أنت هنا
نظرة عامة
قبائل العرب تفاضلت فيما بينها بناءً على معايير أخلاقية كانت قد ارتضتها، فكانت تتفاضل بالمروءة وبكل عناوينها من شجاعة وكرم وحماية جار وحلم وإباء وصدق وما إلى ذلك. هذا التفاضل كان في حقيقته شكلاً من أشكال التحدي، وقد يكون التحدي داخل القبيلة الواحدة فيتبارى أفرادها ليبرزون أنفسهم فيشتهر فرد من أفرادها بخلق يصير هذا الخلق مثالاً يُحتذى في قبيلته، وقد تطير شهرته إلى بقية العرب وربما وجد مثال آخر في قبيلة أخرى بنفس المواصفات أو قريباً منها. وقد يكون التحدي أوسع نطاقاً وأبعد مدى فيكون تحدياً قبلياً، تتنافس به القبائل وكل تحاول أن تعتلي ذروة موضوع التحدي. وتحت هذا المفهوم يمكن أن تفسر الصراعات القبلية التي كانت سائدة قبل الإسلام.
ولما جاء الإسلام ألقى على العرب مسؤولية حمل الرسالة ومسؤولية تبليغها للأمم الأخرى. فكان العرب مبشَّرين ومبشِّرين. هذا يعني كونهم عرباً قد رتب عليهم مسؤولية لا ينهض بها سواهم. الوحي نزل بلسانهم وعليهم نقل هذه الرسالة وفق قواعد لسانهم للأمم الأخرى التي لها ألسنتها المختلفة والخاصة بها.
أمام هذا التحدي نهض رجل من بني كنانة نيابة عن العرب جميعاً، فاستقرأ لغتهم، واستنبط ضوابطاً لها، فحمى الإسلام بأن رسم نحو العربية، هذا الرجل هو أبو الأسود الدؤلي رأس المدرسة البصرية وأبوها. وليس هذا كل ما فعله أبو الأسود بل إنه رسم علامات الإعراب.
وعلى خطى أبي الأسود يخطو نصر بن عاصم الليثي الكناني فيعطي رسم الحرف العربي شكله النهائي وذلك بتنقيط الحروف لتمييزها، فسهّل قراءة الحروف وأزال اللبس.
ورجل ثالث ومن قبيلة كنانة أيضاً وهو الليث الجندعي الليثي قيل أنه أتمّ كتاب العين المنسوب للفراهيدي، وقيل إنه هو واضعه.
هل هي محض صدفة أن يكون هؤلاء الرجال من قبيلة كنانة وأن يكونوا غيارى سابقين في الذود عن العرب وحفظهم بحفظ لغتهم؟ إن قبيلة هذا شأنها، يحمل رجالها العبء عن كل العرب، إضافة لشرفها في مضر – حق لها أن يحفظ تراثها ولو بمختصر.ا عبر أبو الأسود الدؤلي ونصر بن عاصم الليثي بالعرب جميعاً بحر الظلمة ومحنة اللسان فكسبت أمة العرب على يديهما أصعب تحدي.
مشاركات المستخدمين