو حتى لم يحصلوا عليه.
4- عدم تنويع المعلم وتجديده للأساليب التي يعلم بها أو ما يسمى بالنمطية في التعليم اللجوء مما يساهم في الملل عند الطلبة الذي يعيق تعلم بعضهم، وهو أيضا يساهم في خفض مستوى الدافعية لديهم للمشاركة في النقاش وكل ذلك يجعل المعلم يرى عملية التعليم مملة له أيضا.
* الأسباب التي تتعلق بالمدرسة
1- عدم وجود التواصل الايجابي داخل المسرة سواء بين المعلم وزملائه أو بين المعلم ومدير المدرسة أو بين المعلم والمشرف التربوي.
2- الأجواء السلبية في بعض المدارس والتي تعمل على إحباط المعلم وتعمل كذلك على عزوفه عن المشاركة بالأنشطة اللامنهجية في المدرسة.
3- عدم الاهتمام بحل مشكلات المعلم سواء من قبل مدير المدرسة أو من قبل مدير التربية.
4- عدم الاهتمام بطرح الموضوعات ذات الطابع النفسي للمعلم في المدرسة والتي تعكس العلاقة بينه وبين عناصر المدرسة الأخرى في اللقاءات التربوية على مستوى المدرسة أو على مستويات أعلى.
5- العبء اليومي من حيث عدد الحصص.
6- عدم توفير المصادر المادية والتقنية التي تخدم المقرر الدراسي وتسهل على المعلم عملية التدريس كتجهيزات الغرفة الصفية وتوفير الأجهزة التي يحتاجها تنفيذ النشاطات في الدرس.
الآثار السلبية الناتجة عن الضغوط المهنية عند المعلمين
إن الضغوط المختلفة لمهنة التدريس التي يواجهها المعلم أثناء عمله في البيئة المدرسية لها انعكاساتها السلبية على النواحي النفسية والانفعالية والجسمية والاجتماعية لديه، لأن هذه الضغوط تتعارض مع التناغم الطبيعي لجسم الإنسان ونفسيته وقدراته الطبيعية، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة الضيق والتوتر والقلق والإحباط لديه، كما وقد يؤدي إلى تعب وإرهاق جسمي وعصبي يمنع المعلم من تحقيق التوازن ومن ثم يفشل في القيام بواجباته المهنية على أكمل وجه.
إذا لم يسارع في علاجها فقد يكون لها أثر سيء على الطلبة وعلى أجواء المدرسة بشكل عام. بل قد يتعدى أثرها إلى مستقبل المعلم التعليمي نفسه، بحيث تترسخ هذه النظرة فتؤثر على نظرة المعلم للطلاب .
أثار الضغوط النفسية على المعلم
المعلم كائن بشري تتأثر عواطفه ومشاعره وخططه المستقبلية بالضغوط النفسية وكل ما يدور حوله في البيئة. فإذا لم يبادر في التكيف وتعلم أساليب المواجهة للضغوط النفسية فإن ذلك سوف يؤثر على أدائه لعمله فيبدأ في اتخاذ قرارات غير سليمة، مثل قرارات المشاركة في بعض الأنشطة المدرسية أو أنشطة النمو المهني، وقد تصل تلك القرارات إلى العزوف عن مهنة التدريس، بل وتركها. كما أن وجود الضغوط النفسية عند المعلم يؤثر سلبا على نظرة المعلم للعملية التعليمية، ونظرته للطلاب، وهي نظرة إذا لم تعدل فقد تتأصل فتصبح دائمة، بحيث يكون لدى المعلم قناعة بأن الطلاب لا يحسنون التعلم ولا يستوعبون وأن العمل معهم عبارة عن جهد ضائع،وقد يفقد المعلم تواصله مع زملائه في العمل نتيجةً لذلك.
ويمكن تلخيص آثار الضغوط النفسية السلبية على المعلم بالنقاط التالية:
- عدم الرضا المهني والوظيفي من قبل المعلمين عن مهنة التدريس.
