You are here

قراءة كتاب جنكيز خان الأنوثة والسيف

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
جنكيز خان الأنوثة والسيف

جنكيز خان الأنوثة والسيف

كتاب " جنكيز خان الأنوثة والسيف " ، تأليف نعيم عبد مهلهل ، والذي صدر عن دار نينوى للدراسات وا

تقييمك:
4.5
Average: 4.5 (2 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 8

ربما هي اللهجة المغولية الأولى. ربما لغةٌ لآلهةٍ مندثرةٍ. وكان غياب الشيخ في حماس القراءة ورهبتها يترك في المكان هيبة الإصغاء لحروفٍ لا نعرف كلماتها، ولكنها حتماً كانت تعني الأزمنة التي يفكر (أوقتاي) الوصول إليها وفهم خواطر ومشاعر الخان العظيم، إن كانت لديه فعلا مثل تلك الحواس؟

أترك نظرات (بردغاي) وأذهب إلى حيث معلومة أخرى، في هذه البقاع امتزج دم المغول والتتار معا، والبحث عن أصل يدخلك في إشكالياتٍ كثيرةٍ تخص الموروث والعرق والتقاليد، ورغم هذا تشعر بأنَّ الحضارة والتبدلات السياسية أعادت للبعض قدرة التفكير بأصوله العرقية بعدما كان العهد السوفيتي يتحاشى الخوض والتثقيف في هذا الأمر على أساس أنَّ الأممية لا تفرق بين عرقٍ وعرقٍ والإنسان واحدٌ في ظل النظرة الاشتراكية في التعامل مع الشعوب.

أُمسك قطعة الجلد، أتأملها بنظرةٍ عميقةٍ وأتخيل رموزها ورسومها وهي تتحرك وتكشف عن معانيها. فأرى دنيا تتسع مع خطواتِ خيولٍ قويةٍ ورجالٍ يعتمرون الجلود دروعاً لحروبٍ أراها تستعر في سيرهم العجول، أرى مدناً تلمع بلون (الكشان)، تحرق، وتنهب أسواقها، وتمارس فواحش شتى بجواري وحريم قصورها، أرى حاناتٍ تغرق بالغمر، وحقول كرم تدوسها الخيل ليجري من تحت سنابكها العصيرُ الأسود والدمُ الأحمر ممزوجين بشهوةٍ طاغيةٍ لقائد الجند وهو يبتسم بغموضٍ أمام توسلات حاكم (سمرقند) أن يدخل المدينة بسلام ولا يدمر إرثها.

يَهُزُّ القائد رأسه، ويدخل المدينة دون قتالٍ، ثم يأمرُ الجند ليفعلوا كل شيء.

يقول (بردغاي)، وهو يتأمل نظرتي العميقة لصحيفة الجلد:

كان أجدادنا قساةً، ليس لشهوة القتل فقط، بل إنَّ شهوة التدمير تَتَمَلَّكُهُم لأنهم لم يألفوا البناء والمدن المرتبة، وربما كانت فلسفة الخان تمتلك قصدها: التدمير والقسوة، تجعل العالم سهلاً كي يصل إليك.

لهذا سار المغول إلى العالم وهم يحملون جملتهم المأثورة في قلوبهم وعقولهم:

((السهم الذي يرميه المغولي من قوسه يصل إلى كبد الطائر وكبد السماء في وقت واحد))

يجلب انتباهي سهمٌ مرسومٌ في المدونة. أراقب اتجاه نبلته، فأراها مصوبةً صوب شمسٍ مشعةٍ، فأعرف أنَّ الضوء هو حلم المغولي، ولكنَّه الضوء الذي يُرِيْهِ النهار الجديد، النهار الذي يقرر فيه تحطيم الجّرَار، وأرائك الحانة، وكَرْم الحقل.

يسأل (أومتاي) شيخه عن سرِّ هذا.

فيجيب الشيخ: بأنّ الطبيعة النائية، تمنح ساكنيها غرابةً في المشاعر.

يحمل (أومتاي) عبارة الشيخ في ذاكرته ويفكر أن ينام لصباحٍ يرحل فيه من جديد...

Pages