You are here

قراءة كتاب الآنسة ازدهار وأنا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الآنسة ازدهار وأنا

الآنسة ازدهار وأنا

رواية " الآنسة ازدهار وأنا " ، تأليف عدي مدانات ، والذي صدر عن

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 10

لم تُرضِهِ مساومتي على ما يبدو، فمال إلى التهديد. قال:

- ربما لم تدرك خطورة الوضع. مشروعي قيد التنفيذ، سيحاط منزلها بأبنية شاهقة الارتفاع، وسيمنع عنه الهواء والشمس، وتسبِّب لها أعمال البناء إزعاجات لا تحتملها. بوسعك أن تتصور الوضع على مدى سنتين أو ثلاث من الإزعاجات المستمرة وغير المقصودة بالطبع، فالبناء يتم وفق ترخيصٍ قانونيّ، وأعتقد جازماً أنّ من صالحها أن تقبل، فلا أحد يحتمل إزعاجات كل ما سيجري وضمن القانون، فكيف بفتاة وحيدة، حتى لو كانت في سابق عهدها مديرة مدرسة، فستظلّ فتاة ضعيفة. ستفكِّر عندها ببيعه بأيّ سعر متوفِّر. أنا لا أستغلّ ضعف موقفها، فأنا أعرض عليها سعراً عادلاً، ما كانت لتحصل عليه من غيري، ولا أقل منه بكثير.

استنفرني كلامه، كما لو كنتُ أنا الآنسة ازدهار، فرميتُ ما عندي بمغامرة، لم أكن أعرف نتيجتها. قلت:

- تعرف أن الآنسة ازدهار عنيدة بطبعها، وستتقبَّل الوضع على سوئه، إن لم تحصل على زيادة لا تقلّ عن نصف الثمن المعروض.

لم يُفاجأ كثيراً على ما رأيت. ردَّ على عرضي بالقول:

- هذا كثير.

غير أنني تمسَّكتُ بطلب هذا السعر كشرط للوساطة، وبعد مساومة

-أختصرُ الحديث دفعاً للسأم- اكتفى بالتعبير عن موافقته بأن قال:

- حصل، مبروك.

سُعدت للغاية لظفري بهذا السعر، الذي سيمنح الآنسة ازدهار فرصة ترتيب حياتها على نحو مرضٍ وآمنٍ لسنوات عمرها المتبقِّية، واعتقدتُ أنها هي الأخرى ستسعد بحصولها عليه وتشكرني لمساهمتي في المساومة التي رفعت من سقفه، وهو الأمر الذي ما كانت تُجيده، لو أنّ الأمر تُرك لها. غير أنني سرعان ما أدركت صعوبة المهمة حال مغادرة التاجر، فلم يكن من السهولة بمكان اجتياز عتبة منزلها بعد انقطاع طويل لم يكن له ما يبرِّره، ولم يكن من السهولة بمكان كسر حاجز الرهبة في نفسي، فقد كنتُ دائماً أشعر بتلك الرهبة في حضرتها.

بادرتُ إلى زيارة شقيقها مساء اليوم نفسه في عيادته، بقصد تشديد عزيمتي والحصول على تأييد لمهمَّتي. كنتُ على غير عادة مرتبكاً، فهو أوْلى مني بمهمّة كهذه، ولا أدري لِمَ أغفل أبو شكري شأنه واختارني، فلم أدخل في الموضوع مباشرة. دفعتُ كلامي باتجاه أسئلة تخصُّ أفراد الأسرة الآخرين وخصصت منهم الآنسة ازدهار. هنا أبدى مشاعر القلق والإحباط لخطورة الوضع، وكرَّر القول مرات عدّة بأنه فعل كل ما بوسعه لإقناعها بالعدول عن قرار التمسك بالمنزل وقدَّم لها عروضاً مختلفة، ومنها بيع المنزل وشراء شقة في بناء مأهول، غير أنها لم تأبه. تضرّج وجهه حتى خِلتُ أنّ دمعة طفرت من عينه، فأسرعتُ إلى التأكيد أنّ خيار البيع هو الأفضل، وأطلعته على عرض أبي شكري، فاكتفى بالقول:

- أرجو أن تنجحَ في ما فشلتُ أنا فيه.

كانت النتيجة محبِطة، غير أني حصلتُ على إجازة تأذَن لي بمباشرة مهمَّتي مسنود الظهر. لم اكتفِ بتلك الشحنة الزائدة من الحثّ والتأييد، فاختليتُ بشقيقتي، وهي على ما أدري أقرب الناس إلى الآنسة ازدهار الآن، وأطلعتُها على الأمر من كل جوانبه، فاكتفت بالقول:

- جرِّب.

فهمتُ من جوابها المبتسر أنّ مهمّتي صعبة، فقلت لها:

- لا أرى حلاً مرضياً لمأزق حياتها، بغير هذا، أريدكِ أن تكوني معي في زيارتي الثانية.

اعتذرت وقالت:

- أعرف الجواب مسبقاً.

لم تثنني حصيلتي المحبطة إلى حدّ ما عن فعل ما عزمتُ فعله، فالواحد منا يعتقد أنّ لديه من القدرة على الإقناع ما لا يتوفر لدى غيره، ومع ذلك لم أتوجَّه إليها وأباشر مهمَّتي في الحال، فقد لزمني مزيد من الاستقصاءات والمعلومات والاستعداد الذهني والنفسي، لأكسب المزيد من الثقة بنفسي، غير أنّ «أبو شكري» لم يتركني وشأني، فقد ذكَّرني في زيارة خاطفة أنّ الوقت ينفد، وأنه سيتخلّى عن عرضه نهاية الأسبوع إن لم يتلقَّ جواباً، فوعدتُهُ خيراً.

Pages