في إصداره الجديد «كتاب الخزامى» يدهش مكاوي من يقصّون اثر شعره، فيرسم لوحات من الإحساس الذي يتجاوز كل مفاتن القصيدة الومضة :» الخطيئة تتبعني.. كظلالي.. وتقضم غيم يداي.. وتمحو غلالي.».
يذهب مكاوي في فضاء رحب، يلاحق مشروعا كالحلم يزهر كلما غاب في قصائد ينسجها من غلال الغياب، وصناديق الحزن : « أيها العمر تمضي..دون أن أكمل دورة الحزن فيّ..أيها العمر تمضي مثل طعم الشتاء..على معطف السرو..وحين يمر عاشقان على مفرق الشيب ..ابكي..فرحا.. أو من الذكريات تعذبني..تطعنني.. بالغناء الحزين .. أيها العمر.».
يتعامل مكاوي ببساطة مدهشة مع النغم والموسيقى التي تبدو غير واضحة او قد انفلت من عقالها، فتعتقد انك للحظة ما انك امام شاعر لا يهتم بهذه الجماليات او الفنيات التي يلهث خلفها الشعراء كي يقنعوا قراءهم بشعرهم، ولكنه وسط هذه البساطة النادرة يكشف عن رؤية معقدة تحتوي على حس أصيل بالتناقض الجوهري في هذا العالم، فتضج تناقضات الغربة، الحب والكراهية، والنور والظلام، والعقل والجنون، والحياة والموت، وهو يمتلك هذا الحس الإنساني المرهف الذي يوحي بتكوين أخلاقي يرتكز على أسس فلسفية، ولكنه أيضا يتمرد على المواضعات، بل يكسر صلابة الرؤية التقليدية، ليضع رؤيته الخاصة للأشياء.
مشاركات المستخدمين