- عدم القدرة على مواجهة تحديات المهنة ومتطلباتها.
- ضعف مستوى الأداء وعجز المعلمين عن الابتكار داخل الغرفة الصفية.
- ضعف الدافع للعمل والنجاح في المهنة
- شعور المعلم بالإنهاك، والاحتراق النفسي مما يؤثر على كفاءته.
- الإصابة بالعديد من الأمراض النفسية والجسمية.
- انخفاض مستوى الثقة بالنفس، وتأكيد الذات والشعور بالدونية.
- انخفاض مستوى تحصيل الطلاب.
- العزوف عن المهنة، والبحث عن عمل آخر.
- زيادة معدل المشكلات والاضطرابات الانفعالية لدى المعلمين كالقلق والاكتئاب.
- الإصابة بالأمراض العضوية. كالضغط والسكري وآلام الظهر.
العـلاج
فيما يلي بعض الخطوات العملية لعلاج الضغوط النفسية عند المعلم:
- رفع الروح المعنوية للمعلمين بشكل عام، وإشعارهم دائما بقيمة ما يبذلونه من جهد. وهذه الخطوة يقوم بها مدير المدرسة والمشرف التربوي. وتذكيرهم دائما بأنهم بعملهم هذا يقومون بخدمة عظيمة.
- توعية المعلمين وتذكيرهم بالقواعد الأساسية في التعلم، والتعامل مع الطلاب، وبيان أهمية المرونة والصبر وضرورة الابتعاد عن النظرة المثالية للطلاب.
- تحسس حاجات المعلمين النفسية، ومراعاة الجوانب الإنسانية في التعامل معهم، وإشعارهم بالدعم في المواطن الحرجة.
- السعي للإبداع والابتكار في أجواء المدرسة بشكل عام، والبعد عن الرتابة، مع مراعاة قواعد عملية التغيير وأساليبه وما يصاحبها من ردود أفعال أو إحجام أو عداء أحيانا. فعدم الانتباه إلى هذه القواعد قد يولد ضغوطا نفسية أيضا.
- السعي لتنمية المعلمين وتطوير أدائهم وإكسابهم وسائل وطرق تدريس متنوعة وجديدة، بالمشاركة في الدورات التربوية، خاصة ما يتعلق منها بجانب إدارة الصف وأساليب وطرق التدريس.
الاكتئاب والضغوط النفسية عند المعلم
يتعرض الأفراد للضغوط النفسية في حياتهم عموماً بغض النظر عن اختلاف مكانتهم ووظائفهم، والضغوط النفسية التي يتعرض لها المعلم على وجه الخصوص ليست سيئة وسلبية على الدوام، فقد تكون الضغوط محفزة وداعمة للنجاح والتميز في العمل الوظيفي، فالمعلم الذي يجد نفسه محاطاً بالعديد من المهمات ومثقلاً بالأعباء والمشكلات، قد يدفعه الموقف الذي يحيط به إلى تنظيم وقته وشحذ همته للتعامل معه بكل اتزان وهدوء، فيؤدي هذا إلى إنجاز المتطلبات في زمن قياسي، وهنا نجد أن الضغوط النفسية قد أسهمت في توظيف قدراته وطاقاته بأقصى حد ممكن.
وقد تتحول هذه الضغوط إلى عبْ نفسي يهدد حياة المعلم كلها حين يستسلم لها دون مواجهة أو مقاومة فيشعر في داخله بالإحباط واليأس والضعف، فيفشل في أدارة هذه الضغوط وبالتالي الفشل في إنجاز ما يطلب منه، كما ينعكس ذلك على حياة من يتعامل معه سواء كان هذا في عمله أو في الأسرة. وبالرغم من أن معظم المعلمين يتعرضون لهذا التوتر والضغط النفسي لكن نجد هناك فروق بين من يديرها منهم بصورة منظمة ويهيئ نفسه للتعامل معها بكل قدراته وإمكانياته، وبين من يعتبر أن الضغوط جاءت لتدمره وتنهي رسالته وحياته المهنية.فالفهم والإدراك والقوة النفسية للمعلم تلعب دوراً مهماً في التعامل معها والتخلص منها بكل سهولة ويسر.
