رواية " النبوءة " ، تأليف محمد الطرزي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة
قراءة كتاب النبوءة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
التاريخ: 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 1095م المكان: مدينة كليرمونت الفرنسية
كان قيصر الروم البيزنطي مثله مثل ملوك أوروبا.. قد بعث بالعديد من الرسائل إلى البابا يحثه فيها على إعلان الجهاد المقدّس ضد مسلمي الشرق.. فبعد احتلال أنطاكيا ونيقية من قبل المسلمين الأتراك (السلاجقة) غدت قسطنطينية عاصمة بيزنطية على مسافة يومين من قلاع المسلمين.. وهو خطر حقيقي لم يسبق للأمبراطورية أن عرفته من قبل. وكانت قوة السلاجقة قد تنامت في الآونة الأخيرة بشكل مثير للدهشة.. فخلال فترة وجيزة نسبياً تمكنوا من الاستيلاء على كل المدن البيزنطية في آسيا الصغرى والسيطرة على الممالك العربية من حلب حتى الموصل.. جاعلين من الخليفة العباسي في بغداد مجرد دمية سلطته لا تتجاوز حدود سريره.. أما ملوك أوروبا فقد رأوا الوجود الإسلامي في الأندلس تهديداً دائماً ومباشراً لهم. وإذا كان ملك ليون قد انتصر منذ عشر سنوات على المسلمين في إسبانيا مستعيداً بذلك مدينة طليطلة فإن ذلك قد شجع سائر ملوك أوروبا على الطلب من البابا توحيدهم للقتال ضد مسلمي الشرق..
لكن البابا الذي كان يبارك القتال ضد المسلمين في إسبانيا، كان دائم القول بأن الوقت ليس ملائماً للتوجه شرقاً..
فهل أتى اليومَ الوقت الملائم؟
يفاجئ البابا الملوك والرعايا في27 تشرين الثاني (نوفمبر) 1095م بإعلانه من مدينة كليرمونت الفرنسية حملة جنود المسيح لتحرير المدائن المقدّسة في الشرق.. واستعادة الصليب المقدّس من أيدي المسلمين.. وقد ألقى للمناسبة كلمة مؤثرة جاء فيها:
"أيها المؤمنون..
يدعونا الرب إلى أن نحب أعداءَنا وأن نغفر لهم جميع خطاياهم.. وهذا ما يجب علينا فعله في كل زمان ومكان.. لكن الربَّ في الوقت عينه طرد التجّار بقسوة من هيكله.. وهي إشارة رمزية تفيد بأنه لا مصالحة مع من يهتكون المقدّسات..
أما وقد هُدمت كنيسة القيامة في أورشليم على يد الخليفة الفاطمي..
وهتكت كرامة آخر وفد من الحجّاج الذين أُجبروا على اعتناق الإسلام..
أما وقد احتُلَّت المدن المسيحية كأنطاكيا.. وقونية.. ونيقية.. في آسيا الصغرى
واحتُلَّت أيضاً.. بلادنا في أوروبا.. وصولاً إلى جبال البيرينيه
لم أجد بداً أنا البابا أوربان الثاني من إعلان الحرب المقدّسة ضد المتسلّطين على كنائسنا وحجّاجنا العزَّل..
ولذا أعلن اليوم التعبئة العامة للقتال تحت راية الكنيسة.. وذلك لاسترجاع جميع الأراضي المسيحية المقدّسة من أنطاكيا حتى أورشليم.. ولاستعادة الصليب المقدّس الذي رفع عليه يوماً سيدنا يسوع..
المذنبون منكم.. سيجدون في أورشليم السماح والمغفرة.. والمرضى بينكم سيلقون المعجزة والشفاء.. أما الفرسان فيكفيهم مجدُ أن يكونوا جنوداً للمسيح..
ويبقى الصليب المقدّس.. الذي لم يعد من المقبول أن يظل أسيراً لديهم.. ولأهميته.. ستكرِّس الكنيسة من ينتزعه من أيدي المسلمين.. ويحضره إلى هنا كأسمى فارس عرفته المسيحية.."
يقف الكهنة والرهبان هاتفين بأعلى أصواتهم.. "فلتكن إرادة الرب.. فلتكن إرادة الرب.."
***