كتاب " المجتمع المفتوح وأعداؤه - الجزء الأول " ، تأليف كارل بوبر، اصدار دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع ، نقرأ نبذة عن الكتاب :
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
كتاب " المجتمع المفتوح وأعداؤه - الجزء الأول " ، تأليف كارل بوبر، اصدار دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع ، نقرأ نبذة عن الكتاب :
ولكن لا يمكن لكتاب أن ينتهي على الإطلاق. فأثناء العمل فيه نتعلّم بما فيه الكفاية أنه في تلك اللحظة التي نقرّر فيها الانصراف عنه، نجده غير ناضج. وفيما يتعلق بنقدي لأفلاطون وماركس، فقد كانت هذه التجربة المحتَّمة أكثر إزعاجاً من المعتاد. ولكن معظم اقتراحاتي الإيجابية، وأهمها الشعور القوي بالتفاؤل الذي يعمُّ مجمل الكتاب، قد بدت لي أكثر فأكثر سذاجة مع مرور سنوات ما بعد الحرب. وبدأ صوتي يتردد صداه بالنسبة لي كما لو كان آتياً من الماضي السحيق - كصوت أحد المصلحين الاجتماعيين المفعَمين بالأمل من القرن الثامن عشر أو حتى القرن التاسع عشر.
بَيْدَ أن شعوري بالإحباط قد ولَّى، وسبب ذلك على الأرجح هو زيارتي للولايات المتحدة. ويغمرني الآن شعور بالسعادة، لأنني عند مراجعة الكتاب اكتفيت بإضافة مادة جديدة، وبتصويب بعض أخطاء في مضمونه وأسلوبه، وقاومت إغراء تعديل نبرته، ذلك لأنني أشعر بالأمل أكثر من أي وقت مضى، على الرغم من الوضع الدولي الراهن.
وإنني أرى الآن، بشكل أوضح من أي وقت مضى، أنه حتى أعظم متاعبنا قد تنشأ من شيء يدعو للإعجاب والاقتناع بقدر ما هو خطير - ألا وهو تلهّفنا لتحسين أحوال مواطنينا.. ذلك لأن تلك المتاعب إنما هي نتاج لما يمكن أن يكون أعظم الثورات الأخلاقية والروحية في التاريخ، وهي حركة بدأت منذ أكثر من ثلاثة قرون. إنها رغبة العديد والعديد من البشر المجهولين في تحرير أنفسهم وأذهانهم من هيمنة السلطة والأفكار المسبقة. إنها محاولاتهم لبناء مجتمع مفتوح بلفظ السلطة المطلقة لما هو قائم ولما هو تقليدي مع محاولة الحفاظ على، وتطوير، الموروثات القديمة والحديثة التي ترقى إلى مستويات الحرية والإنسانية والنقد العقلاني التي يرتضونها. إنها رفضهم التقاعس وترك المسؤولية الكاملة عن حُكم العالم إلى سلطة بشرية أو فوق بشرية، واستعدادهم لتحمل عبء المسؤولية والعمل على تفادي المعاناة. ولقد أدت هذه الثورة إلى خلق قوى تدميرية هائلة، ولكن قد يمكن السيطرة عليها.