You are here

قراءة كتاب الثقافة والمجتمع

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الثقافة والمجتمع

الثقافة والمجتمع

كتاب " الثقافة والمجتمع " ، تأليف د. سمير إبراهيم حسن و تقديم أ.د خضر زكريا ، والذي صدر عن

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 2

تقديم

أحسست بسعادة غامرة عندما طلب مني الأستاذ الدكتور سمير حسن كتابة مقدمة لكتابه الأول (الثقافة والمجتمع)، فلقد عرفته منذ كان طالباً في قسم الدراسات الفلسفية والاجتماعية في جامعة دمشق، وكنت أستاذاً في ذلك القسم. أدركت أنه متميز منذ المحاضرات الأولى. كان شديد الاهتمام والانتباه، يشارك في المناقشات بآرائه الخاصة التي تدل على شغفه بالقراءة والتعرف على كل جديد، يطرح الأسئلة الجريئة في المسائل الحساسة، يدلل على وجهات نظره بمقاطع من قصة أو رواية أو قصيدة. من يومها كان شديد الولع بالأدب وبالثقافة بوجه عام.

في موضوع رسالته للماجستير (الاندماج الاجتماعي للمهاجرين الريفيين في الحياة الحضرية) وهو بحث يعتمد على دراسة ميدانية بالدرجة الأولى كان يولي العوامل الثقافية الاهتمام الأكبر. وما أزال أذكر المناقشات العديدة والحادة أحياناً، بيني وبينه حول مدى أهمية العوامل الثقافية، إذ كنت ألح على العوامل الاجتماعية- الاقتصادية في مسألة اندماج المهاجرين الريفيين في حياة المدينة، بينما يصر هو على أهمية البعد الثقافي في دراسة الاندماج.

لكنه في رسالته للدكتوراه اختار موضوعه المفضل (الثقافة والتحولات الاجتماعية في الوطن العربي- دراسة سوسيولوجية للنتاج الفكري العربي 1967/ 1990م). عندها "أخذ حريته" في معالجة المسألة الثقافية وعلاقتها بما يجري من تغيرات اجتماعية، والتأثيرات المتبادلة بين ما هو ثقافي وما هو اجتماعي- اقتصادي أو اجتماعي- سياسي. ومن يومها (1991م) مازال هذا الموضوع يشكل شغله الشاغل في بحوثه ودراساته اللاحقة، إلى أن فاجأني اليوم بمخطوط كتابه هذا، الذي يمثل خلاصة ما توصل إليه في تلك البحوث والدراسات، أو يمثل بالأحرى جماع القول فيها.

يبدأ الكتاب بالبحث في مفهوم الثقافة، وهذه ليست مهمة سهلة كما قد يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى، فهناك عشرات، وربما مئات التعاريف للثقافة، وهناك العلاقة، بل الالتباس بين مفهومي الثقافة والحضارة، والعلاقة بين الثقافة والمعرفة والعلم، وهناك ثورة المعلومات والاتصالات وما تركته من آثار على مقاربة مفهوم الثقافة... والمؤلف يعالج كل هذه المسائل بأناة وصبر من جهة وبكثير من الدينامية من جهة أخرى. فمفهوم الثقافة متعلق بمفاهيم أخرى عديدة، فعندما نتحدث عن ثقافة الأمة مثلاً لابد وأن نعالج مسألة الأنا والآخر، ومسألة الخصوصية في إطار ما هو عام، وهناك على سبيل المثال مفهوم إسلامي للثقافة ومفهوم غربي، مفهوم قديم تقليدي وآخر حديث، ويمكن الحديث عن مفهوم عام للثقافة (كل تغيير يدخله الإنسان على الطبيعة) ومفهوم خاص لها (الأدب والفن والعلم..). وهنا، عند الحديث عن الثقافة بالمعنى الخاص، يظهر المؤلف قدرته على التقاط أهم ما في الأمر- الثقافة بمعنى الاطلاع والمعرفة خارج المهنة أو التخصص الضيق - توسع آفاق المرء، وتجعله أكثر تمكناً من قدراته الذاتية، وأكثر قدرة على الاستيعاب والإبداع، وهي توسع خيارات الفرد، وتجعله أكثر حرية وأكثر قدرة على الاختيار، وأقرب إلى فهم الآخر والتواصل معه، وأقل تعصباً وانغلاقاً...

ويعالج المؤلف التغيرات التي تطرأ على ثقافة الشعوب والأمم مبيناً بطء تلك التغيرات في الماضي، وسرعتها اليوم مع التقدم العلمي والتكنولوجي. وهو هنا يبين ما يمكن عده سلبياً أو إيجابياً في التغيرات الراهنة. لكنه يوضح رؤيته العصرية المنفتحة والمتفائلة لمستقبل الثقافة الإنسانية رغم كل المخاوف والسلبيات المحتملة.

ثم يبحث فيما يسمى (الثقافة التقليدية) التي ترتكز بصورة أساسية إلى التقاليد والعادات المستمرة في حياة جماعة ما بما يصاحبها من نظم القيم والأخلاق والتصورات والمفاهيم... فيبين بعض سلبيات تلك الثقافة مثل بطء تغيرها، ومقاومتها للتجديد مما قد يوحي بالسلبية والتخلف الاجتماعي وبالانغلاق وعدم التفاعل مع العصر... ولكنه لا ينسى ما تتضمنه من أبعاد إيجابية كحماية مبتكرات الشعب التقليدية من النسيان والاندثار خشية الانقطاع عن العمق التاريخي للثقافة وجذور الهوية..إلخ

Pages