كتاب " تقنيات السرد الروائي في ضوء المنهج البنيوي " ، تأليف د. يمنى العيد ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
يوماً بعد يوم نزداد، نحن طلاب المعرفة والباحثين عنها، قناعة بأهمية النقد باعتباره حواراً يبلور رؤية أخرى للعالم، ويؤهل الوعي لاستقبال التنوّع والاختلاف، مزوِّداً، بذلك، ثقافة الإنسان بما يثريها ويمدّها بالحياة.
لكن النقد بمفهومه هذا لا يعني، وليس له أن يعني، أن نتخلّى عن موقع لنا في هذا العالم يخوّلنا الحفاظ على هوية شخصيتنا، وعلى حضورٍ لهذه الشخصيّة فاعل وكريم.
إن البنيوية التي تهتمّ بالشكل، وتركّز على تحليل هيكل البنية، وتهمل من ثمَّ مسألة الموقع، قد أعلنت عن عدم كفايتها، وتراجعت خلف حاجة الإنسان لمعارف ومناهج تؤهله لدور حيوي وفاعل في محيطه. الأمر الذي أفضى إلى رفض مقولة موت المؤلف ونهاية التاريخ، وتحويل النص إلى جثة؛ كما استدعى عودة النقد، في معظمه، إلى المعنى، ولكن من باب الشكل، باعتبار الشكل دالاَّ، وباعتبار متعة القراءة المنوطة بفنية الشكل تواصلاً.
لذا، فإن دراسة تقنيات السرد تبقى دراسة ضرورية لكل بحث نقديّ يعيد النظر في مفهوم الشكل ليمارس قراءة النصوص، أو ليؤِّولها مستهدفاً المعنى في جسده اللغوي وبنائه الفني.
إن إيماني بأهمية المعرفة في مطلق الأحوال، واعتقادي بأن التزوّد بمعارف تخصّ تقنيات السرد ووظائفها يشكل حاجة لكل دراسة نقدية للأعمال الروائية، هما وراء إقبالي على اصدار هذه الطبعة الثانية من هذا الكتاب.
ولا أعدو الحقيقة إذا قلت بأن التزوّد بهذه المعارف لا يحدّد منهجاً شكلياً يُفرض على الباحث، أو يعيقه، لو سعى، عن بلورة منهج يُعنى بالدلالات والمعاني، ويوافق غايةً للدراسة، أو غرضاً للبحث يتجاوز وظائف البنية إلى دلالاتها المولَّدة ومعانيها المضمرة.
ولئن كان هذا الكتاب قد كتب أصلاً بهدف معرفي، فإني أجد نفسي، في نهاية هذا التقديم الموجز، مدفوعة إلى مدّ يدي لأشدَّ بها على يد كل طالب معرفة، وبشكل خاص على أيدي طلاب الجامعات، جميعهم، علّهم يتابعون هذا المشوار، معنا، أو بدوننا، وبعدنا، أياً كانت عوائقه ومهما بلغت صعوباته.
مشاركات المستخدمين