كتاب " الإخوة الأعداء " ، تأليف نسيم ضاهر ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب
قراءة كتاب الإخوة الأعداء
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
حيثما حلّت الجماعات، برز التزاحم على المناصب، وأدَّى في غابر زمان، ولغاية العصر الحديث إلى تصفيات جسدية وجرائم مكتومة تكشَّفت مع تبدل الأحوال.
فعلى سبيل التعداد، لا الحصر، يُؤرِّخ للتصفيات التي رافقت تمدّد المغول والتتار واندفاعهم نحو الغرب، ولنزاعات أهل البيت مع الأمويين، ومن ثمَّ العباسيين، والمقتلة التي نزلت بالمماليك، وما أضحى تقليداً طوال قرون من تصفيات داخل أسرة بني عثمان.
كذلك أعطت بريطانيا نموذجاً عن قسوة أهل الحكم في ما بين بطون النورمانديين، وتجسّدت إبادة طبقة النبلاء أوروبياً في معركة كريسي (1346)، لتتبعها، بفاصل قرنين، الحروب الدينية على مدى قرن، بلوغاً لمعاهدة وستفاليا عام 1648.
وكانت الإمبراطورية الرومانية، بجناحيها الشرقي والغربي، مسرحاً دائماً للعبة الدسائس والموت وتوسل العنف في أعلى المراتب والهرم، وباتت إنجازاتها الحضارية تنوء بمشاهد المؤامرات وما عُرِفَ بثورات القصور، تلتهم نار العداوات أبناءها، وتضعف قدرتها على الصمود.
وقريباً منا، مع بدايات العصر الحديث، افتتحت الثورة الفرنسية فصلاً دموياً جديداً في التاريخ، وأورثتنا الخوف من المقصلة، بمحموله المادي والجسدي، الإيحائي (الرمزي) المرادف للتنكيل السياسي في الحقبة الحاضرة. لئن أعطت الحرب الأهلية في الولايات المتحدة، منتصف القرن التاسع عشر ، دفعاً للمساواة، فقد سطَّرت مجازر حقيقية بين الاتحاديين والكونفدراليين، وتركت ندوباً قائمة وماثلة في الوجدان. غير أن روسيا، الخارجة من حكم قيصري استبدادي مديد، تفوقت بدورها على سابقاتها، إذ قادها البلاشفة وتخلصوا تباعاً من المناشفة والاشتراكيين الثوريين، ليدخلها ستالين في دائرة الشك من الرفاق المقرّبين، ويلبسهم تهمة خيانة الشعب والدولة، ومختصر الطريق نحو الغولاغ وثلة الإعدام.