والفرد الذي ليس لديه إمكانات وكفاءة ذهنية ومعرفية تساعده على التعامل مع هذا النوع من الضغوط، يمكن أن يصل إلى مراحل شديدة من الإجهاد النفسي الذي يؤدي إلى ما يسمى بالاحتراق النفسي، يؤدي إلى فقدان سريع ومستمر ٍ للطاقة ويفقده والأماني والاهتمام بالعمل، فالإحباطات المستمرة وعدم الشعور بالتوازن تؤدي في الغالب للاحتراق النفسي للفرد والذي ينشأ غالباً عندما لا يكون الجو العام للمدرسة صحياً بما فيه الكفاية.
يؤكد علماء النفس أن تزايد الأحداث في حياة الإنسان إيجابية كانت أم سلبية (زواج، ترقية، أو وفاة، خسارة مادية ) داخلية كانت أم خارجية قد لا يكون مرغوباً فيها من الناحية الصحية فتكرر مثل هذه الأحداث يمثل ضغطاً نفسياً وعبئاً وجهداً على الجسم والصحة، مما قد يرتبط بالإصابة بكثير من أمراض العصر بما فيها الاكتئاب والقلق، حتى الأمراض الجسمية كأمراض القلب، والسكري، وضغط الدم، تبين أنها ذات صلة قوية بالضغوط اليومية، والإجهاد والضغط النفسي.
فالعديد ممن يواجهون متاعب جسدية أو نفسية أو عاطفية، بسبب تعرضهم لضغوط مستديمة لأن وجود الاستجابة للإجهاد ليس إلا للتعامل مع أحداث الحياة ومتطلباتها، فإن نظام المناعة لدى شخص ما قد تضعف … بل قد يصل به الحال إلى اكتئاب حاد وانهيار عصبي في الحالات الشديدة.
ومن يتعرض لاضطراب الضغط يعاني عقب الإصابة غالباً من ارتجاع الأحداث والكوابيس، ومشاكل النوم، واللامبالاة العاطفية، والهيجان العاطفي المفاجئ، وفقدان المتعة، وانعكاس الإجفال المبالغ، ومشاكل الذاكرة والتركيز، ويكونون أيضاً أكثر عرضة للأمراض العقلية الأخرى، بما في ذلك الاكتئاب، وغالباً ما يحدث اضطراب الضغط عقب الإصابة والاكتئاب معاً.
وتبين أن ظهور الأمراض النفسية يرتبط بأنماط الضغوط الانفعالية والاجتماعية التي قد نتعرض لها. فبداية ظهور الأمراض النفسية يجيء أثر التعرض للتغيرات الحياتية ؛ كالفشل الدراسي، أو وفاة أحد الأقارب، أو توقع الانفصال عن الأسرة، أو تغير الدخل المفاجئ نتيجة للفصل عن العمل..الخ، وينطبق هذا على الأمراض النفسية الخفيفة كالقلق، والاكتئاب النفسي، والأمراض العقلية الشديدة كالانتحار.
إن الاكتئاب يتمثل في شعور بالضعف واليأس وإحساس بالإنهاك بسبب العجز عن القيام بأي شيء إلى جانب فقدان الإحساس بالسعادة، وتبعاً لذلك، فإن بيولوجية الاكتئاب مختلفة فضلاً عن أن هذا الاضطراب يتطلب طرقاً علاجية مختلفة أيضاً، ولكن يمكن ربطه بالضغطالنفسي خاصةً وأن هناك أدلة كثيرة تشير إلى هذه العلاقة فالضغط النفسي يستتبع الشعور بفقدان السيطرة والقدرة على التوقع، وأن الأحداث الرئيسية المسببة للضغط النفسي، تسبق نوبات الاكتئاب في المراحل المبكرة من المرض. حيث أشارت دراسة أجراها (شلس وآخرون،1974) أن المكتئبين عادة يرون في حياتهم اليومية مواقف ضاغطة أكثر مما يرى الأسوياء بفرق دال إحصائياً.
