حياة الكاتب :
يواكيم مبارك (1924-1995) علامة ومفكر لبناني تخصص بالعلوم الإسلامية والعربية. بُعَيد سيامته كاهناً سنة 1948، استقر مبارك في فرنسا حيث كرّس حياته ومجمل أعماله للحوار الإسلامي – المسيحي, للدفاع عن القضايا العربية خاصة منها الفلسطينية واللبنانية، لوحدة الكنائس وأخيراً لإعادة اكتشاف الإرث الأنطاكي للكنيسة المارونية.
•
وُلِد يواكيم مبارك في ١٦ آب (أغسطس) ١٩٢٨ في قرية كفرصغاب شمالي لبنان لعائلة مارونية لها تاريخها بخدمة الكنيسة. كان والده انطون وجداه لوالده يوسف ولامه نعمة الله سميا كهنة يخدمون الرعية في أحد اقدس الأماكن المسيحية في الشرق، الا وهو وادي قاديشا.
نشاته :
بعد اتمام علومه في اكليريكية غزير المارونية وفي جامعة القديس يوسف اليسوعية في بيروت، اُرسِل مبارك من قِبَل رؤوسائه إلى فرنسا لتكميل تحصيله الجامعي وذلك في تشرين الأول (اوكتوبر) ١٩٤٥. عندما انهى دراسته في اكليريكية سان سولبيس في باريس، عاد مبارك إلى لبنان ليُسام كاهناً في ٢٩ حزيران (يونيو) ١٩٤٧. ونظراً لتفوقه، اذن له البطريرك الماروني بالعودة إلى فرنسا لاكمال دراساته العليا في الجامعة الكاثوليكية في باريس. في تلك السنة، عُين خادماً لكنيسة سان سيفرين في الحي اللاتيني في باريس، حيث استمرّ بالخدمة لمدة ١٨ سنة.
حياته العلمية والعملية :
في سنة ١٩٥١، قدّم مبارك أولى اطروحاته لنيل الدكتوراه تحت موضوع "إبراهيم في القراَن الكريم". والتحق بعدها كباحث بالمركز الوطني للابحاث العلمية، وهو أكبر واعرق المراكز الفرنسية للابحاث.
من سنة ١٩٥٢ ولغاية ١٩٦٢، عمِل مبارك كامين سر للمستشرق الفرنسي الكبير لويس ماسينيون. في سنة ١٩٥٩، ابتدا رحلته التعليمية كاستاذ للغة العربية الكلاسيكية في الجامعة الكاثوليكية في باريس. استمر في التعليم لحين وفاته وقدّ درّس في عدة جامعات عريقة كالجامعة الكاثوليكية في لوفين ببلجيكا وجامعة السوربون في باريس وغيرها.
و قد شارك من سنة ١٩٦٢ لسنة ١٩٦٥ باعمال المجمع المسكوني الثاني في الفاتيكان وذلك ضمن الوفد اللبناني. بعد سنة ١٩٦٥، كرّس مبارك جهوده للحوار بين الأديان وللدفاع عن القضايا العربية الكبرى وخاصة القضيتين الفلسطينية واللبنانية.
بداءً من سنة ١٩٨٥، عمِل مبارك على اعادة اكتشاف الجذور السريانية للكنيسة المارونية. بين سنة ١٩٨٧ وسنة ١٩٩٢، عاد إلى لبنان وكُلِف بالتحضير لمجمع ماروني.
خلال تلك الفترة، وبالرغم من عمله المضني لتحضير المجمع وإضافةً لعدة مهام روحية وسياسية اُسنِدت اليه، اطلق مبارك مشروعين غاليين على قلبه:
• في ١٩٨٩، بدا باعادة اعمار دير السيدة مريم في قنوبين، شمالي لبنان. هذا الدير التاريخي كان المركز البطريركي الماروني من القرن الخامس عشر لغاية القرن الثامن عشر ميلادي.
• في ١٩٩٢، اطلق مبارك التعاونية اللبنانية للتطوير وهي مؤسسة تهتم بإعطاء القروض الصغيرة. وكان الهدف من إنشاء هذه المؤسسة تشجيع النازحين خلال الحرب اللبنانية (١٩٧٥-١٩٩٠) للعودة إلى قراهم واعمارها وللحد من الهجرة إلى خارج لبنان.
في سنة ١٩٩١، كان قرار من البابا يوحنا بولس الثاني بدعوة مجمع عام لكل الكنائس الكاثوليكية اللبنانية في روما. وبالتالي الغى ذلك جدوى مجمع يضم الموارنة وحدهم. في ١٩٩٢، عاد مجدداً مبارك إلى باريس ليكمل عمله الأكاديمي.
مماته:
توفي الاب مبارك في ٢٤ ايار (مايو) ١٩٩٥ في مونبلييه بفرنسا. وقد ووري الثرى في مدفن السيدة العذراء في جوار قرب باريس. في ٢٥ اب (أغسطس) ٢٠٠٨، نُقِلت رفاته إلى مسقط راسه في لبنان ودفنت في كنيسة القديس يوسف في مرح كفرصغاب. وقد جرى بتلك المناسبة قداس احتفالي في قرية كفرصغاب تراسه البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير وحضور وزير الثقافة طارق متري ممثلاً رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان وحشد من الاهل والاصدقاء
مشاركات المستخدمين