You are here

قراءة كتاب خرفان المولى

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خرفان المولى

خرفان المولى

كتاب " خرفان المولى " ، تأليف ياسمينة خضرا ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 2

طرد قادة هِلال ذبابة بفظاظة. تشنّجت قسمات فَكيه لحظة قبل أن يبدأ تحريكهما بوجه غاضب دوماً. إنه حفيد "قايَد" مُستبد، تربى على التقشف واحتقار الحكام الجدد الذين استولت شراهتهم على جزء غير يسير من إرثه. أُسقِط إلى صف "الدهماء"، فلم يسمح البتة للاختلاط بأن يزيد في إذلاله كل يوم أكثر، هو الذي كان يحلم منذ نعومة أظفاره بأن يعيد استرجاع كرامته وامتيازاته في بلد يتقهقر باستمرار. أتْعبه الصراع واستولى عليه اليأس، فرضي بوظيفة معلّم، ليجد نفسه يناضل مع الحركة الإسلامية السرية، بضغينة لا تنفك تتضخم مع مرور الأيام.

التفت نحو الشرطي بنظرة متقدة.

- أتظن نفسك قد نجحت يا علال؟ لم يتردّد آخرون قبلك في الادعاء بالنجاح أيضاً. ولكنهم عادوا خائبين يجرون مرارتهم عبر أزقة القرية، ولا أحد تعاطف معهم.

- كلام لا معنى له...

- أتظنّ ذلك؟ في البداية، نتقمص رَأْس بغلة، ونضع غمامة حول العينين، وننطلق غير آبهين لشيء. تراودنا فكرة واحدة ثابتة: الابتعاد عن هذه القفار. ولكننا نَعُود دوماً إلى نقطة الانطلاق. وهنا، يكون الوقت متأخراً لإصلاح ما تكسّر. إن عمّي النائب عرف مثل هذه الحالة. ظنَّ نفسه شخصية كبيرة. النتيجة: انتهى به المطاف إلى مخاطبة الأشجار داخل الغابة، لأن لا أحد رضي أن يستمع إليه... احذر يا جعفر. علال شرطي، لم تعد له مصداقية.

قال جعفر مُغمغماً، بهَيئة متأثرة:

- لم أعد أرضع إصبعي.

انتبه علال إلى أن غصنه قد تكسّر. مَسَح يديه النديتين على ركبتيه واكتفى بمراقبة زان القزم، الجاثم فوق غصن كما الطائر الكاسر، على الجهة الأخرى من الوادي.

ارتفعت رائحة الأشجار والدغل. في المنحدر، انكمشت القرية في دياجي الليل. اختفى الأطفال. أرسل حمار نهيقه المزعج عبر الحقول، فخنقه مباشرة نباح كلاب.

أشعل قادة سيجارة بطرف السابقة. لمْ يعد وجهه إلا لوحة لا تعبّر عن شيء، عصية الإمساك بها تماماً مثل عبوسه. قال جعفر:

- عندما أحاول إقامة جردة حساب لحياتي، أكتشف أنّها لا تستحق أدنى وقفة. سَبع وعشرون سنة من التوافه. الأيام أكثر فراغاً من الليالي. تستيقظ في الصباح لتنام في المساء، وقد بلّدتك الصور المكرّرة. ردود الأفعال دائماً هي نفسها، والتوافه نفسها...

قال علال لائماً:

- إنك لا تفعل شيئاً لتغيير وضعك.

ردّ جعفر بحسم، هو الذي اكتسب في القرية، مُنذ فترة طويلة، سمعة مناصر أقل جهداً...

- لا شيء يستحق أن نحرق أعصابنا من أجله. لو كان لدي الخيار، لأحببت أن أكون أسداً. نعم أسداً وليس ملكاً. للملك قلاقل كثيرة. أما الأسد فإنه حيوان مريح البال، قوّاد بعض الوقت، مع حريم وجمع من الأطفال، رائحة الطرائد وشعور لا نهائي باللاعقاب...

انتفض الشرطي:

- أتريد الصراحة؟ إن رَجلاً يحلم بأن يكون بهيمة لا يستحق أن يعيش. إذا أردت فعلاً أن تمنح معنى لحياتك التعيسة، تعلّم أولاً أن تقبل وضعك وتتحمّل تبعاته.

Pages