إن الشخص المكتئب عادة ما يميل إلى أن يرى الجوانب السلبية في حياته ويضخمها ولا يستطيع أن يدرك ما فيها من جوانب مشرقة، هذا بالإضافة إلى أن كثيراً من الإكلينيكيين يلحظون سعي المكتئب المستمر من أجل البحث عن المشكلات والغوص فيها بل وخلقها أحياناً وكأنه يريد مبرراً لشكواه المستمرة.
ومما لا شك فيه أن ضغوط الحياة اليومية تمثل متغيراً مهماً في ظهور أعراض الاكتئاب. وهذا ما يفسر لنا شيوع الاكتئاب في حياتنا العصرية ذات الإيقاع السريع والتغير المستمر والتقلبات الحياتية الضاغطة والصراع المتواصل مع الظروف الصعبة التي تتطلب قدراً كبيراً من التحمل النفسي.
وبناء على ما سبق فليس بالمستغرب أن يتعرض المعلم الذي لا يملك قدرة على مواجهة التوتر والضغوط النفسية في حياته والعمل على التخلص منها، لاستنزاف طاقته والشعور بالإرهاق والتعب، وتتأثر عواطفه سلباً بالأحداث التي قد تؤدي إلى إصابته بالاكتئاب، خاصة أن هذا العصر بكل ما فيه من تقدم علمي وانفجار معرفي يقود إلى ظهور التحديات والصعوبات مما تجعله فريسة الأمراض النفسية من اكتئاب وقلق، لذا فإن المحصلة النهائية للضغوط النفسية تؤدي إلى جملة من الأمراض ذات العلاقة الوثيقة بالاضطرابات النفسية، تعرف بالأمراض النفسجسدية التي تكون في بدايتها نفسية المنشأ، ثم تتحول بعد تفاقم الإصابة إلى أمراض جسدية كالقلب، وضغط الدم، والسكري، وقرحة المعدة …الخ.
ومن حيث العلاقات الاجتماعية للمعلم وتواصله مع الآخرين، ينزع بعض المعلمون إلى العزلة وعدم التواصل مع الطلبة ويظهر ذلك من خلال نمطية التعامل معهم، وتصنيفهم تصنيفاً يقوم على الانطباع الشخصي وليس على أسس موضوعية، ومعاملتهم بطريقة غير إنسانية، ونتيجة لذلك يصبح المعلمون على قدر من التشاؤم واليأس وعدم التحمل، وبالتالي يبدأ المعلم في مقاومة النواحي الإيجابية المتعلقة بالعمل.
إن المعلم الذي يصاب بمرض الاكتئاب النفسي يعاني في بداية الأمر من مواقف التوتر والضغط في مهنته، فإذا لم يحسن التعامل معها والتخلص منها، تحولت فيما بعد إلى الاحتراق النفسي الذي ينهكه ويستنزف طاقته وقدراته، ويشعره بالتعب والإجهاد والسلبية في المشاعر والعواطف، وتدني في تحقيق الإنجاز والتفوق في مجال العمل. حيث إن هذه الأعراض الانفعالية والسلوكية تؤدي بالمعلم إلى الانزواء والرغبة في ترك العمل، خصوصاً عندما يفتقد إلى المساندة الوجدانية والدعم الاجتماعي الذي يحتاج إليه لكي يحقق الأهداف العليا لأداء مهمته ورسالته. فقد أشارت دراسة أجراها (شلس وآخرون،1974) أن المكتئبين عادة يرون في حياتهم اليومية مواقف ضاغطة أكثر مما يرى الأسوياء بفروق دالة إحصائياً.
إدارة الضغوط النفسية عند المعلمين
يمكن إدارة الضغوط النفسية عند المعلمين والتخفيف بإتباع عدة طرق منها:
- تدريبهم على الاسترخاء والطمأنينة.
- تدريبهم على زيادة مهارات التفاعل الوجداني في العمل.
- تعديل الوضع المادي للمعلم حتى يتمكن من أن يفي بمتطلباته الحياتية
- إعداد برامج ودورات تدريبية للمعلمين لتدريبهم على كيفية مواجهة الضغوط في العمل، وتبصيرهم بالطرق والأساليب العملية للتغلب عليها.
- الاهتمام بالإرشاد النفسي في المدارس والجامعات، وذلك لتدريب المعلمين على كيفية مواجهة الضغوط النفسية والمهنية التي تواجههم، وبالتالي التغلب عليها مما ينعكس على تكيفهم وتوافقهم معها بشكل أفضل.
إدارة الضغوط النفسية عند الطلبة
يعد الطلبة محور العملية التعليمية والتعلمية فأي خلل أو ضعف في أحد عناصر العملية التعليمية خاصة المعلم، يكون أثرها كبيرا على هؤلاء الطلبة. وفي هذه الحالة، فالأثر مباشر وعميق، فالطالب الذي يرى المعلم لا يبالي بالإعداد للدرس أو يتأخر في الحضور للحصة الصفية أو لا يهتم بالواجبات المدرسية بمتابعتها والتركيز على إنجازها من قبل الطلبة سيتولد لديه شعور مماثل بعدم الاهتمام بهذه الأمور. كما أن عدم اهتمام المعلم في أداء الحصة الصفية سيولد لدى الطالب نقص في الدافعية للتعلم مما يجعله يشعر دائماً بأن الدرس ممل . وهذا بدوره يزيد من الضغط النفسي لدى المعلم، كما أن القرارات التي يتخذها المعلم في تقويم الطلبة وهو في هذه الحالة على الأغلب لا تكون دقيقة.
عادة ما يتوقع الأهل من أبنائهم أداءاً متميزاً، وتصرفات وسلوكيات ذات مستوى عال من الدقة و الحرفية، وقد ينسى الأهل أو يتناسون أن أبنائهم في مستوى عمري معين، له حاجاته ومتطلباته، وان هؤلاء الأبناء لهم شخصياتهم المستقلة وظروفهم الخاصة، وقد يجد الأبناء أنفسهم في وضع لم يختاروه، بل فرض عليهم من مؤثر خارجي، يتصف بنوع من القوة والسلطة، التي يجد الأبناء أنفسهم معها غير قادرين على الاختيار الجيد، أو إرجاع الأمور إلى نصابها، وإنهم ملزمون من قبل الأهل على اتخاذ قرارات معينة، أو إتباع أسلوب معين، بغض النظر عن درجة قناعاتهم، أو رضاهم عن ذلك، وان هؤلاء الأبناء خاصة الذين يتمتعون بقدرٍ من التفوق، يجعلهم محط آمال، وتوقعات عالية من الأهل والآخرين، الأمر الذي يكوّن لديهم نوعاً من الضغوط النفسية التي إذا لم يحسن الأهل التعامل معها يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية، وقد تكون مدمرةً، إذا ما انعكست على شخصيات الأبناء، وسلوكياتهم، وتعاملهم مع مدرسيهم، وزملاءهم الطلبة، وأفراد أسرتهم.
يحدث الضغط النفسي عند الطلبة نتيجة شعورهم بوجود حوادث تشكل خطراً عليهم أو تهدد حياتهم، أو تعيق إشباع حاجاتهم، أو تحقيق أهدافهم، أو وجود أعباء يجدون أنفسهم معها غير قادرين على تحملها، أو التغلب عليها لأنها تفوق قدرتهم بوصفهم أفراد يشعر بحالة من عدم الارتياح.


